الاندماج النووي .. طاقة بلا حدود

أثار إعلان علماء من كوريا الشمالية الأربعاء الماضي بنجاحهم في إجراء تفاعل مضبوط (يمكن التحكم فيه) للاندماج النووي، اهتماماً كبيراً في مراكز البحوث والوكالات المتخصصة بالدراسات المتعلقة بإنتاج الطاقة المستدامة. وشكك الكثير من العلماء في هذا الزعم بسبب الصعوبات التقنية الكبيرة التي تقف أمام ترويض هذا المصدر الهائل للطاقة. وشبّه العلماء مفاعل “الاندماج النووي” بـ”الشمس الاصطناعية” لأن ما يحدث ضمنه يحاكي تماماً ما يحدث في الشمس وبقية النجوم ويتلخص بتفاعل اندماج ذرات الهيدروجين مع بعضها البعض لتشكيل عنصر الهليوم. وهناك فرق كبير جداً بين تفاعل “الانشطار النووي” nuclear fusion، وتفاعل “الاندماج النووي” nuclear fusion، ففي التفاعل الأول الذي يستخدم في تحرير الطاقة في مفاعلات الطاقة النووية، يتم انشطار نواة عنصر ثقيل إلى أجزاء أو نوى أصغر؛ وتتحرر عن التفاعل النيوترونات وأشعة جاما وكميات ضخمة من الطاقة التي توظّف عادة في تبخير الماء لتوليد الطاقة الكهربائية من العنفات. ويستخدم في هذه الحالة عنصر اليورانيوم الغني بالنظير “يورانيوم 235”. وفي تفاعل الاندماج النووي، يتم التحام عدة نوى لذرات الهيدروجين الخفيفة لتشكيل ذرات الهليوم الأثقل، وهو التفاعل الذي يحدث دون انقطاع في النجوم كافة. ويعدّ تفاعل الاندماج النووي مصدر الضوء وأنواع الطاقة كلها في الكون. وتكون طاقة الاندماج النووي أكبر بألوف المرات من طاقة الانشطار النووي، ولهذا السبب يكون من العسير ابتكار المفاعلات القادرة على التحكم بالطاقة الناتجة. وبدا للعلماء أن أحداً لا يمكنه أن يبتكر نظاماً قادراً على منع الطاقة الناتجة من تفاعل الاندماج النووي من صهر كافة المنشآت التي يتألف منها المفاعل. وهذا هو ما دفع المراقبين إلى التشكيك بدقّة الإعلان الكوري الشمالي فيما يتعلق بابتكار نظام لمفاعل ناجح للاندماج النووي.