دمشق ـ عمّار أبو عابد:
بعد صراع الأشاوس وحكايا الفرسان والقبائل وحروب الصحراء، يعود الفنان رشيد عساف إلى الدراما الاجتماعية الواقعية، بشخصية 'نبيل' الانتهازي والمحتال والقاتل في مسلسل 'الغدر' الذي يخرجه بسام سعد وتنتجه شركة عرب للإنتاج والتوزيع الفني·
يقول الفنان رشيد عساف إن الدور رغم أنه شرير وسلبي، إلا أنني اعتبره من أنسب الأعمال الاجتماعية التي عرضت علي لأنه واقعي، ويمثل نموذجاً لعشرات الانتهازيين الذين نجدهم في كل مكان حولنا·
شخصية 'نبيل الصاحب' التي يؤديها رشيد عساف، شخصية شريرة متآمرة وانتهازية، تحاول الوصول إلى الثروة بأي طريق، ولو كان بأسلوب القتل، وهو يشكل محوراً أساسياً في العمل الذي يتشعب إلى محاور وخيوط عديدة تتشابك جميعها لتلتقي عنده من جديد·
بدأ نبيل بالتآمر على رب عمله صاحب المصنع، وراح يسرقه، وكان يطلب تعاون الآخرين في مسعاه الشرير، ويقوم بتصفية أو توريط كل من يرفض هذا التعاون الآثم، إلى أن ينتهي به الأمر إلى قتل صاحب المصنع، ومن ثم الفرار من دمشق إلى بيروت، حيث يرتكب جريمة قتل أخرى، وينتحل اسم القتيل 'جودت المحمود'، ويتوجه إلى مصر· وفي الطريق يتعرف إلى رجل أعمال لبناني 'جميل' وابنته، فينصب شباكه حولهما، ويشارك جميل في أعماله في القاهرة، ثم يتزوج من ابنته ' فاتن' وتنجب له بنتاً، وفي هذه الأثناء يظهر أحد أقرباء جودت المحمود في مصر، ويكتشف أن نبيل الصاحب ينتحل اسم قريبه! لكن الأخير يقنعه بالتكتم على الأمر، ويجعله أحد مساعديه المقربين!·
حبكة بوليسية
تمتد أحداث المسلسل وتتشابك على مدى ربع قرن من الزمان، وخلال هذه المدة يخرج الأبرياء من السجن، وهم الذين زج بهم فيه نبيل الصاحب ظلماً وعدواناً، ويكبر أبناء القتلى ويخوضون الحياة العملية، وتتشابك العلاقات بينهم جميعاً، دون أن يدري أي منهم علاقة آباء الآخرين بما جرى في الماضي، ودون أن يعلموا أن الرأس المدبر لكل ما جرى هو 'جودت المحمود' والذي هو في الحقيقة ليس إلا نبيل الصاحب القاتل والمحتال!
وفي محاور هذا العمل الاجتماعي، وعبر الحبكة البوليسية فيه، يمكننا أن نعيش حالات لحياة الشباب ومعاناتهم· فليلى ابنة العامل الذي تسبب نبيل الصاحب في قتله، تعيش في ملجأ للأيتام، وتتعلم الخياطة، وتنتسب إلى الجامعة، وتحقق نجاحاً باهراً، بينما شقيقها الذي لا تلتقيه ولا تعرفه، والذي تربى في الكنيسة، استطاع أن يكمل دراسته ليصبح محامياً مرموقاً! كما يكبر ابن صاحب المصنع القتيل· وفي المقابل فإن 'مايا' ابنة نبيل تغرق وسط شلة من المنحرفين والضائعين، ويمر بنا المسلسل من خلال أحداثه على صور واقعية عديدة لانحراف بعض الشباب والشابات!
