ماجدة محيي الدين (القاهرة)
«النحل» من المخلوقات المدهشة بطباعها وسلوكياتها وتكوينها، ومن أكثر الحشرات النافعة للإنسان، يعيش معنا لكنه ينتمي إلى عالم خاص به مليء بالأسرار والعجائب، ويعتبر نحل العسل هو الأكثر شهرة وارتباطاً بالإنسان، بينما هناك نحو 20 ألف نوع من النحل مصنف ضمن 9 عائلات.
بدأ الإنسان تربية النحل قبل آلاف السنين بهدف الحصول على عسله المفيد ولا يكف عن دراسة تلك الحشرة والتعرف على خصائصها، وكان أغرب ما توصل إليه العلماء هو اكتشاف لغة النحل في العام 1973، حيث توصل العالم كارل فون فريش إلى فك شفرة لغة نحل العسل وأطلق عليها «رقصة الاهتزاز»، وهي أكثر اللغات الرمزية تعقيداً وحصل على جائزة نوبل نتيجة ذلك الكشف العلمي المثير، حيث تبين أن لكل رقصة معنى معيناً.
يعيش النحل في جماعات أو مستعمرات منظمة ومجتمع تعاوني، لكن الأبحاث العلمية كشفت عن أن معظم أنواع النحل تميل إلى العزلة وغير اجتماعية عدا «نحل العسل»، يعيش في مستعمرات تقودها «الملكة» التي تحكم الخلية وتتزوج من ذكر واحد وهي الوحيدة التي تضع بيض النحل ولا تغادر الملكة الخلية إلا للتخصيب أو المطاردة.
ومن العجيب أن الملكة تضع نوعين من البيض، الأول مخصب تخرج منه العاملات والملكة التالية والثاني غير مخصب يخرج منه الذكور، وقد كرم الله النحل واختصه بسورة باسمه وأشار إلى فوائده في مواضع كثيرة في القرآن الكريم كما في قوله تعالى: (... يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، «سورة النحل: الآية 69».
وفي مملكة النحل نظام دقيق يؤدي فيه كل واحد دوراً محدداً، حيث تتولى العاملات جمع الرحيق وتخزينه في الخلايا، وتقع عليهن مسؤولية رعاية الملكة، وتوفير الطعام لها.
أما ذكر النحل، فيمتاز بحجمه الضخم وهو أقصر طولاً من الملكة ويفتقد إلى القدرة على جمع الرحيق وإفراز العسل أو الغذاء الملكي، وتقتصر وظيفته على تلقيح الملكات، والمثير أن الذكور تفقد حياتها على الفور بعد التلقيح.
وتبقى فوائد تلك الحشرات للإنسان وللبيئة مثيرة للدهشة ومتعددة، فالنحل له دور مهم في الحفاظ على التوازن البيئي، فهو يساعد النباتات المزهرة على التكاثر، وتنتج العسل والشمع واللذين يستفيد منهما الإنسان بصورة متعددة في التغذية والمستحضرات الطبيعية والتجميل، كما تتم الاستفادة من الشمع في بعض الصناعات.