9 يناير 2012
جددت اللجنة الوزارية العربية الخاصة بمعالجة الأزمة السورية، ثقتها بفريق المراقبين العرب المكلف التحقق من مدى التزام النظام السوري بتنفيذ المبادرة الرامية لإنهاء العنف وقررت في بيانها الختامي عقب بحثها التقرير الأولي الذي قدمه رئيس بعثة المراقبين الفريق محمد مصطفى الدابي بالقاهرة أمس، منح الفريق الحيز الزمني الكافي لاستكمال مهمته الميدانية وفقاً لأحكام البروتوكول الموقع بين الجامعة العربية ودمشق، على أن يقدم رئيس البعثة بنهاية الشهر الأول من المهمة تقريراً إلى أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي تمهيداً لعرضه على اللجنة. ودعت اللجنة الوزارية في ختام الاجتماع مساء أمس بالقاهرة، الحكومة السورية “إلى التقيد بالتنفيذ الفوري” لتعهداتها بموجب المبادرة العربية و”توفير الحماية للمدنيين السوريين”، قائلة “رغم التقدم الجزئي في تنفيذ بعض الالتزامات التي تعهدت بها دمشق بموجب خطة العمل، فإن اللجنة تدعو الحكومة السورية إلى التقيد بالتنفيذ الفوري والكامل لجميع تلك التعهدات إنفاذاً للبروتوكول الموقع بهذا الشأن وضمان توفير الحماية للمدنيين السوريين”.
كما طالب البيان الختامي للجنة إلى “الوقف الفوري لجميع أعمال العنف”، قائلاً “تدعو اللجنة الحكومة السورية ومختلف الجماعات المسلحة إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف وعدم التعرض للتظاهرات السلمية لإنجاح مهمة مراقبي الجامعة”. وأكدت اللجنة في ختام الاجتماع الذي ترأسه حمد بن جاسم بن جبر رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري أن استمرارية عمل بعثة المراقبين مرهون بتنفيذ الحكومة السورية الكامل والفوري لتعهداتها التي التزمت بها بموجب خطة العمل العربية وإلا أصبح وجودها لا يخدم الغرض الذي أنشئت من أجله. وقررت أن يقدم رئيس البعثة تقريراً شاملاً في 19 يناير الحالي عن مدى التزام دمشق بتنفيذ تعهداتها بموجب الخطة العربية في مجالات وقف كافة أعمال العنف من أي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين والإفراج عن المعتقلين وفتح المجال أمام منظمات الجامعة العربية ووسائل الإعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في جميع أنحاء سوريا للاطلاع على حقيقة الأوضاع لمناقشته في اجتماع اللجنة والمجلس الوزاري العربي يوم 19 أو 20 يناير الجاري.
ودعت اللجنة إلى ضرورة توفير المناخ الملائم وتقديم الدعم السياسي والإعلامي والمالي واللوجستي لبعثة المراقبين وزيادة عدد أفرادها وتعزيز تجهيزاتها حتى تتمكن من إنجاز مهمتها على الوجه المطلوب. وحثت الدول الأعضاء على الإسراع في دفع مساهمتها المالية ورفع المبلغ المخصص من مليون دولار إلى 5 ملايين دولار قابلة للزيادة وفقاً لظروف ومتطلبات عمل البعثة. وكلفت اللجنة نبيل العربي، مواصلة التنسيق مع بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة من أجل تعزيز القدرات الفنية لبعثة المراقبين. وطالبت المعارضة السورية تقديم مرئياتها السياسية للمرحلة المقبلة في سوريا ودعت العربي لعقد اجتماع تحضيري للمعارضة السورية تنفيذاً لقرار مجلس الجامعة يوم 24 نوفمبر الماضي الذي دعا إلى عقد مؤتمر للحوار الوطني وفقاً لما تضمنته المبادرة العربية لحل الأزمة في سوريا بهدف الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية لتسيير المرحلة الانتقالية.
