يقع جامع الشيخ محيي الدين بن عربي في منطقة الصالحية الجاثمة على سفح قاسيون حيث يوجد مسجد كبير وجميل يُعرف بأسماء مختلفة منها الجامع السليمي نسبة إلى السلطان سليم الأول، والجامع المحيوي نسبة للشيخ محيي الدين، وجامع الخنكار: أي جامع السلطان. أما تاريخ إنشائه فهو بعد وفاة المتصوف المشهور محيي الدين بن عربي عام 638 هجرية، تم دفنه في تربة القاضي محيي الدين بن الزكي وسميت بعدها بتربة الشيخ محيي الدين، وكان يلاصقها حمام، ونتيجة إهمال التربة تحولت إلى خراب، وعند دخول السلطان سليم الأول دمشق عام 922 هجرية، أمر بإعمار التربة المذكورة إكراماً لمقام ومكانة الشيخ ابن عربي، ولما يكنه من محبة لهذا المتصوف الكبير الذي بلغت مصنفاته وكتبه مكتبات بلاد الروم والعجم، فأمر ببناء جامع عظيم فوق التربة، وانتهى البناء في محرم سنة 924 هجرية، كما عمرت قبالة الجامع تكية وسميت أيضاً بالتكية السليمية، وتعرف اليوم المنطقة كلها باسم «الشيخ محيي الدين» وتلفظه العامة «شيخ محدين» وتختصر التسمية إلى كلمة (الشيخ).
ورغم أن جامع ابن عربي كبير ولكنه يفتقر إلى الزخارف، قام بتصميمه المهندس العثماني شهاب الدين بن العطار، وساعده في استملاك الأرض والإشراف على البناء (القاضي ولي الدين بن فرفور) وعلى شراء الأرض والبيوت المجاورة، كما هدمت المقبرة التي كانت هناك لحفر أساسات القبة. وجعل له أربعة مؤذنين وثلاثون قارئاً يختمون القرآن في كل يوم، ووقف السلطان عليه. وبعد اجتياز الباب الرئيسي للجامع المبني من حجارة ضخمة نجد هذه الكتابة على إسكافه: «الحمد لله، أمر بإنشاء هذا الجامع الشريف، الإمام الأعظم، ملك العرب والعجم، خادم الحرمين الشريفين السلطان سليم بن السلطان بيازيد بإشارة محمد بدرخان، خلد الله ملكه وسلطانه، وكان ابتداء عمارته في تاسع شوال سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة والفراغ منه في الرابع والعشرين من محرم سنة أربع وعشرين وتسعمائة». إلى جانب الباب مقبرة تضم بعض عظماء الأتراك. وتطل على صحن عظيم أرضيته مبلطة بالرخام الملون والحجر الأبيض والأصفر، وفيه بركة لطيفة، وفي غربيه رواق عظيم يقوم على أربع قناطر عالية. وفي الزاوية الجنوبية الشرقية درج حجري عريض يُنزل منه إلى غرفة الأضرحة وهي عبارة عن قاعة مستطيلة جدرانها مزخرفة بالقاشاني البديع والنقوش المدهشة، وفيها صفان من القبور والأضرحة حيث نجد بالأول قبر الشيخ محيي الدين وإلى جانبه قبري ولديه سعد الدين وعماد الدين، وبالصف الثاني قبر محمود سري باشا (صهر الخديوي إسماعيل حاكم مصر) وقبر الشيخ محمد أمين الخربوطلي ناظر الجامع، وقبر الأمير عبدالقادر الجزائري وبقي ضريحه الخشبي فارغاً في موضعه بعد نقل رفاته إلى بلاده الجزائر بعد حصولها على الاستقلال. وفي سقف هذه الغرفة نجد قبة ملساء مدببة تستند إلى رقبة مضلعة بطبقة واحدة مؤلفة من اثني عشر مضلعاً تفتح فيها اثنتا عشرة نافذة مقوسة، ومن جهة الجنوب المصلى الذي يقوم على خمس قناطر وأربعة أعمدة وله محراب خشبي عادي وجدرانه مزخرفة بالقاشاني والرخام الملون المنقوش وفيه منبر لطيف وجميل