السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المسرح السعودي·· مولود مأزوم

المسرح السعودي·· مولود مأزوم
9 يوليو 2008 23:52
المسرح أبو الفنون'' ظلت هذه العبارة تشير إلى أهمية المسرح على مدى الأزمنة وليست أهميته الفنية فقط بل ومايمنحه من تنوع وثراء مؤثر على المتلقي·· في المسرح العربي ظهرت مسرحيات عديدة وتجارب مهمة من منتصف القرن التاسع عشر، وتفاوتت تلك التجارب من حيث اسهامها في تطور المسرح العرب وتكوين اتجاهاته ومدارسه·· وفي السعودية كان أول اقتراح لعرض مسرحي يعود إلى العام 1960 وهو تأريخ متأخر، كان ذلك العرض هو ''فتح مكة'' الذي كتبه محمد مليباري· وكان من المفترض أن تعرض هذه المسرحية على بعض المسارح إلا أن معوقات كثيرة وقفت ضدها· ثم تلتها مسرحية ''طبيب بالمشعاب'' عام 1973 وهي عبارة عن نص لموليير أخرجه ابراهيم الحمدان· وهذا لايعني أنه لم تصدر بعض الكتب المسرحية منها على سبيل المثال مسرحية لحسين سراج اسمها ''الظالم نفسه'' عام ·1932 استمر المسرح السعودي إلى اليوم من خلال ما تقدمه جمعيات الثقافة والفنون وغيرها من المؤسسات الفنية والمهرجانات، ومع هذا الحراك البطيء نسبيا بقيت هناك اشكالات في المسرح السعودي كغياب المرأة، ورفض فكرة المسرح من قبل بعض التيارات بالإضافة إلى أزمة النص المسرحي وغياب النقد المحترف·· حول إشكاليات المسرح السعودي يتحدث بعض المهتمين، محللين مكامن الأزمة ومشيرين إلى التطلعات· الابن الضال يقول الممثل والمسرحي ورئيس جمعية الثقافة والفنون عبدالعزيز السماعيل: الحديث عن المسرح السعودي يشبه كثيرا في اعتقادي الحديث عن الابن الضال الذي كبر وتميزت ملامحه لكنه ضل تائها حائرا الى أين يذهب ولمن ينتمي؟··· واظن ان المسرح الخليجي باستثاء الكويت يتشابه في هذه الصورة كثيرا· وعدم الاستقرار في صورة وواقع المسرح السعودي آتية من خلل البنية التحتية التي عنيت بالمسرح، فهي ضعيفة جدا منذ بدايتها، غير قادرة بامكاناتها المتواضعة ان تمنح المسرح السعودي حياة طبيعية وبالتالي تطور ملائم يليق بمكانة السعودية ولا حتى بتاريخ المسرح او على الاقل بالجهود الكبيرة التي بذلها المبدعون السعوديون في هذا المجال منذ أربعين سنة··· فعدم وجود مؤسسات متخصصة ومقرات دائمة إضافة إلى غياب مباني المسرح الدائمة لتقديم العروض والتدريبات وتشريع القوانين والأنظمة التي تحمي الفنان المسرحي وتنظم عمله، وغياب التخصص الأكاديمي ـ وهو ما يعتبر قاعدة ضرورية لبناء أية ثقافة فنية ـ غياب ذلك كله أحدث ما يمكن ان نسميه ارتباك شديد للحركة الفنية في المملكة ولم يسمح لها بالتطور بشكل طبيعي··· كما ان ذلك اثر سلبا على الفنان المسرحي نفسه الذي آثر الابتعاد او التنازل عن أحلامه محبطا من هذا الوضع· مسرح ذكوري ويرى عباس الحايك وهو كاتب مسرحي: ''إن المسرح السعودي مسرح ذكوري، وهذه هي الصورة التي باتت معروفة عنه في الخارج، ففكرة مشاركة المرأة مسرحياً مرفوضة اجتماعياً، وهذا ما يجعلها تحضر كصوت في المسرح السعودي أو كطيف، لكن المرأة السعودية استطاعت الدخول إلى المسرح من بوابة المسرح النسائي، ووجدت فيه متسعاً من الحرية لمناقشة قضاياها، فأسست فرقاً قدمت من خلالها عروضاً جماهيرية (الحضور نسائي فقط)، وكانت أولى هذه العروض ''أخيرا عادوا''، وتوالت بعدها المسرحيات النسائية، إضافة لوجود فرق مسرحية جامعية كفرقة ''فيض المحبة'' التي تشرف عليها الدكتورة إيمان تونسي والتي تقدم