السبت 19 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 34 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الإنجليزية» في الفلبين... أسباب التراجع

14 مايو 2010 20:59
موظفو مراكز الاتصال الفلبينيون الذين يجيبون عن استفسارات عملاء، والذين يتحدثون باللغة الإنجليزية في النصف الآخر من الكرة الأرضية عبر الهاتف كان يُفترض أن يشكلوا الحل بالنسبة للاقتصاد الفلبيني. غير أنه إذا كان من الممكن في الماضي انتقاؤهم من المجموعة الواسعة من المتحدثين باللغة الإنجليزية التي تشتهر بها البلاد للعمل في قطاع التعهيد وترحيل الخدمات المدر للأرباح، فإن المشغِّلين في القطاع يقولون إنهم يضطرون حالياً إلى رفض 95 طلب وظيفة من أصل كل 100 طلب؛ لأن مستوى إجادة أصحابها للغة الإنجليزية غير كافٍ. ذلك أن الفلبين، البلد حيث كانت "الإنجليزية" تُصنف فيه كلغة رسمية في يوم من الأيام، عرفت تراجعاً للمستوى العام لإجادة هذه اللغة مع مرور الزمن، حتى في الوقت الذي ازدادت فيه الأهمية الاقتصادية للغة. ويعزى سبب هذا التراجع في جزء منه إلى الحملات القومية التي تروم تشجيع اللغة الفلبينية وإلى إهمال المدارس، وهي مشكلة بدأت الحكومة تتخذ خطوات للتغلب عليها. وفي هذا الإطار، يقول مدير أجنبي لإحدى الشركات العاملة في قطاع التعهيد وترحيل الخدمات طلب عدم ذكر اسمه: "أعتقد أن كل فلبيني يرغب في العمل بمركز اتصال ومستوى لغته الإنجليزية جيد بما يكفي للعمل في مركز اتصال سيعمل في مركز اتصال". والجدير بالذكر هنا أن الاقتصاد الفلبيني يخلق وظائف قليلة جداً إلى درجة أن عشر السكان البالغ عددهم حوالي 90 مليون نسمة يعملون في الخارج، وتشكل تحويلاتهم المالية حوالي 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقد كانت "جمعية تعهيد الأعمال الفلبينية"، التي تمثل السواد الأعظم من الشركات العاملة في قطاع التعهيد، تأمل أن يساهم قطاع التعهيد وترحيل الخدمات، بشكل غير مباشر، بحوالي 8.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية 2010 وأن يوظف بشكل مباشر 900 ألف شخص. وقد نما هذا القطاع مع مرور الوقت ليصبح واحداً من أوسع القطاعات في العالم، ولكن الجمعية تتوقع اليوم أن يُشغل القطاع 620 ألف فلبيني فقط بنهاية العام؛ لأنه لا يستطيع التوسع بالسرعة الكافية، حيث يقول المشغِّلون إنه بات من الصعب على نحو متزايد إيجاد أشخاص يتقنون اللغة الإنجليزية على نحو كافٍ، هذا بينما يعتقد بعض المشغِّلين في قطاع التعهيد وترحيل الخدمات أن معين العمالة قد نضب. والواقع أن تراجع مستوى "الإنجليزية" في الفلبين أمر مثير للسخرية بالنظر إلى أن الفلبين كان يُفتخر بها في يوم من الأيام، وعلى نحو مبرر أحياناً، بكونها ثالث أكبر بلد ناطق باللغة الإنجليزية. فبعد أن أخذت الولايات المتحدة الجزر من إسبانيا قبل أكثر من قرن من الزمن، جلبت أفواج من المعلمين الأميركيين اللغة الإنجليزية إلى الفلبين. وعندما حصلت على استقلالها في 1946، كانت اللغة الإنجليزية راسخةً وقويةً لدرجة أنها ظلت لغة رسمية، إلى جانب اللغة الإسبانية. ولكن في عام 1973، جعل الدستور الذي فرضه الديكتاتور فرديناند ماركوس الفلبينية (التي تقوم على اللغة المحلية لمانيلا والأقاليم المجاورة) لغةً رسمية إلى جانب "الإنجليزية". وفي السبعينيات، بدأت الفلبينية تحل تدريجياً محل "الإنجليزية" باعتبارها اللغة الرئيسة للتعليم في المدارس، وذلك باسم بناء الأمة. ومنذ ذلك التاريخ، بدأ المعلِنون يديرون الحملات الإعلامية باللغة الفلبينية على نحو متزايد من أجل استهداف شرائح واسعة من المستهلكين. غير أن البعض يعتقد أن لتراجع اللغة الإنجليزية في الفلبين أسباباً عامة أكثر، وذلك على اعتبار أنه إذا كان أداء الاقتصاد غير جيد، فكذلك الحال بالنسبة للتعليم. ذلك أن حوالي 43 في المئة من الطلبة يكملون الدراسة الثانوية و2 في المئة فقط يُكملون تعليمهم الجامعي. وعلاوة على ذلك، فقد أظهرت دراسة أنجزتها وزارة التعليم في 2004 أن واحداً فقط من أصل كل 5 معلمين في المدارس الثانوية التابعة للدولة يجيدون اللغة الإنجليزية. كما يقول الأجانب الذين يقيمون في الفلبين منذ عقود إنه كان من الممكن في أواخر الستينيات التحدث باللغة الإنجليزية مع أي فلبيني تقريباً أتم تعليمه الابتدائي، بينما بات من الصعب اليوم إيجاد فلبينيين عاديين دون سن الأربعين يتحدثون باللغة الإنجليزية بشكل جيد. والواقع أن الحكومة تعترف بهذا التراجع الذي تتأسف عليه وسائل الإعلام المحلية، وفي هذا السياق، أمرت الحكومة في 2003 بتدريس "الإنجليزية" كلغة ثانية في المدارس الابتدائية وجعلتها لغة التلقين بالنسبة لـ70 في المئة من التعليم في المدارس الثانوية. كما قامت منذ ذلك التاريخ باعتماد دروس في اللغة الإنجليزية للمعلمين. وفي هذا الإطار، يقول جارسيا من "جمعية تعهيد الأعمال الفلبينية: "أعتقد أن الحكومة تبذل جهداً.. ولكن عليها أن ترفع المعايير، علماً بأن القطاع مستعد للتعاون معها". غير أن قطاع التعهيد وتصدير الخدمات أنشأ برامجه الخاصة لتحسين المعايير، وتوفير التدريب اللازم من أجل الرقي بالمهارات اللغوية لطالبي الوظائف إلى المستوى المطلوب. ويقول جارسيا: "إذا لم نلب الطلب، فإننا سنخسر أعمالنا... إننا سنحتاج دائماً إلى اللغة الإنجليزية". جون ماكلين - مانيـلا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض