الأحد 13 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 36 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الذئب الايرلندي والتجول في الازمة اللبنانية

10 سبتمبر 2005

بيروت - رفيق نصرالله:
كان من الصعب التسليم بأن المحقق الدولي ديتليف ميليس سيتمكن من الوصول الى الحقيقة الكاملة··هذا ما كان يردده كثيرون في لبنان بل وفي العالم نظراً لتجارب سابقة كانت توحي بأن احداثاً مشابهة ظلت مجهولة الحقائق ،لكن الذئب الايرلندي الذي تجول على طريقته في الازمة اللبنانية بدا انه وبعد الخامس من اغسطس الماضي انه يقترب من شيء ما فأبلغ الامين العام للامم المتحدة كوفي انان وجهات دولية اخرى على علاقة بالملف انه يقترب من المفاجأة التي ينتظرها كثيرون·
كانت ثمة معلومات بدأت تتسرب الى آل الحريري وبعض المراجع الخاصة بأن الرجل حصل على ما يريد وأن مناورته التي بدأها بطلب المساعدة والايحاءات التي لجأ اليها قد اثمرت، فيما كان فريق عمله يعمل جاهداً على حل الاتصالات الهاتفية التي طاولت اكثر من 150 شخصية تدور حولها الشبهات او ربما هي على مقربة مما جرى·
دور فرنسي - اسرائيلي
ان الكثير من المقربين من هذه القضية يؤكدون على دور هام لعبته كل من فرنسا واسرائيل حيال تقديم معلومات وصفت بالهامة ساعدت على الوصول الى عتبة الحقيقة من اجل الانطلاق منها نحو التفاصيل المثيرة التي يريد ميليس الوصول اليها·
فرنسا على المستوى الامني قدمت خدمات لوجستية عديدة من خلال وجود بعض خبرائها وكشف بعض التفاصيل التقنية والاستعانة بمتعاونين وتقديم ضمانات لشهود وصفت شهاداتهم بالخطيرة فيما قدمت اسرائيل وعبر وفد منها يمثل وزارة الدفاع والموساد التقى ميليس في احدى العواصم الاوروبية قدمت التسجيلات الصوتية لشخصيات يتم رصدها على الساحة اللبنانية مستخدمة البصمات الصوتية التي يتم التقاطها بمستوى عالٍ من التقنيات المتقدمة التي تمتلكها اسرائيل· وساعدت هذه التسجيلات ومقارنتها بكشوفات الاتصالات المحلية على حصر نطاق التركيز على اسماء معينة وربطها زمنياً بالايام التي سبقت عملية الاغتيال وما تلا ذلك·
واستند ميليس ايضاً الى تقرير بعض المحققين اللبنانيين على أرض العملية والذي تبين فيما بعد انه يعطي اشارات مهمة يمكن الاستناد اليها لجهة من اعطى الامر بفتح الطريق وازالة السيارات وارسال جرافة ومحاولة اصدار اوامر حيال تغيير صورة المواقع وهذه التفاصيل تمَّ ربطها بتفاصيل اخرى تتعلق باجتماعات واتصالات الى جانب شهادة بعض الشهود ومن ثم الكشف عن وجود سيارة كانت تلاحق موكب الرئيس الراحل رفيق الحريري· وعلى خط آخر تبين ان ميليس وفريق عمله تمكنا من رسم صورة بيانية كاملة لمسار عملية التفجير اي التخطيط، السيارة التي ستحمل المتفجرات، طريقة احضار هذه المتفجرات ومن أين وكيف؟ومن نقلها ؟ومن أعد السيارة ومن قادها ليقتحم الموكب؟·
حتى الساعة ووفق معطيات التحقيق لم يتم ايجاد أي شيء من اقتحم الموكب او منفذ العملية رغم كل ما تم الحصول عليه من قطع للسيارة القاتلة وللسيارات الاخرى وبقايا الجثث وغير ذلك·
وهنا لا بد من الاشارة الى ان ما تضمنه تقرير قوى الامن اللبنانية وفق اللحظات الاولى هو الذي حدد كيفية تنفيذ العملية· فالمحقق اللبناني الميداني هو الذي اكتشف (الاكس) الخاص بالسيارة المفخخة وتبين انها لسيارة ميتسوبيشي الطويلة وان مقودها على اليمين· وتبين ايضاً ان هذا الاكتشاف الذي ورد في تقرير المحقق اللبناني قد تم الوصول اليه قبل ان يكشف المصرف البريطاني عما تضمنته الكاميرا الخاصة بالمصرف والذي جاء ما صورته ليؤكد وجود سيارة البيك أب الميتسوبيشي بلونها الابيض·
