لكبيرة التونسي (أبوظبي)
وجدوا في الإمارات أرضاً خصبة، استقبلتهم بكل حفاوة وترحاب منذ خمسينيات القرن الماضي. مارسوا فيها عاداتهم بحرية تامة، وعاشوا بسلام وأمان. لذلك، يعبرون دائماً عن سعادتهم، لقدرتهم على التعبير عن هويتهم في وطن التسامح، من خلال النادي الاجتماعي السوداني الذي يمثل جسراً للتواصل والانفتاح بين مختلف الثقافات. وتقام فيه العديد من الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية.
التواصل الاجتماعي
يقول الدكتور علي زايد، رئيس مجلس إدارة النادي الاجتماعي السوداني أبوظبي: إن النادي جاء ثمرة العلاقات القوية بين الإمارات والسودان، موضحاً أن الجالية السودانية وفدت للدولة على ثلاث مراحل، على شكل محاولات فردية خلال الخمسينيات من القرن الماضي، ثم في السبعينيات بعد ظهور البترول، أما المرحلة الثالثة فقد جاءت بعد الزيارة التاريخية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، إلى السودان يوم 23 فبراير 1972، حيث زار الخرطوم وعدداً من المدن الأخرى بما فيها غرب السودان.
ويضيف: توطدت العلاقات الأخوية وارتفع عدد السودانيين بالإمارات، حيث عشنا بأمان وسلام وتعايشنا مع مختلف الجنسيات، وجاء النادي الذي تبلغ مساحته 5600 متر مربع في قلب أبوظبي، ليعكس ما يتميز به المجتمع السوداني من ترابط، وليقوم بدوره في ربط أبناء الجالية ببلدهم الأم، ومن جهة أخرى لخدمة الدولة في إطار مسؤوليته الاجتماعية، وأصبح النادي منارة إشعاع ثقافية واجتماعية ورياضية، فالجالية السودانية تقيم على مدار السنة الاحتفالات الفنية والغنائية الترفيهية وتمارس عاداتها بكل أريحية، كما أن مرافق النادي تمنح أبناء الجالية المساحة الكاملة لممارسة نشاطهم الرياضي تحت إشراف أفضل المدربين الرياضيين السودانيين، كما تمنحهم فرصة التعلم ودعمهم في مختلف المواد العلمية، ما ساعد على إفراز نخبة ممتازة من أبناء الجالية السودانية الذين يحرزون أعلى العلامات بالثانوية العامة.
ويتابع الدكتور على زايد: يقوم النادي الاجتماعي أيضاً باستضافة الكثير من المفكرين السودانيين لإبراز تجاربهم وخبراتهم الفكرية، وليتحاوروا مع أبناء الجالية السودانية.
الدبلوماسية الناعمة
وأضاف: «الفعاليات الاجتماعية للجالية تدعم روح التواصل بين أبناء الجالية، من خلال الاحتفال بمناسبات الأعياد الدينية والوطنية، وتنشئة الأطفال السودانيين على عادات وتقاليد بلدهم الأم، والمشاركة في الفعاليات والأنشطة متاحة للجميع دون استثناء، ما يجعل الجالية تلعب دوراً دبلوماسياً شعبياً كبيراً في نشر الثقافة السودانية.
إفطار خيري
وعن الدور الثقافي الذي تقوم به الجالية، قال الدكتور محمد قيلي مكاوي، أمين الشؤون الثقافية بالنادي الاجتماعي السوداني: إن النادي يشكل المظلة الاجتماعية والثقافية والرياضية لأبناء الجالية، حيث يشهد تقديم الأهازيج التراثية والرقصات الشعبية وتنظيم معارض الفلكلور والتراث السوداني والمنتديات الشعرية، والمحاضرات الدينية.
وأشار مكاوي إلى أن الجالية تقوم بدور كبير في ربط أبناء السودان بوطنهم الأم، كما تنظم العديد من المبادرات الخيرية والتطوعية، بحيث تقدم يومياً مائدة إفطار خلال الشهر الكريم، موضحاً أنه يوزع أكثر من 200 وجبة إفطار على مدار الشهر الكريم لمختلف الجاليات وتساهم الأسر السودانية تطوعاً بوجبات يومية يتم إعدادها بالبيت، كما تنظم خلال الشهر الكريم عدة محاضرات وندوات دينية وثقافية والليالي الشعرية، ودوري في مختلف الرياضات، إلى جانب مختلف الأنشطة والفعاليات الأخرى التي تنظم بمناسبة العيد لأبناء السودان. كما يتم تنظم أيام أسرية طوال السنة إلى جانب حفل ترفيهي أسري، ويتضمن الحدث عدة فعاليات ومسابقات، وتعكس الجالية، من خلال الفعاليات الأجواء في السودان وما يتميز به من ترابط اجتماعي، ويظهر ذلك جلياً حتى في حالة الوفيات، حيث يتكاتف الجميع خلال وفاة أي شخص من الجالية، ولا يتخلف أي فرد من أفراد الجالية، وذلك لمساندة أهل الميت مادياً ومعنوياً.
