أحمد البنك (بنغازي)
يرى خبراء أن الجولة الأوروبية التي قام بها رئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج فشلت في حشد الدعم الدولي لحكومته، وتحفظ الزعماء الأوروبيون خلال لقائهم مع رئيس حكومة الوفاق عن إبداء الدعم للسراج.
والتقى السراج زعماء فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موجرينى، سعياً لعرقلة عملية الجيش الليبي في طرابلس وشرعنة حكومة الوفاق الوطني، وطرح نفسه كممثل للمشروع السياسي في البلاد واشتراطه تغيير ممثلي المنطقة الشرقية في أي عملية سياسية مستقبلية. ويرى مراقبون أن ضعف حكومة الوفاق في أداء مهامها وتحالفها مع تشكيلات مسلحة وجماعات متطرفة أثار تخوف الدول الغربية المعنية بالأوضاع في ليبيا، فضلاً عن الدعم الأميركى للقيادة العامة للجيش الليبي لحسم معركة طرابلس والقضاء على المتطرفين.
وتشابهت البيانات الصادرة عن المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي حول لقاء السراج مع الزعماء الأوروبيين والتي تضمنت تأكيدات على دعم الزعماء الأوروبيين لحكومة الوفاق من دون الإشارة لملاحظات زعماء تلك الدول في تقييم سلوك الميليشيات المسلحة في طرابلس، وأهمية القضاء على التنظيمات المتطرفة.
وقال عضو مجلس النواب الليبي علي التكبالي إن الحكومات الأوروبية دأبت على المراهنة على فائز السراج كحل وسط لتهدئة الأوضاع في ليبيا بناء على نصيحة من إيطاليا وتشجيع بريطاني، لافتاً إلى دور بعض الشخصيات «الإخوانية» النافذة في دفع البعثة الأممية في ليبيا لدعم السراج.
وأكد البرلماني الليبي في تصريحات خاصة للاتحاد رغبة الدول الأوروبية في تحقيق مصالحها الخاصة من دون التعمق في فهم المسألة الليبية أساساً، منتقداً عدم تحرك الأوروبيين للجم الميليشيات المسلحة المدعومة ممن وصفهم بـ«المتأسلمين الانتهازيين»، فضلاً عن تغافل الدول الأوروبية عن العامل الجغرافي والقبلي والثقافي.
وأشار النائب علي التكبالي إلى رهان الدول الأوروبية على حاكم عسكري قوي في ليبيا لكونه الحل الأمثل مع الحفاظ على الدولة المدنية الحديثة، وذلك بعد فشل السراج الذي تبنته الدول الأوروبية في تحقيق أي إنجاز في البلاد.
وأكد البرلماني الليبي إدراك الدول الأوروبية لضعف فائز السراج وتغول الميليشيات المسلحة وتدخلها في كل شؤون الدولة الليبية، هو ما سيطيح بكل آمال تلك الدول التي اتجهت لمهادنة القوى الوليدة فهي تعلم أن الشعب الليبي سيخرج لا محالة إلى الشوارع بسبب سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية ومدى التردي والانحطاط الذي أصاب الدولة الليبية، على حد قوله.
واتهم التكبالي الدول الأوروبية بتجاوز القانون والمنطقة وفرض حلول هشة لا ترضي الشعب الليبي، منتقداً إسهام رؤية هذه الدول التي دعمت السراج في انتشار الفساد والسرقة وإضعاف الجهات الرقابية المتمثلة في البرلمان والرقابة الإدارية وديوان المحاسبة، ما سهل لمحافظ مصرف ليبيا المركزي في طرابلس وحلفائه وللمجلس الرئاسي التعدي على حقوق الليبيين واستثماراتهم ومقدراتهم، مضيفاً «النتيجة كانت كارثية، ولم تفق هذه الدول من نومها المصطنع إلا بعد تأكدها أن الرجل الضعيف الذي أتت به آيل إلى السقوط حتماً». ولفت التكبالي إلى خروج قوى ليبية من الرأي العام والجيش الوطني لإنقاذ البلاد من النهب والفساد والإرهاب، مؤكداً إصرار هذه القوى على التخلص ممن وصفه بـ«الإرث الإيطالي-البريطاني» ولو كلفها ذلك الحرب الأهلية. ويرى مراقبون أن جولة السراج الأوروبية كانت تهدف بالأساس إلى دفاع الأخير عن تحالفه مع الميليشيات المسلحة، ما أدى لانقلاب عدد كبير من العواصم الأوروبية على التحالف مع الميليشيات مثل ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، وذلك بسبب فشله في مشروعه السياسي وإصراره على انسحاب الجيش الليبي وعرقلة عملية تحرير طرابلس.
وتنادي الدول الأوروبية بوقف إطلاق نار في العاصمة طرابلس من منطلق إنساني وليس دعماً لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، وتدعم التحركات الأممية لحل الأزمة في ليبيا، وليس دعماً للمجلس الرئاسي. وتدعم الولايات المتحدة الأميركية الجيش الليبي في عملية تحرير طرابلس من الميليشيات المسلحة والمتطرفين، وذلك في ظل زيادة أعداد الداعمين للجيش داخل العاصمة الليبية في الشرائح العمرية فوق الأربعين والقواعد الشبابية، ووجود حاضنة اجتماعية كبيرة في المدن الليبية كافة خلافاً للسراج الذي يعتمد على كيانات وهمية تسيطر عليها جماعة «الإخوان» وتنظيم «القاعدة».