كلاسيكيات المسرح العالمي وباللغة الانجليزية، وهذا خلاف ما كان يقدم من مسرحيات نسائية خارج إطار الرسمية''· من جهته يرى الممثل فهد ردة الحارثي، وهو أحد المهتمين بالمسرح السعودي، أن للاعلام دورا كبيرا لكنه غُيب وبالتالي ظل هذا الدور يعمل في فراغات الهامش التي يقدم فيها نفسه، ولعلنا نلاحظ أعمالا تنويرية حظيت بشهرة واسعة بسبب تسليط الإعلام الضوء عليها· ويضيف: غاب دور المؤسسة الثقافية عن دعم هذا المسرح وتخلت عنه لصالح مؤسسات ربحية استهلاكية فرضت شروطها على العمل المسرحي لتحوله كائنا مسخا يقدم ما يرضي الجمهور ويسحب مافي جيوبهم، ومن جهة ثالثة تداخلت وسائط كثيرة في عملية التنوير كانت أسرع وصولاً وأقدر على خلق الحالة التنويرية بشقها السلبي والايجابي، ومع كل ذلك لايزال للمسرح دوره الذي لم ولن يغيب بسبب قدرة هذا المسرح على صنع حالته وعلى مقاومة الحالة التي تفرض عليه· يتامى ومساكين ويرى الممثل والمسرحي ابراهيم الحساوي: إن المسرحيين كاليتامى والمساكين حتى بعد إنشاء جمعية خاصة بالمسرح، وإن الأنشطة موجودة لكن لايوجد حافز حقيقي، وهذا مايتفق معه فيه عبدالعزيز السماعيل الذي يرى أنه بشكل عام لم تستطع حركة المسرح السعودي خلال الثلاثين سنة الماضية ان تترك اثرا مهما في وجدان المجتمع السعودي او في ثقافته، بل ان الضغوط التي مارسها الفكر المتطرف في المملكة على المسرح والمسرحيين شوه فكرة المسرح والفن عموما في اذهان كثير من المواطنين، واصبح من الصعب تداركها او تغييرها من دون دعم كبير وواضح من الدولة للفن المسرحي· وحول دور المهرجانات يرى عباس الحايك أن المهرجانات كانت تهدف إلى ترسيخ المسرح في الوجدان الشعبي إلا أن العروض لم تتمكن من تغيير نمط التلقي، وتجتذب إليها شرائح اجتماعية خارج إطار المهتمين والمشتغلين بالمسرح، فالعروض التجريبية (والتي سادت في المهرجانات) تحتاج إلى جمهور يمتلك الثقافة ليكون قادراً على التواصل معها· ويتفق فهد ردة الحارثي مع مارآه ابراهيم السماعيل من أن المسرح مشروع دولة، بحاجة إلى دعم الدولة في بناء الهيكل الأساسي من مباني ومستلزمات لايستطيع المسرحي الفرد أن يقوم بها، كما أنه بحاجة إلى الدعم الكافي ومنحه الحرية الكاملة حتى يقوم صحيحاً نشطاً فاعلاً، أما جهود الأفراد فهي جهود مهمة في تبني المشاريع ذات القيمة الفنية والفكرية، وكما أننا نقول إنه لاغني لنا عن جهود الدولة فكذلك لاغني للمسرح عن جهود الأفراد، هي ببساطة عملية تكاملية يدعم فيها كل طرف الآخر· هل هناك أزمة نص؟ يجيب فهد ردة عن هذا السؤال بأنه لا توجد أزمة نص بل أزمة أشياء أخرى فكرية وفنية، شأنه في ذلك شأن المسرح العربي الذي أستطيع أن أقول إن مشاكله واحدة بإختلاف النسبة والتناسب· ويرى فهد الحوشاني الكاتب المسرحي ومدير مسرح الشباب في الرياض: إنه من الواضح أن هناك بعض الاشارات والتحركات والمحاولات الجادة التي تسعى لانفراج أزمة المسرح·· وهناك عدة استجابات تؤكد أنه في طريقه الى الشفاء من تلك الازمة·· احتياجات وحول ماذا قد يُقدم لاثراء المسرح السعودي وتطوره، يقول الكاتب المسرحي فهد الحوشاني: إن المسرح الان وبعد تشكيل جمعية المسرحيين والتي نتمنى ان تجد الدعم لتقوم بدورها كما هو متوقع منها وبعد اعادة المهرجان يتبقى أن نرى معهدا عاليا للفنون المسرحية، لنتجاوز مرحلة الاجتهادات التي قد تضر بالمسرح·
المصدر: الدمام
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©