ولعل الاخطر هو ان بعض المعطيات التي بات ميليس يملكها واستناداً الى شهود ميدانيين تشير الى ان اكثر من عشرين شخصاً هم متورطون مباشرة في العملية وان آخرين اما هم كانوا على معرفة بالعملية او اخبروا فيها باللحظات الاخيرة او ربما امتلكوا معلومات معينة ولم يكشفوا النقاب عنها مما يعني انهم بنظر القضاء باتوا شركاء في العملية·
وهذا يعني ان ملف التوقيفات سيظل مفتوحاً وسيشهد مفاجآت كثيرة خاصة في ضوء ما سيقوم به ميليس في دمشق حيث باتت وقائع كثيرة يوردها مقربون من لجنة التحقيق توحي بأن ثمة مشاركة سورية في العملية وان ما تم اعتماده بالنسبة لقادة القوى الامنية اللبنانية سوف يندرج ايضاً على اسماء من قيادات امنية سورية منها من عمل في لبنان ومن لم يعمل وان الوقائع المثيرة هي التي ستتناول هذا الشق اكثر منها ما تناولت الاسماء اللبنانية لأن البعض في بيروت يقول ان من في لبنان كان ينفذ فيما المطلوب من اصدر الامر ووضع الخطة ودبر كل شيء·
رياح جديدة
ورغم اختلاط الوقائع· ورغم ان ثمة من يقول هناك تسييس للملف الا ان منحىً جديداً بدأت تأخذه الحالة اللبنانية في هذه المرحلة باتجاهات جديدة هي حكماً سترسم صورة لما سيكون عليه لبنان اعتباراً من مطلع العام القادم· ان اول تداعيات هذا المنحى هي خوض معركة رئاسة الجمهورية انطلاقاً من اعتقال القادة الامنيين·
فالقوى التي اساساً رفعت شعار ضرب الاجهزة الامنية كانت تربط دائماً ما بين هذه الاجهزة ورئيس الجمهورية، ولذلك فإن هذه القوى تستعجل الاستفادة من اعتقال هؤلاء لفتح ملف الرئاسة بالرغم من ان ميليس اعلن في مؤتمره الصحفي الشهير ان رئيس الجمهورية اميل لحود غير مشتبه به لكن تفسير هذه الجهات ينطلق من وجود اقرب المقربين للرئيس في الملف وهو قائد الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان، كذلك مدير المخابرات العميد ريمون عازار· وهذا يعني برأي هؤلاء انه لا بد من ان يدفع رئيس الجمهورية الثمن سواء كان على علم بما جرى او بدون علم·
ويبدو ان ملف الرئاسة في لبنان يرتبط برأي بعض المراقبين بما سيتم الوصول اليه في الشق الثاني من التحقيقات اي بما يتعلق بالجانب السوري، حيث لذلك ايضاً تداعيات كبيرة لها علاقة ايضاً بمستقبل الرئيس اللبناني اميل لحود وان ما قد يعلنه ميليس من خطوات خاصة اذا ما وجه اتهامات معينة لبعض القيادات الامنية السورية، فعند ذلك قد نكون امام واقع مختلف سيؤسس لمناخات ترى فيها بعض الجهات الدولية انها ستصل الى حد دفع الرئيس لحود الى الاستقالة ومن ثم انتخاب رئيس يتم التوافق عليه وفق الاعراف المعمول بها·
وهناك من وضع سيناريوهات لذلك منها ان يتم ايجاد نوع من الضمانات التي تقدم للحود كثمن لتقديم استقالته ومغادرة لبنان مع عائلته دون توجيه اي اتهامات له· ومنها من يقول العكس بأن الامور قد تصل الى حد توجيه هذه الاتهامات خاصة اذا ما كشف النقاب عن ان الرئيس قد علم بما يتم تدبيره، وعندها سيكون لهذا الامر انعكاسات اخرى· وتبدو اجواء الرئيس لحود انها في مكان آخر، معتبرة ان كل ما جرى حتى الآن مسيساً وله ابعاد مختلفة، وانه يتم توفير معطيات توحي بأن من نفذ العملية هم هؤلاء، ومحاولة ربط الرئيس بهم لاسباب تتعلق بالوصول الى ما يراد الوصول له والذي سيصل الى دمشق نفسها· وتعكس اجواء لحود مناخات تؤكد انه ليس في وارد الاستقالة وانه لا بد من انتظار المحاكمة وما سيتم الكشف عنه من وقائع وفي ضوء هذه المحاكمة سواء تمت في لبنان عبر القضاء اللبناني او امام محكمة دولية فان الرئيس سيتخذ الموقف المناسب، لكنه وحتى لو حصل هذا الامر لن يتخلى عن موقعه·
إن مرحلة حرجة ستحكم المسار اللبناني الذي سيظل شبه مشلول حالياً حتى يتم كشف النقاب عن كل التفاصيل، وبالتالي كشف الوقائع التي توصف بالمذهلة حيال هذه القضية·وهناك رأي يقول أصحابه : لبنان في الاسابيع القادمة سيكون سياسياً وامنياً هو غير لبنان فيما مضى·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض