23 مايو 2010 21:40
فيما تواصل شركة “آبل” العمل على اختراع الأجهزة الرقمية المتقدمة مثل الموبايل “آي فون” والكمبيوتر اللوحي “آي باد” بالإضافة لبضعة آلاف من البرامج التطبيقية أو الوظائف اللازمة لتشغيلها، فإن منافستها “جوجل” تسجّل اختراقات كبرى على جبهات متعددة أخرى، وصفت بأنها ذات تأثيرات اجتماعية واقتصادية هائلة.
لقد أعلنت مؤخراً عن مشروع جديد لتحقيق فكرة الاتصال المجاني عبر الإنترنت بالصوت والصورة وبنفس طريقة التراسل النصّي التي تتيحها الآن لمستخدميها. وسجلت يوم الثلاثاء الماضي قفزة جديدة في سبيل تحقيق هذا الهدف عندما عمدت إلى الاستحواذ على شركة “جلوبال آي بي سوليوشنز” مقابل 68.2 مليون دولار، وهي شركة نرويجية متخصصة بتطوير تكنولوجيا مؤتمرات الفيديو المحمولة على شبكة الإنترنت وبعض التقنيات ذات العلاقة بالاتصال الهاتفي عبر الشبكة.
ويقول محللون إن هذه الصفقة ليست إلا جزءاً من الجهود التي تبذلها “جوجل” بهدف التحوّل إلى شركة رائدة عالمياً في خدمات الهاتف المرئي المحمول على مواقعها. وهي تعمل الآن على إتاحة هذه الخدمة للأشخاص والشركات وكافة المؤسسات الخدمية والصناعية من دون استثناء.
ومن الجدير بالتذكير أن خدمات جوجل الهاتفية الصوتية متوفرة حالياً بعد إطلاق برنامج تطبيقي يدعى “جوجل فويس” Google Voice أو “صوت جوجل”، إلا أن هذه الخدمة تقتصر على تصنيف المكالمات والأرقام التي يكون قد أجراها المستخدم على هاتفه المحمول بعد أن يتم نقل البيانات من بطاقة الجهاز. وهذا يعني أن الشركة لم تتمكن حتى الآن من توفير خدمة الاتصال الهاتفية الحقيقية على مواقعها. وهناك شركات سباقة لتقديم هذه الخدمة مثل “فيريزون” و”إيه تي أند تي”.
وأصبح من المعروف الآن أن أي مبادرة من جوجل لتقديم خدمة جديدة، تدفع الشركات المنافسة مثل مايكروسوفت وآبل إلى اللحاق بها. ولا يشك الخبراء في أن هذا التنافس الذي يتميز بإيقاعه القوي، يصمّ آذان الشركات الصغيرة مثل “سكايب” التي تفتخر بأنها سباقة إلى طرح تكنولوجيا التخابر الهاتفي عن طريق موقعها الشهير “سكايب دوت كوم” منذ بضع سنوات.
ويعمل الآن خبراء “جوجل” في مجال آخر أكثر تعقيداً حيث يقومون بتطوير ما يعرف باسم “البرنامج التطبيقي لتمييز الوجوه” Face recognition software بالرغم من أنها أعلنت عن أنها تتريّث في تطويره بسبب انتقادات حادة له طلع بها دعاة حماية الخصوصية الشخصية. ويذكر أن دوائر الشرطة وحرس الحدود تستخدم تكنولوجيا مشابهة إلا أنها أقل تطوراً للتعرف على المجرمين ومسح جوازات السفر للتحقق من هويات أصحابها.
وكانت “تقنية تمييز الوجوه” سجلت بداياتها الأولى عندما عمدت شركة “جوجل” إلى استخدامها في موقع “جوجل بيكاسا” لتصنيف وأرشفة الصور. إلا أن التطور الحاسم في هذا المجال جاء من شركتي “بولار روز” و”آستونيشينج ترايب” اللتين كشفتا النقاب عن برنامج تطبيقي يسمح لمستخدم “الموبايل” بالتقاط صور لشخص معين بواسطة الكاميرا ثم البحث عن صوره الأخرى المسجلة على مواقع الإنترنت اعتماداً على الخصائص والمقاييس الهندسية لوجهه، أو استخراج سيرته الذاتية من محركات البحث استناداً إلى صورته. ولقد اعتاد الناس على البحث عن صورة شخص من خلال إدراج اسمه في خانة الحوار لمحركات البحث الشهيرة مثل “جوجل” و”ياهو”، إلا أن من الصعب بناء البرنامج التطبيقي الذي يمكنه أن يفعل العكس، أي أن يكون مبرمجاً للعثور على اسم الشخص بعد تحميل صورته على محرك البحث.
ويقول كارل سيلبيرسكي الرئيس التنفيذي لشركة بولار روز: “لا توجد ثمّة شركة واحدة غير مهتمة بهذا الاكتشاف. وهناك الآن ما يزيد عن 800 مليون من أجهزة الهاتف المحمول المجهّزة بالكاميرات المنتشرة في دول العالم بالرغم من أن الغالبية العظمى من أصحابها لا يستعملون هذه الكاميرات أبداً. وتعمل شركات تشغيل خدمات الموبايل الآن على تشجيع الناس على استخدامها”.
ودخلت شركة “بولار روز” مؤخراً بمفاوضات مع العديد من شركات تشغيل خدمات الموبايل لبيعها حقوق استثمار تكنولوجيا تمييز الوجوه إلا أن مصادرها رفضت تسمية تلك الشركات.
وفي كل مرّة يتم فيها تسجيل مثل هذه التطورات التي تتعلق بالأمور الشخصية، تهبّ الجمعيات المدافعة عن الخصوصية لتعارض هذه التوجهات. وأصبحت شركة “جوجل” تخوض جولات لا نهاية لها من النزاعات القانونية بسبب برامجها التطبيقية التي تصور الشوارع والأبنية وحتى عابري الطرق وخاصة منها برنامج “ستريت فيو” الذي يثير الكثير من الضجيج في الأوساط الاجتماعية والسياسية العالمية.
والآن يأتي برنامج تمييز الوجوه ليثير المزيد من المخاوف نظراً لقدرته الخارقة على كشف الأسرار الشخصية لأي إنسان بمجرّد التقاط صورة له بكاميرا الموبايل.
عن صحيفة “فاينانشيال تايمز”
ومجلة “فوربس”
المصدر: أبوظبي