وأشار رشدي عبدالمنعم إبراهيم، الأمين العام للنادي الاجتماعي السوداني، إلى أن النادي يحتوي على قاعة كبيرة تقام بها أهم المناسبات، إلى جانب المبنى الإداري ومكتب لجمعية المرأة السودانية، وقاعة للاجتماعات وقاعة للأنشطة الرياضية والثقافية وغرفة للبلياردو ومطعم سوداني وحديقة للأطفال تجمع أبناء الجالية، وتعزز لديهم العادات والتقاليد السودانية.
«البليلة» .. طبق لا غنى عنه
تقول المواطنة السودانية عواطف أبو بكر عن طقوس الإفطار في رمضان على الطريقة السودانية: نبدأ الإفطار بتناول التمر ثم البليلة، وهي عبارة عن الحمّص المخلوط مع أنواع أخرى من البقول المسلوقة، ومضاف إليها التمر، وهو طعام لا غنى عنه عند الفطور، ثم يتبع ذلك تناول عصير الليمون إذا كان الجو حاراً، أو «الحساء»، إذا كان بارداً. وهناك أيضا مشروب لا غنى وهو «حلو مر».
وأضافت: الطبقان الرئيسان هما العصيدة والكسرة، وتتكون كل منهما من الدقيق مع الاختلاف في طريقة التجهيز، ويضاف إليهما الملاح «صالونة سودانية» بأنواع مختلفة، وهناك أنواع مختلفة من الملاح على حسب الرغبة.. وملاح أحمر «التقلية» من البصلة المحمرة واللحمة المفرومة المجففة وعصير الطماطم وتضاف له الويكة «بودرة البامية المجففة»، ويتم إعداد الملاح الأبيض «ملاح الروب» من الزبادي فقط ودقيق النشا، وهناك ملاح النعيمية وهي خليط بين الاثنين، والقراصة تصنع من الدقيق مع الماء والخميرة وتضاف إليها الدمعة صالونة اللحمة أو الدجاج. ومن الأطباق الرئيسة الفول والطعمية، ولاتختلف أصناف مائدة العشاء الرمضاني كثيراً عن الشهور العادية، ولكن يكون الطبق الرئيس عند أغلب الأسر في السودان هو الكسرة مع الملاح، بالإضافة للفول والطعمية، أما السحور فمن أساسياته الرقاق أو الفطيرة بالحليب، والبعض يفضل شراب الأبري الأبيض.
المرأة السودانية .. حافظة التراث
تلعب المرأة السودانية دوراً بارزاً في المشهد الاجتماعي والثقافي في الإمارات، كما تعتبر حارسة العادات والتقاليد من خلال تنظيم مختلف الفعاليات والمشاركة في المعارض والمهرجانات.
وتقوم جمعية المرأة السودانية في أبوظبي بمقر النادي السوداني الاجتماعي، بدور فعال في هذا الصدد على كل المستويات، بل إنها تعمل على إيجاد حلول للمشاكل التي تعترض البعض، كما تمثل جسر تواصل بين المرأة السودانية والمجتمع الإماراتي الذي يتميز بالتنوع.
تقول رئيسة جمعية المرأة السودانية في أبوظبي إلهام سلطان إنها تقوم على مبدأ الحفاظ على التراث وصون العادات والتقاليد، ومساعدة مختلف فئات الجالية السودانية، والمشاركة في إقامة الفعاليات الثقافية والاجتماعية، وتنفيذ مبادرات خيرية وتطوعية لفائدة المجتمع الإماراتي. وأضافت: «منذ بدايتها أخذت الجمعية على عاتقتها مهمة التعريف بالموروث الشعبي والثقافي السوداني، في الوقت نفسه الانفتاح على الآخر في إطار التبادل الثقافي».. وقالت «نشارك في مختلف المعارض والمهرجانات المحلية والعربية، ونسهم في إحياء الأيام الثقافية لمختلف الجاليات».
وتمثل جمعية المرأة السودانية في أبوظبي نافذة على التراث الشعبي السوداني، وهي تساعد المقبلين على الزواج. تقول إلهام سلطان: «بالإضافة للمشاركة في مختلف الفعاليات، فإن الجمعية تنظم بمقرها بالنادي الاجتماعي السوداني بأبوظبي يوماً أسرياً على رأس كل شهر، يضم النساء والشباب، ويشمل مختلف المأكولات السودانية، ونطرح خلاله برنامجاً متكاملاً، ونتطرق لمشكلة أو قضية معينة تخص الجالية».