صحيح أن اليونان هي مهد الألعاب الأولمبية 1896 إلا أن مشاركتها في كأس العالم لا تعكس تاريخاً مشرفاً لموطن الأكروبوليس. فقد انتظرت اليونان حتى 1994 كي تتذوق طعم المشاركة الأولى في العرس القاري، لكن الطعم كان مراً للغاية إذ خاضت ثلاث مباريات خسرتها جميعها، لا بل عجزت عن تسجيل أي هدف في البطولة التي أقيمت في الولايات المتحدة الأميركية، بخسارتها أمام كل من الأرجنتين وبلغاريا صفر-4 ونيجيريا صفر-2.
دارت الأيام، وتأهلت اليونان للمرة الثانية إلى المونديال، ووقعت مرة جديدة في مجموعة واحدة مع الأرجنتين التي يدربها دييجو مارادونا صاحب هدف في مرماها 1994 ونيجيريا أيضاً، بالإضافة إلى كوريا الجنوبية.
عانت اليونان كثيراً للتأهل إلى جنوب أفريقيا، فرغم إحراز مهاجمها ثيوفانيس جيكاس لقب هداف التصفيات مع 10 أهداف بينها 4 أهداف في مرمى لاتفيا، وتحقيقها المركز الثاني بصعوبة خلف سويسرا التي هزمتها مرتين في مجموعة سهلة لقبت بمجموعة “الأرانب”، إلا أنها اضطرت لخوض الملحق الأوروبي. وفي الملحق تجاوزت عقبة أوكرانيا وبصعوبة أيضاً في مجموع المباراتين (1-صفر) بهدف من ديميتروس سالبيجيديس مهاجم باناثينايكوس إياباً في دونيتسك بعد تعادلهما سلباً في اليونان، فبلغت العرس العالمي للمرة الثانية.
رغم معاناتها المستمرة في التأهل إلى كأس العالم، عاشت اليونان مرحلة ذهبية في تاريخها، عندما أحرزت كأس أمم أوروبا 2004 في البرتغال على عكس جميع التوقعات. هذا الإنجاز تحقق بشكل رئيس بفضل مدربها الألماني أوتو ريهاجل، الذي اعتمد خطة دفاعية مطبقة ولو مملة، وقع في فخها معظم المنتخبات القوية في القارة العجوز، وكان آخرها البرتغال الدولة المضيفة في النهائي، بعد فرنسا وجمهورية تشيكيا في ربع النهائي ونصف النهائي على التوالي.
واعتبر المهاجم انجلوس خاريستياس مهندس انتصار اليونان بلقب كأس أوروبا 2004 وخصوصاً أنه كان صاحب هدف الفوز في مرمى البرتغال في المباراة النهائية. إلا أن هذا اللاعب المميز والفارع الطول لم يتمكن بعدها من الارتقاء إلى مستوى التحدي وسط المشكلات التي واجهها على صعيد الأندية التي تنقل بينها في الأعوام القريبة الماضية.
ودافع خاريستياس (28 عاماً) عن ألوان 5 أندية منذ تلك الليلة الشهيرة في لشبونة التي حملت اليونان إلى مجد غير مسبوق، فهو وجد نفسه بعيداً عن مستواه مع فيردر بريمن الألماني حيث لم ينجح في إيجاد الطريق إلى الشباك سوى 4 مرات خلال موسمه الأخير معه.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه أن محطة بريمن كانت خطوة ناقصة، وخصوصاً أن المدرب توماس شاف لم يضعه ضمن حساباته الأولية منذ البداية، نصحه مدرب اليونان، الألماني اوتو ريهاجل بالبحث عن فريق آخر.
في يناير 2005 وجد خاريستياس في اياكس امستردام الهولندي خشبة خلاص فانتقل إلى صفوفه لملء الفراغ الذي خلفه رحيل السويدي زلاتان إبراهيموفيتش إلى يوفنتوس الايطالي. وكانت المفاجأة أن مدرب أياكس السابق هنك تن كات سرعان ما وضعه في ظل المهاجمين الآخرين ضمن التشكيلة مفضلاً عليه كلاس يان هونتيلار وراين بابل والسويدي ماركوس روزنبرج.
وأبدى اليوناني امتعاضه مما حصل متطلعاً إلى انتقال باتجاه المانيا أو إنجلترا، إلا أن المفاجأة كانت انضمامه إلى الغريم فيينورد من دون أن يلقى تجاوباً من المشجعين، وخصوصاً بعد فشله في تسجيل أي هدف في أول 10 مباريات لعبها هناك.
ولم يرفض الفريق الهولندي بعدها التخلي عنه مقابل 5ر2 مليون يورو فقط لمصلحة نورمبرج الالماني، وهو مبلغ زهيد مقارنة بقيمة اللاعب قبل أربع سنوات في سوق الانتقالات. ولم يصب خاريستياس النجاح المنتظر مع نورمبرج فسجل له 7 أهداف في 38 مباراة فقط على مدى موسمين فانتقل العام الماضي إلى باير ليفركوزن حيث لم تكن الحال أفضل أيضاً وسجل هدفاً واحداً في 13 مباراة. ويصر خاريستياس على ترك بصمته من جديد في صفوف منتخب بلاده مؤكداً أن الاخير لايزال يملك منتخباً جيداً بإمكانه إبقاء تحقيق أفضل ما حققه في البطولة القارية قبل عامين”.
ويصر صاحب القميص رقم 9 أنه مهما كانت الظروف السيئة التي عاشها مع الأندية التي لعب لها في الأعوام الأخيرة، لا أحد يستطيع أن يسرق منه لحظة المجد في “يورو 2004”: “بعد 50 سنة سيتذكر الجميع أنني سجلت الهدف الذي منح اليونان لقب كأس اوروبا”.