وأشادت اللجنة بالجهود المقدرة والعمل الميداني الذي تقوم به بعثة المراقبين في ظروف صعبة ووسط مخاطر جمة ونوهت بدقة المعلومات التي قدمها رئيس البعثة وما اتسم به من موضوعية وحيادية. وأعربت عن إدانتها الشديدة للتفجيرات الإجرامية التي وقعت في دمشق ولكل أعمال العنف والقتل الموجهة ضد المدنيين السوريين. وشارك في الاجتماع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، ووزير الدولة للشؤون الخارجية القطري خالد العطية، ووزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي نزار مدني، ووزير الشؤون الأفريقية والمغاربية بالجزائر عبد القادر مساهل، ومندوب سلطنة عمان لدى الجامعة العربية السفير خليفة بن علي الحارثي، ومندوب السودان الدائم لدى الجامعة السفير كمال حسن علي، والأمين العام للجامعة وكبار مساعديه إضافة إلى رئيس لجنة المراقبين الفريق الدابي.
وأعلن بن جاسم عقد اجتماع للجنة ومجلس وزراء الخارجية العرب لمناقشة التقرير الشامل للدابي يوم 19 أو 20 يناير الحالي. وقال بن جاسم في مؤتمر صحفي “لقد استمعنا لتقرير الأمين العام والفريق الدابي بخصوص الوضع في سوريا ومهمة المراقبين التي بدأت منذ 10 أيام، واتفقنا أن يكون التقرير الرئيسي يوم 19 يناير لمعرفة التزام الحكومة السورية التام بقرارات الجامعة والبروتوكول الموقع واتفاق الدوحة”. ولفت إلى أنه لأول مرة تكون هناك بعثة عربية من هذا النوع لمراقبة وضع في دولة عربية ولهذا نجاحها مهم جداً، وهذا يتوقف على الحكومة السورية، من خلال وقف القتل، وسحب الآليات من المدن، والسماح للإعلام بالعمل والدخول للأراضي السورية. وتابع المسؤول القطري أنه حسب التقرير الذي عرضه الدابي على اللجنة فهناك تقدم جزئي ولكن لايوجد التزام كامل ببنود البروتوكول، وشدد على أن البعثة لن تستمر للأبد لو استمر القتل ولذلك نحن حريصون على أن تنجح في مهمتها.
وكان فريق المراقبين العرب تعرض لانتقادات عنيفة من جانب المعارضة السورية وحكومات غربية ومنظمات إقليمية وغربية. وتحدثت مصادر دبلوماسية عن انقسام بين أعضاء اللجنة الوزارية حول ما حققته بعثة الجامعة في ظل نقص خبراتها وعدتها. وأوضحت المصادر أن المناقشات داخل اللجنة دارت حول كيفية دعم عمل بعثة مراقبي الجامعة بعد 10 أيام من بدء مهمتها مع استمرار أعمال القتل في سوريا. وأفادت المصادر أن التقرير الميداني الأولي الذي قدمه الدابي أشار إلى “مضايقات” حصلت من قبل النظام والمعارضة على حد سواء أن كل طرف يريد أن يقنع البعثة بأنه على حق وأن هناك انتهاكات من الطرف الآخر”. كما أشار التقرير إلى وجود صور لآليات عسكرية على أطراف معظم المدن التي زارها الفريق ولتظاهرات يطلق فيها الرصاص، إضافة إلى صور لقتلى وانتهاكات مستمرة فى مجال حقوق الإنسان”. وجاء في التقرير أيضاً أن “هناك معتقلين لم تفصح الحكومة عن مكان اعتقالهم وهل هم أحياء أم أموات، كما أن الحكومة أبلغت البعثة بالإفراج عن 3484 شخصاً، ولكن لم يتسن للبعثة التحقق مما إذا كانوا معتقلين سياسيين أم من مرتكبي جرائم جنائية”.
المصدر: عواصم