محمد إبراهيم (الجزائر)
علمت «الاتحاد» أن الاتهامات الموجهة لكل من السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، المستشار السابق للرئيس، والجنرال محمد مدين المعروف باسم «الجنرال توفيق»، والجنرال عثمان طرطاق المعروف باسم «البشير» رئيسي المخابرات السابقين قد تصل عقوبتها إلى الإعدام. وقالت مصادر قضائية مطلعة على سير التحقيقات مع الموقوفين الثلاثة لـ«الاتحاد»، إن الجنرال توفيق كان أول من أخضع للتحقيق الذي استمر نحو ساعة ونصف الساعة، وتلاه السعيد بوتفليقة الذي مثل أمام قاضي التحقيق العسكري 15 دقيقة، ثم الجنرال طرطاق الذي استمر التحقيق معه 15 دقيقة أيضاً. وأوضحت المصادر أن الاتهامات الموجهة للثلاثة تتراوح عقوبتها بين السجن لمدة بين 5 و10 سنوات، وقد تصل إلى الإعدام، حسب مجريات التحقيق وثبوت الإدانة، حيث إنهم متهمون بالمساس بسلطة الجيش والتآمر ضد سلطة الدولة.
وأشارت المصادر إلى أن المادة 284 من قانون القضاء العسكري الجزائري تنص على أن كل شخص ارتكب جريمة تآمر غايتها المساس بسلطة قائد تشكيلة عسكرية أو سفينة بحرية أو طائرة عسكرية، أو المساس بالنظام أو بأمن التشكيلة العسكرية أو السفينة البحرية أو الطائرة، يعاقب بالسجن مع الأشغال من خمس سنوات إلى عشر سنوات، وتقوم المؤامرة بمجرد اتفاق شخصين أو أكثر على التصميم على ارتكابها. ويطبق الحد الأقصى من العقوبة على العسكريين الأعلى رتبة وعلى المحرضين على ارتكاب تلك المؤامرة، وإذا تمت المؤامرة في زمن الحرب وعلى أراض أعلنت فيها الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ أو في أية ظروف يمكن أن تعرض للخطر أمن التشكيلة العسكرية أو السفينة البحرية أو الطائرة أو أن ترمي إلى الضغط على قرار القائد العسكري المسؤول فيقضى بعقوبة الإعدام.
وتداول الجزائريون بكثرة صور الموقوفين وهم في المحكمة غير مصدقين أنه تم تقديمهم إلى العدالة. ويرى الجزائريون أن السعيد بوتفليقة كان يدير البلاد في السنوات الأخيرة عقب اعتلال صحة أخيه الذي أصيب بجلطة دماغية في 2013 أقعدته عن الحركة والكلام حيث شغل منصب مستشار الرئيس الجزائري لأكثر من 10 سنوات. وأقيل الجنرال توفيق من رئاسة جهاز المخابرات في سبتمبر 2015، بعد 25 عاماً قضاها في المنصب وكان يوصف بـ«صانع الرؤساء»، ليخلفه الجنرال عثمان طرطاق الذي أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية إقالته من منصبه مطلع أبريل الماضي بالتزامن مع استقالة بوتفليقة.
يأتي ذلك فيما أطل الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح على الجزائريين عشية أول أيام رمضان في خطاب متلفز أعلن فيه تمسكه بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المقرر في 4 يوليو المقبل، مؤكداً أن الحوار والتشاور هو السبيل الأوحد لبناء توافق واسع يسمح بتوفير الشروط الملائمة لتنظيم تلك الانتخابات. وقال: «إن الحوار الذكي والبناء ذي النية الصادقة، يبقى السبيل الأوحد لبناء توافق مجد وواسع يسمح بتوفير الشروط الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية في المواعيد المحددة، والتي من شأنها أن تخرج بلادنا بشكل نهائي ودائم من عدم الاستقرار السياسي والمؤسساتي».
وأضاف: «أن لرئيس الجمهورية المنتخب بنزاهة الشرعية اللازمة كل الصلاحيات الكفيلة بتجسيد التطلعات العميقة إلى التغيير والاستجابة لكل المطالب الشعبية الشرعية». وأشار إلى أن تغليب هذه الخطوة العقلانية والسليمة هو تغليب للمصلحة العليا للأمة التي تعتبر القاسم المشترك لكل الأطراف على المصالح الشخصية والحزبية الضيقة، معتبراً أنه «من البدهي أن ترتيبات تنظيم ومراقبة هذه الانتخابات والإشراف عليها في كل مراحل التحضير والسير وحتى الترتيبات النهائية، يتوجب أن تكون في صلب هذا الحوار وأن تحظى بتوافقٍ واسع». ودعا كل الفاعلين الوطنيين، ومكونات الطبقة السياسية، والمجتمع المدني، إلى العمل من أجل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الوطني، لأنه وحده الكفيل بوضع البلاد على مسار مستقبل آمن ومزدهر وبإفشال المخاطر والمخططات المعادية الرامية إلى الدفع به نحو الفراغ الدستوري وغياب الدولة، ومن ثم جره إلى دوامة الفوضى وعدم الاستقرار.
ووجه ابن صالح، التحية للجهود التي يبذلها الجيش الجزائري، للحفاظ على الطابع الدستوري للدولة واستمراريتها وضمان أمن واستقرار الوطن، خصوصاً قيادته، نظير وضوح التزامها ووقوفها بجانب الشعب في هذه المرحلة المصيرية من تاريخه وعزمها على التصدي للتصرفات العدائية ضد وطننا ووحدته، فضلا عن المحاولات الرامية إلى المساس بالأمن الوطني وتهديد الوحدة الوطنية.
وأشار إلى أن مكافحة الفساد وتبديد المال العام التي كانت في صلب المطالب الشعبية التي عرفت تسارعاً يؤكده إحكام قبضة العدالة على ملفات ثقيلة، بعزم وبمنهجية، سيكون لها الأثر المحمود على الاقتصاد الوطني الذي سيتخلص من مغبات الممارسات التي لطالما أعاقت سيره.
وقال: «إن المصلحة العليا للوطن تملي المحافظة على الدولة واحترام المؤسسات وصون أمن واستقرار البلاد مهما كانت الظروف»، داعيًا الشعب إلى التحلي باليقظة والاستعداد لمجابهة النوايا الخبيثة والتصرفات العدائية لبعض الأطراف، لم يسمها، التي تحاول زرع بذور الفتنة والمساس بمؤسسات الدولة وبمصداقية جهودها الرامية إلى التوصل لمخرج للأزمة عن طريق الحوار والتشاور، باعتباره السبيل الوحيد الذي من شأنه ضمان خروج سلمي منها. ولم يقدم ابن صالح في خطابه أي تفاصيل عن أجندة أو موعد أو آليات الحوار الذي دعا له مجددا، معتمدا فقط على قبول الأحزاب دعوة الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان للحوار.