أحمد مراد (القاهرة)
أَمة بنت خالد بن سعيد بن العاص، كان أبوها من الصحابة والسابقين إلى الإسلام، هاجر إلى الحبشة مع أمها أمينة بنت خلف، حين اشتد الأذى على المؤمنين في مكة، وهُناك ولدت أَمة وأخوها سعيد، فتحت عينيها على الإسلام، وانتقلوا إلى المدينة المنورة سنة 7 هجرية.
عندما قدمت أمة بنت خالد مع أبيها وأمها وأخيها من أرض الحبشة إلى المدينة المنورة، اصطحبها أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد دعا له بطول العمر، وأطلق عليها لقب «أم خالد» نسبة لأسم أبيها خالد بن سعيد.
تقول: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وعليَّ قَميص أصفر، فقال رسول الله: «سنا سنا»، وهي كلمة بالحبشية تعني «حسن وجميل»، وقالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فامتعض أبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعها»، ثم قال لها رسول الله: «أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي»، «وهو كلام معروف عند العرب معناه الدعاء بطول البقاء».
وفي رواية، أُتي بأمة بنت خالد، وهي جويرية صغيرة السن، تُحمل إلى رسول الله، تقول: إنه أُوتي إلى رسول الله بثياب فكان منها خميصة سوداء - كساء من خز أو صوف أسود - فقال لأصحابه: «من ترون نكسُ هذه؟»، «أي نكسوها بهذا الثياب»، فسكت القوم ولم يتكلموا، فقال صلى الله عليه وسلم: ائتوني بـأم خالد، فجيء بها تُحمل، وكانت جويرية صغيرة، فأعطاها الثوب وألبسها إياه بيده الشريفة، وكان في الثوب أعلام - أي خطوط - فجعل صلى الله عليه وسلم يشير إلى أعلامه بيده وينظر إليها، ويقول: سنا يا أم خالد، سنا يا أم خالد - أي هذا حسن، هذا جميل - وذلك حتى تفرح بالثوب وتسر به.
وكانت أمة بنت خالد ممن أقرأ النبي صلى الله عليه وسلم السلام من ملك الحبشة النجاشي، فقالت: سمعت النجاشي يوم خرجنا يقول لأصحاب السفينتين: أقرئوا جميعاً رسول الله مني السلام، قالت: وكنت فيمن أقرأ رسول الله من النجاشي السلام.
اقتربت أمة بنت خالد كثيراً من النبي، وكانت إحدى تلميذات مدرسة النبوة، وقد روت عنه صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث، منها أنها قالت: «سمعت رسول الله يستعيذ من عذاب القبر».
تزوجت أمة بنت خالد من الزبير بن العوام، أحد المبشرين بالجنة، وولدت له عمراً وخالداً، وببركة دعاء النبي، عاشت طويلاً، حتى قيل: لم تعِش امرأة من الصحابة ما عاشت أم خالد، وقد ذكر الذهبي في كتابه سير النبلاء: «أنها عمّرت إلى قريب من عام تسعين هجرية».