خاتمة متوقعة
تنتهي حلقات المسلسل بانكشاف الحقائق رويداً رويداً، فاليتيمان ليلى وجابر يتعرفان إلى بعضهما كشقيقين، كما يتعرفان إلى أمهما المظلومة 'حنان' زوجة العامل الذي قتله 'نبيل'، وسامي ابن صاحب المصنع القتيل يتعرف إلى قاتل أبيه: نبيل الصاحب، والذي يجد نفسه في مواجهة شريكه في الإجرام 'شوكت' فيقتله أثناء عراك بينهما، وفي هذه اللحظة تصل الشرطة، وتنكشف كل الخفايا والحقائق، وتتغير علاقات كثيرة، لكن المجرمين لا يقعون في قبضة العدالة جميعاً، فبعضهم يهرب خارج البلاد، وبعضهم يحاول· أما نبيل فينتظر حكم العدالة ما بين الإعدام أو المؤبد جزاء ما اقترفت يداه، وقصاصاً عادلاً لجشعه وانتهازيته وجرائمه·
يقول المخرج بسام سعد إن العمل اجتماعي رومانسي فيه لمسات إنسانية دافئة وعميقة، وهو مقتبس عن رواية عالمية تتحدث عن الخير والشر، ويتضمن حبكة جميلة ومثيرة· كما أن السيناريو الذي كتبه عبد المجيد حيدر يسلط الضوء على قضايا الشباب المعاصر، ويطرح ببساطة ويسر علاقة الناس ببعضهم بعضاً، كما يشير إلى التسامح في المجتمع السوري، حيث إن هناك ولداً مسلماً يتيماً يتربى في الكنيسة، فيقوم الرهبان بتربيته على دينه الإسلامي، ويرسلونه للصلاة في المسجد·
ويضيف المخرج بسام: ' العمل يهتم بجيل المراهقين، وأنا متحمس له كثيراً، لأن هؤلاء المراهقين هم الشريحة التي تمثل ابني وابنتي، لذا أجدني قريباً جداً من هذا العالم، فأنا أحب أن أسمع مشكلات أولادي بالتفصيل، وأستمتع بمشاركتهم في الاستماع إلى أغانيهم، والبرامج التلفزيونية المحببة لهم'·
أبطال العمل
يشارك في هذا المسلسل الفنانون: رشيد عساف، فرح بسيسو، زياد سعد، زهير رمضان، رامي حنا، ميلاد يوسف، عبد الحكيم قطيفان، دينا هارون، قمر عمرايا، جلال شموط، تاج حيدر، نزار أبو حجر، لينا كرم، نجوى علوان، أوجا أبو الدهب، رنا جمول، محمد قنوع، جيني إسبر، رواد عليو، محمد الجمل، عدنان أبو الشامات، لمى إبراهيم، ظفيرة قطان، ربما المأمون· ومن لبنان الشقيق يشارك في العمل الفنان المعروف أحمد الزين، والفنانة الصاعدة ميدا مستراح، ومن مصر غادة السيد عبد العال·
وعن اختيار الممثلين يقول المخرج بسام سعد إن اختيار الفنان النجم رشيد عساف لدور البطولة هو كسب للعمل لأنه ممثل قدير ونجم محبوب، كما أن قيامه بهذا الدور في عمل اجتماعي بعد مدة من غيابه عن هذا النوع من الأعمال يعتبر إضافة جميلة للعمل، وللفنان نفسه·
ويشير المخرج إلى أنه تم اختيار الفنانين المناسبين للعمل، وأنه حرص على عدم تكرار تواجد الممثلين في أكثر من عمل· كما اختار عدداً من الوجوه الجديدة الموهوبة، واعتبر بسام أن مشاركة الفنان اللبناني الكبير أحمد الزين في هذا العمل سيعطيه نكهة خاصة، كما أن مشاركة الفنانة اللبنانية الشابة ميدا مستراح، والفنانة المصرية غادة عادل، سيجعل باقة العمل عربية بامتياز·
قالب قصصي
الفنان جلال شموط تحدث عن فكرة العمل، فرأى أنها مثيرة جداً لأنها تلقي الضوء على مشكلات اجتماعية وشبابية· لكن العمل لا يطرح لها حلولاً، ولا يقوم بالوعظ، إنما ينبه لهذه المشكلات في قالب قصصي مشوق، وفي إطار أحداث دراماتيكية مفاجئة· ويضيف شموط: 'على الرغم من كثرة المسلسلات الاجتماعية، إلا أن ما يطرح حول الشباب في هذا المسلسل يعتبر جديداً'·
