شادي صلاح الدين (لندن)
واصلت الصحف الأميركية كشف خيوط المؤامرة القطرية في الولايات المتحدة، وخاصة تلك التي تتعلق باستثماراتها في ولاية «ساوث كارولينا» أو «كارولينا الجنوبية»، مشيرة إلى أن المليارات القطرية في الولاية لا تهدف فقط إلى تحقيق مصالح اقتصادية وعسكرية وأمنية لكن لها أهداف سياسية واضحة ضمن تعزيز حركة اللوبي القطري في واشنطن وشراء دعم وتأييد أعضاء الكونجرس الأميركي.
وذكرت صحيفة «ديلي بيست» الأميركية في تقرير كتبه «إيرين بانكو» أن الاستثمار القطري في «كارولينا الجنوبية» أكثر من مجرد قرار اقتصادي، الأمر يعتبر جزءا من حملة واسعة للتأثير على الرأي العام في الولايات المتحدة.
وأوضح التقرير أن الجيش القطري يضع اللمسات الأخيرة على خطط الاستثمار في «كارولينا الجنوبية» كجزء من جهوده لتطوير وإنتاج طائرات المراقبة، وفقاً لوثائق الشركة ومصدرين على دراية بالجدول الزمني للمشروع، الذي تقوم به «شركة برزان للطيران القطرية»، والذي كان في مراحل التخطيط على مدى السنوات القليلة الماضية. وزار المسؤولون القطريون ولاية كارولينا الجنوبية، حيث تم تسجيل الشركة، للقاء مسؤولين محليين للترويج لفكرة الاستثمار وحشد الدعم للمشروع.
وتتوافق «مبادرة برزان للطائرات» مع دفعة جديدة من قبل النظام القطري لاستثمار مبالغ نقدية ضخمة في الولايات المتحدة في مختلف القطاعات، بما في ذلك العقارات والتكنولوجيا والآن، على ما يبدو، الطائرات والأنظمة العسكرية، وفقا للتقرير. وقال رئيس صندوق الثروة السيادية في البلاد في وقت سابق من هذا العام إن هيئة الاستثمار القطرية تخطط لزيادة استثماراتها في الولايات المتحدة إلى 45 مليار دولار على مدى العامين المقبلين، الأمر الذي لفت انتباه جميع وسائل الإعلام الأميركية والمراكز البحثية حول الهدف الحقيقي من هذه الاستثمارات.
كان موقع «كونسيرفاتيف ريفيو» الأميركي هو أول من كشف عن أن النظام القطري الراعي للإرهاب يعمل على مشروع عسكري سري في ولاية كارولينا الجنوبية تمتلكه شركة طيران «برزان» التابعة لوزارة الدفاع، لتطوير وإنتاج طائرات مراقبة عسكرية.
وقال الكاتب إن تدفق الأموال القطرية المتزايدة في الولايات المتحدة يأتي في الوقت الذي تحاول فيه البلاد إيجاد موطئ قدم سياسي قوي في واشنطن بعد المقاطعة العربية منذ عامين.
ويتبع المشروع اتفاقين عسكريين كبيرين بين الولايات المتحدة وقطر. وفي عام 2017، وقعت الولايات المتحدة وقطر صفقة بقيمة 12 مليار دولار لصالح الدوحة لشراء 72 طائرة مقاتلة من طراز «إف-15». وفي عام 2018، وافقت وزارة الخارجية على صفقة بقيمة 197 مليون دولار لتحديث مركز عمليات القوات الجوية القطرية بالمعدات والدعم.
وأكد الكاتب أنه يمكن لمبادرة برزان، بمجرد اكتمالها، أن تصل إلى واحدة من أكبر استثمارات البلاد في الولايات المتحدة ويمكن أن تقدم لواشنطن ما سعت إليه إدارة ترامب منذ انتخابات عام 2016 – وهي توفير المزيد من الوظائف للمواطنين الأميركيين، الأمر الذي يدركه القطريون جيدا ويعلمون أنها الطريقة للتقرب من الإدارة الأميركية.
