أحمد مراد (القاهرة)
صبي صغير، جمع في قلبه بين صدق الإيمان وعزيمة المخلصين، تمتع بقوة وشجاعة لا نظير لهما، وكتب اسمه في مقدمة شهداء الإسلام.
هو عمير بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي، شقيق الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، وهو من قبيلة بني زهرة أخوال النبي صلى الله عليه وسلم.
أسلم عمير بن أبي وقاص وهو في سن صغيرة على أيدي أبي بكر الصديق رضي الله عنه، بعد إسلام أخيه سعد بأيام قليلة، ومن ثم كان من أوائل الناس استجابة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، ورغم صغر سنه إلا أنه كان شديد الإيمان برسالة الإسلام وصدق النبوة، وقد عزم على تحمل المشقة والعناء في سبيل إيمانه العميق بالدين الجديد الذي يدعو إلى الحق والخير والفضيلة، وظل متمسكاً بإيمانه طوال الفترة التي قضاها في مكة رغم كل الصعاب التي تعرض لها المسلمون.
كان عمير بن أبي وقاص من أوائل الناس الذين استجابوا لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة إلى المدينة المنورة، ولم يمنعه صغر سنة من المشاركة في هذا الحدث المهم في تاريخ الرسالة المحمدية، فكان صغيراً في السن، ولكنه كبيراً في الوعي والإدراك، وقد أدرك أن الهجرة ميلاد جديد لرسالة الإسلام، ولم يرض لنفسه أن يتأخر عن هذا الشرف، وعندما وصل إلى المدينة المنورة آخى الرسول بينه وبين عمرو بن معاذ.
عُرف عمير بن أبي وقاص بحماسته الشديدة للدفاع عن الإسلام، وهو ما ظهر في حبه الشديد للجهاد، فكان دائماً يمني نفسه بقتال المشركين الذين طالما عذبوا المسلمين وأخذوا أموالهم وديارهم في مكة، وفي غزوة بدر لم يكن عمير يتجاوز السادسة عشرة من عمره، وحين تفقد رسول الله جنود المسلمين المشاركين في الغزوة، كان عمير يتوارى من رسول الله كي لا يرده لصغر سنه.
يقول سعد بن أبي وقاص: لما كان يوم بدر وقف عمير أخي في صفوف المجاهدين، وهو بعد ابن ستة عشر عاماً أو أقل، يتخفى من رسول الله، قلت له: مالك؟، قال: أخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردني، وأنا أحب الخروج للجهاد لعلَّ الله يرزقني الشهادة، وعندما رآه النبي صلى الله عليه وسلم استصغره فرده، فبكى عمير بكاءً شديداً، فرق النبي له، وأجازه مع المقاتلين، بعد أن لمس حماسته وغيرته الشديدتين، وكان مع عمير سيف طويل يكاد يكون أطول منه، لا يستطيع إمساكه والضرب به، فربط السيف له في يده، قال سعد: فكنت أعقد له حمائل سيفه من صغره، فقتل في بدر وهو ابن ست عشرة سنة.
أجمعت الآراء على أن عمير كان أصغر شهيد في الإسلام، وقد قتله عمرو بن عبد ود العامري، من صناديد قريش، والذي قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيما بعد في يوم غزوة الخندق.