7 سبتمبر 2009 01:46
رأى قائم مقام قضاء مخمور الكردي في محافظة نينوى شمالي العراق برزان سعيد كاكا أنه ليس أمامه خيار آخر سوى إعلان الاستقلال عن مجلس المحافظة الخاضع لهيمنة العرب بدعوى أن المسلحين والقتلة أصبحوا يخترقونه. كما يزعم الأكراد في المحافظة أنهم مستبعدون من مناصب قيادية ومن عمليات صنع القرار في مجلسها.
وقال كاكا لوكالة «رويترز» في بلدة مخمور «كنا نتمنى أن نرى عراقاً جديداً يعيش فيه كل العراقيين معاً ولكن هذا لا يحدث. فالمجلس الحاكم يهتم فقط بالعرب لا الأكراد وهو يؤيد تلك الجماعات التي تقتل أهلنا». وأضاف «لم يقر أبدا بأنهم إرهابيون. إنه يطلق عليهم اسم مقاومين ويرفض إدانتهم. نحن نستقيل من المجلس، فليس لنا فيه صوت». وأصبحت تلك الاتهامات شائعة في الأزمة المحتدمة بين السياسيين الأكراد والعرب في شمال العراق ذي المزيج العرقي، حيث أدت خلافات بسبب النفط والأرض إلى إثارة قلق المسؤولين مخاوف من أن تصبح سببا لحرب أهلية جديدة. وأثارت تصريحات مهينة عن الأكراد منسوبة إلى محافظ نينوى أثيل النجيفي استياء رؤساء بلديات 16 منطقة كردية حتى أنهم هددوا بالانفصال، بعدما ساعدت على فوز «قائمة الحدباء» العربية بزعامته بسهولة في انتخابات مجالس المحافظات آخر شهر يناير الماضي. وزادت عمليات المسلحين حدة التوتر، بينما يسعى تنظيم «القاعدة» وفصائل مسلحة مرتبطة به إلى إذكاء الصراع العرقي في الموصل عاصمة المحافظة آخر معقل متبق لهم في العراق. وأشعلت سلسلة من التفجيرات الكبيرة الشهر الماضي تبادل الاتهامات بين العرب والأكراد مما صعد النزاع وصب في مصلحة «القاعدة» وأعضاء في «حزب البعث» المنحل الحاكم سابقاً انضموا إلى المسلحين. والنجيفي نفسه عضو سابق في الحزب البعث ولكن مسلحين استهدفوا أعضاء في «قائمة الحدباء» وليس السياسيين الأكراد فقط. ونفى النجيفي صحة اتهامات بمحاباة العرب أو صلته بجماعات مسلحة وحذر من أنه سيحل أي مجلس محلي يحاول الانفصال عن المحافظة. كما اتهم الأكراد بإقصاء أنفسهم عن العملية السياسية في المحافظة. وقال لوكالة «رويترز» في الموصل «لا يوجد شيء من هذا القبيل. هذه الاتهامات والادعاءات غير صحيحة». وأضاف «تضم المحافظة تركماناً وقوميات أخرى غير عربية، لكن المشكلة هي أن الأكراد في قائمة نينوى المتآخية (القائمة الكردية) لا يتفاعلون معنا». وعندما اختار الناخبون «قائمة الحدباء» توقع دبلوماسيون أن يساعد ذلك على الحد من العنف من خلال منح العرب السنة صوتاً مسموعاً، بعدما كان الأكراد يهيمنون على مجلس المحافظة السابق لأن العرب السنة قاطعوا الانتخابات السابقة في عام 2005 وأصبحوا محرومين من حقوقهم. لكن العنف لم يتوقف وأصبحت التوترات بين الأكراد والعرب أسوأ من ذي قبل في أنحاء شمال العراق. واتسمت المناطق الكردية في نينوى بهدوء نسبي رغم تفجير انتحاري كبير في مخمور في شهر مايو عام 2007 أسفر عن مقتل 50 شخصاً وإصابة 70 آخرين بجروح. لكن السكان يخشون عودة العنف بسهولة. وقال كردي اسمه خضر الله وعمره 66 عاماً بينما مان يرتدي الزي التقليدي للأكراد ويجلس بجوار متجر متداعٍ في بلدة مخمور «أنا خائف للغاية. إذا لم يجدوا حلا سيكون هناك صراع عرقي». ويدعي الأكراد أحقيتهم في أراض متنازع عليها بامتداد الحدود بين المحافظة وإقليم كردستان شمالي العراق المتمتع بحكم ذاتيبينما ويرفض العرب فيها تلك المزاعم. ويمثل الاحتياطي الهائل من النفط في المنطقة محور النزاع الأوسع نطاقاً، إذ يُعتقد أن المناطق المتنازع عليها في محافظة كركوك المجاورة تحتوي على نحو 13 في المائة من الاحتياطي النفطي المؤكد في العراق بينما تنتج حالياً نحو خمس إنتاج البلاد من النفط. وهناك خلافات بين الحكومة العراقية الاتحادية في بغداد وحكومة كردستان الإقليمية بشأن صالحية إبرام عقود استخراج وبيع النفط. ولكن في خضم الحرب الكلامية بين السياسيين المنقسمين بشدة تبعا لانتماءات عرقية، يسهل نسيان أنه ليس كل العراقيين يريدون التحيز لأي جانب. وقال جندي متقاعد من العرب اسمه محمود سلمان وعمره 61 عاماً في مخمور «لا أعلم من المحق ونحن لا نريد المزيد من المشكلات. هذه البلدة تبدو وكأن زلزالا ضربها وتحتاج إلى خدمات أفضل، هذا هو ما يهمني».
المصدر: بغداد