القاهرة (الاتحاد)
تكونت دولة المرابطين من عدة قبائل أشهرها قبيلة صنهاجة، ويرى بعض المؤرخين أن أصلهم يمانيون، واشتهرت صنهاجة باسم الملثمين، ثم عُرفوا بالمرابطين الذين سكنوا الصحراء، ثم توزعوا حول الواحات بحثاً عن المياه، واعتمد نظام الحكم عندهم على اختيار الأمير وفق فقه الشورى، واستخدموا في عملتهم الدينار الذهبي.
تميزت بلاد المرابطين بثلاث طرق جعلت منها الممر الوحيد الذي تسلكه القوافل بين الأندلس وأواسط أفريقيا، الأول الساحلي على المحيط الأطلسي وينطلق من أغادير ماراً بنواكشوط حتى مصب نهر السنغال، والثاني الممتد من أواسط المغرب إلى قلب الصحراء، حيث بلدان مالي، والطريق الصحراوي من السودان الغربي إلى أواسط الصحراء شرقاً.
توحدت مدن المرابطين وتوسعوا في دولتهم التي شملت أجزاء شاسعة من شمال أفريقيا وضربت جذورها في الصحراء حتى نهر النيجر والسنغال، وحرصوا على امتدادها فكونوا جيشاً ضخماً وساروا نحو المغرب الشمالي ودخلوا مدينة فاس، وغزوا الدمنة وفتحوا جبل علودان في بلاد طنجة، ثم اتجهوا إلى وهران وتنس والشلف، وفي العام 476 هـ حاصروا سبتة وفتحوها بعد انتصارهم في معركة بحرية طاحنة واتخذوها حصناً لهم في الأندلس التي تم توحيدها وأعادوا مكانتها.
سقطت قرطبة في يد المرابطين في العام 484 هـ بعد مقاومة عنيفة ووصلوا ضواحي طليطلة واستولوا على قلعة رباح، وضربوا الحصار على إشبيلية وحرروها، بعدها تزعزعت باقي المدن والحصون وأصبحت غرناطة ومالقة وجيان والمرية تحت حكمهم، وتمكنوا من تحرير بلنسية واستمروا في فتح حصون وقلاع حتى دانت لهم إسبانيا.
تركت دولة المرابطين آثاراً معمارية بارزة، دلالة على سمو حضارتهم المعمارية، ومنها جامع القرويين ومسجد الجامع بتلمسان، وأسوار مراكش والمرية وقرطبة، ومن أشهر قلاعهم منتقوط وتاسغيموت شرق مراكش.
ازدهرت حركتهم بالشعر والأدب وشهد عصرهم الكثيرين في الفن الشعري، وكذلك علوم اللغة في النحو والقراءات والآداب منهم، أبو العباس أحمد بن عبد الجليل، وعبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي النحوي، وقام المرابطون بتطوير ديوان الرسائل وجلبوا له كتاباً في غاية البلاغة ودقة الأسلوب وجمال التعبير، ومن أشهرهم أبو زكريا بن يحيى الغرناطي المعروف بابن الصيرفي وابن علقمة، ومحمد بن سليمان الكلاعي، وتقدم المرابطون في العلوم الطبية والصيدلانية والعلوم الطبيعية والكيميائية، وشهد عصرهم أسماء وأعلام تألقت في حضارة الأندلس والمغرب وأشهرها ابن زهر، وأبو عامر محمد بن عامر البلوي.
ولعبت دولتهم دوراً ريادياً في حركة التجارة بين أفريقيا الغربية وبلاد المغرب والأندلس وكونت حلقة اتصال ناجحة ومثمرة، حيث كثرت الأسواق التجارية وأشهرها أوغشت، وأغمات وأسيلا.