ويجسد جلال دور 'عماد' صاحب الملهى الليلي الذي يرتاده طلاب الجامعة للرقص والشرب، وهو يحب أن يجمع حوله أكبر عدد من هؤلاء الطلاب ومن الجنسين كي يظل الملهى الذي يملكه متميزاً بالإثارة!·
وعن تعامله مع المخرج يقول الفنان جلال: إن المخرج بسام سعد يعطي الممثل حيزاً كافياً ليكون حراً، كما أنه ديموقراطي ومحاور جيد، بحيث يأتي عمل الممثل ضمن حالة الأمان التي يشعر بها·
مصرية متمردة
الفنانة المصرية غادة عادل تقول: أؤدي شخصية فتاة مصرية متعجرفة وسطحية، وهذه الفتاة من أصل سوري وأم لبنانية، لكنها عاشت عمرها كله في مصر، وقد توفيت أمها في ظروف غريبة ومريبة، لذا فهي تتمرد على وضعها مما يوقعها في مشكلات كثيرة· وعن أسلوب أدائها للدور تقول: إنني أدافع عن هذه الفتاة، وعن تمردها، لأن ظروفها هي التي جعلت منها إنسانة فارغة، وقد سبق لي أن أديت دوراً لمتمردة، ولكنه مختلف عما في هذا العمل· وتتحدث غادة عن تجربتها في العمل لأول مرة في مسلسل سوري، فتقول: إن عملي مع الفنانين السوريين يشكل حالة اكتشاف جديدة، وفي مكان جديد، ومع فنانين أتعرف إليهم لأول مرة، وقد كنت أعتقد أن تآلفي سيكون بطيئاً، ولكني فوجئت بسرعة تأقلمي مع الأجواء، وحبي لكل من أعمل معهم· وتضيف غادة: إن الأوساط الفنية تحمل قواعد العمل الأساسية نفسها، سواء في مصر أم في سوريا، لكن المتعة بالنسبة لي نتجت عن التجربة الجديدة مع الفنانين السوريين، وعن الاكتشاف والتعارف·
شباب سطحي وطائش
يؤدي الممثل ميلاد يوسف شخصية سامي ابن صاحب المصنع، الذي عاد إلى بلده بعد عشرين عاماً من الغربة ليجد جريمة مقتل والده ماثلة أمامه، وكأنها حدثت البارحة! وحين يقع في حب إحدى الفتيات لا تلبث هذه العلاقة أن تضطرب، فيمرض وينهار!
ويعبر ميلاد عن سعادته بمشاركته بهذا العمل الاجتماعي الذي يلامس قضايا الشباب، ويتطرق إلى مشكلاتهم في إطار عمل اجتماعي ذي حبكة 'بوليسية' مشوقة· أما كنان اسكندراني، فيقوم بشخصية بسام، وهو شاب من الجيل الجديد، لكنه سطحي لا يهتم إلا بالقشور الزائفة، ولاهم له إلا كسر التقاليد الاجتماعية، ليدخل في عالم غريب وغامض هو عالم 'الديسكو'، حيث يسخره صاحب الملهى لاستقطاب الشباب الجامعيين إلى الملهى· ويقول كنان: إن ما أغراه في هذا العمل هو أنه يحمل قيماً اجتماعية عالية، وينبه الآباء والأمهات إلى الاهتمام بأولادهم وبناتهم في هذه السن الحرجة· ورغم أن كنان ينتمي إلى الفئة العمرية التي يجسدها في العمل، إلا أنه اضطر لارتياد الملاهي الليلية ليختلط بروادها من الشباب، ويتعرف إلى ملابسهم وطريقة تفكيرهم وأحاديثهم، حتى يكون أداؤه للدور واقعياً ومقنعاً·
ويرى كنان أن مسلسل 'الغدر' إضافة إلى كل ما يحمله من قصص مشوقة ومثيرة، فهو يحمل رسالة إلى الآباء والأمهات مفادها: احذروا من مفاجآت أبنائكم، وظلوا قريبين منهم، ومنفتحين عليهم، حتى لا يضلوا الطريق·