شريف عادل (واشنطن)
في انعكاسٍ لمشهد النمو المرتفع الذي تم تحقيقه في الولايات المتحدة في الربع الأول من العام، الذي وصل إلى 3.2%، أظهرت سوق العمل الأميركية في شهر أبريل المنتهي قوة فاقت التوقعات، بعد أن أضافت 263 ألف وظيفة، وانخفضت البطالة إلى أقل مستوياتها فيما يقرب من 5 عقود.
وفي تقرير الوظائف الأميركية، الذي يصدر الجمعة الأول من كل شهر، قالت وزارة العمل إن تواصل إضافة الوظائف للشهر رقم 103 على التوالي، أدى إلى انخفاض معدل البطالة إلى 3.6%، وهو الأقل منذ ديسمبر 1969، وأن التعيينات الجديدة كانت مصحوبة بارتفاع في معدلات الأجور، ما أدى إلى ارتفاع مؤشر «داو جونز» للأسهم الأميركية نحو 200 نقطة، أو 0.75%، بينما ارتفع مؤشر «إس آند بي» بنسبة 0.96%، وسجل مؤشر «ناسداك» مستوى قياسياً جديداً، بعد أن ارتفع بنسبة 1.58%.
وكان أفضل ما جاء في تقرير هذا الشهر وصول التأثيرات الإيجابية للعديد من الفئات المهمشة، التي عانت منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث شمل ارتفاع الأجور الموظفين الذين يحصلون على أقل الرواتب، كما انخفضت البطالة بين من لم يحصلوا إلا على القدر اليسير من التعليم. وأشار التقرير أيضاً إلى ارتفاع أجور العاملين في القطاع الخاص بنسبة 3.2% مقارنةً بالعام الماضي، ما يعني زيادة حقيقية في مستويات معيشتهم، خاصة مع انخفاض معدل التضخم تحت مستوى 2%.
ومع الانقسام الحاد في واشنطن حالياً بين الحزبين، حيث يتم تحويل كل شيء إلى صراع بينهما، اعتبر ترامب وفريقه من الجمهوريين أن الأداء المبهر للاقتصاد الأميركي ناتج عن السياسات الناجحة للرئيس الأميركي، بينما رأى فريق الديمقراطيين أن كل ما هو إيجابي في الاقتصاد الأميركي حالياً يرجع لسياسات وقرارات اتخذت قبل يناير 2017، وقت تسلم ترامب المسؤولية، وربما يكون لكلا الفريقين بعض الحق.
وبعد مرور عامين على وجود ترامب في البيت الأبيض، تلاشت التحذيرات داخل المجتمع الأميركي من التأثيرات السلبية للنزاعات التجارية مع أغلب شركاء الولايات المتحدة أمام الأرقام الجيدة للاقتصاد والبورصة الأميركيين، وبدا أغلب المحللين، من الحزبين، مقتنعاً بالتأثير الإيجابي للإعفاءات الضريبية، وحزم الإنفاق الحكومي، وتخفيف القيود على أغلب أنشطة المؤسسات المالية، على معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة التي تم تحقيقها خلال العام الماضي، والفترة التي مضت من العام. وفي خضم كل ذلك، انحسرت المخاوف من حدوث ركود اقتصادي قرب نهاية العام، أو مطلع العام القادم، وبدأ كثير من الاقتصاديين يتجاهلون العديد من النظريات الاقتصادية القديمة، التي دحضها انتعاش اقتصادي استمر لعقدٍ كاملٍ من الزمان، دون أن يتسبب في ارتفاع معدل التضخم، أو أي من المؤشرات السلبية الأخرى.