ووفقاً «لكتاب أبيض» حول خطط قطر في «كارولينا الجنوبية»، تقدر الإمارة الصغيرة أنها ستوفر أكثر من 50 ألف فرصة عمل في الولايات المتحدة، بما في ذلك تلك التي لا ترتبط فقط «بمبادرة برزان»، ولكن أيضا للمشاريع التي وقعت عليها مع مختلف المقاولين العسكريين.
وقال مدير مشروع الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية، وليام هارتونج، «أرى الاستثمار القطري في كارولينا الجنوبية أكثر من مجرد قرار اقتصادي»، موضحاً أنه جزء من جهود الضغط المتزايد في الولايات المتحدة. وأضاف أن الاستثمار يجعلهم يوثقون علاقاتهم مع شركة بوينج، وهي قوة سياسية قوية لديها واحد من المديرين التنفيذيين السابقين كان يعمل كوزير دفاع بالنيابة. ويسمح للقادة القطريين بالقول إنهم يساعدون في خلق بعض الوظائف على الأقل في الولايات المتحدة، وهو ما يشغل بال الرئيس منذ فترة طويلة».
وأشار التقرير إلى أن «برزان للطيران» تشكلت كشركة ذات مسؤولية محدودة في كارولينا الجنوبية في مارس 2018، وفقا لبطاقات التبليغ المقدمة إلى وزارة العدل. وهي شركة تابعة لشركة برزان القابضة، المملوكة من قبل القوات المسلحة القطرية. وتشكلت الشركة بعد شهر واحد من زيارة مسؤولي البلاد، بمن فيهم عبد الله بن محمد آل ثاني، الرئيس التنفيذي لصندوق الثروة السيادية للبلاد، إلى ولاية كارولينا الجنوبية للاجتماع مع مختلف المسؤولين وأصحاب المصلحة حول فرص الاستثمار، وبحث إمكانية ضخ مزيد من الأموال في الولاية لإغراء الإدارة الأميركية والحصول على تأييد داعمين لها من المقربين من الرئيس الأميركي.
وقام المسؤولون القطريون بزيارة مجمع شركة «بوينج 787 لطائرة دريملاينر» في ساوث كارولينا خلال زيارتهم عام 2018، في إطار هذه الجهود التي كشفتها الصحيفة الأميركية.
وأشار التقرير إلى أن المعلومات المشبوهة حول طبيعة مهمة شركة طيران برزان ظهرت للمرة الأولى في ملفات قانون تسجيل وكلاء الأجانب «الفارا» في العام الماضي من خلال وزارة العدل، وكشفت شركة «كي ستريت» القانونية للمحاماة عن أن مهمة المشروع هي «تطوير وإنتاج طائرات المراقبة» لصالح قطر.
وقدمت شركة برزان للطيران خدمة تسجيل الوكلاء الأجانب «الفارا» الخاصة بها، واصفة مهمتها بأنها تساعد في «شراء وتطوير نظم المعلومات الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع المحمولة جوا للمدير الأجنبي». ولكن يبدو أن المستندات والملفات التي استعرضتها صحيفة «ديلي بيست» تبين أن الشركة تعمل على طائرة مراقبة تجريبية اختيارياً يمكن نقلها إما كطائرة من دون طيار أو طائرة مأهولة. وليس من الواضح ما إذا كان يتم بناء هذه الطائرة الخاصة كجزء من مبادرة «ساوث كارولينا».
وإذا كانت قطر تقوم بتطوير طائرة «Q01» للتجسس في «كارولينا الجنوبية»، فمن المرجح أن يصطدم المشروع بضوابط التصدير الأميركية، بما في ذلك أنظمة الاتجار الدولي بالأسلحة والمعروفة أيضا باسم «إيتار». وتم وضع هذه اللوائح للتحكم في تصدير التقنيات العسكرية وأنظمة الدفاع في محاولة لحماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.