22 مارس 2011 19:55
يعتبر التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال من أكثر الأمراض انتشاراً بعد الزكام «الرشح» وبالذات في مرحلة ما قبل المدرسة. ومن الضروري معالجة الحالة بسرعة تفادياً لتطورها نحو التأثير على السمع. وهو في الغالب من طبيعة بكتيرية أو فيروسية، يلي في العادة الزكام والتهاب الحلق وسائر اضطرابات الجهاز التنفسي.
وفقاً للاستشاري في جراحة الأنف والأذن والحنجرة، الدكتور فاهم عبد الرحيم، فإن التهاب الأذن الوسطى يعني وجود سائل خلف طبلة الأذن أي في الأذن الوسطى، وهو من الحالات الشائعة التي تصيب الأطفال بين سنتين إلى خمس سنوات على الغالب.
يضيف الدكتور عبد الرحيم أن الأذن الوسطى تحتوي في الحالة الطبيعية على الهواء، ويكون ضغط الهواء في الأذن الوسطى مساوياً للضغط الجوي، كما تتصل الأذن بمنطقة خلف الأنف بواسطة قناة أوستاكي. وترتبط الإصابة بالتهاب الأذن الوسطى بانسداد قناة أوستاكي غالباً بسبب وجود «اللحمية» خلف الأنف، أو عدم كفاءة قناة أوستاكي وظيفياً.
الأعراض
يشير الدكتور عبد الرحيم إلى أن التهاب الأذن الوسطى يتميز بنقص في حدة السمع بدرجات متفاوتة، مما يؤدي إلى مشكلات في المدرسة بسبب قلة استيعاب الطالب، كما أن بعض الأطفال المصابين يشتكون آلاماً متكررة في الأذن. ويتم التشخيص بعد فحص الطفل من الطبيب الذي يلاحظ بعض التغيرات في طبلة الأذن، كما يقوم الطبيب بإجراء فحص قياس ضغط الأذن الوسطى.
ويمكن إجراء فحص تخطيط السمع للأطفال الذين تجاوزوا الخامسة من العمر.
العلاج
أما عن العلاج، فيقول الدكتور عبد الرحيم: «يكون العلاج، بالمراقبة الدورية لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر يعطي الطفل خلالها الأدوية المضادة للاحتقان ومضادات الهستامين وقطرات الأنف المزيلة للاحتقان التي تستعمل بحذر وبعدد قصير. فكثير من الأطفال يستجيبون لهذا العلاج التحفظي، وفي حالة عدم الاستجابة يلجأ الطبيب المعالج لإجراء عملية سحب السوائل مع وضع أنابيب تهوية في الطبلة».
ويوضح الدكتور عبدالرحيم الوضع التشريحي للأذن الوسطى، ويقول: «تأتي الأذن الوسطى بعد طبلة الأذن مباشرة، حجمها لا يتجاوز مثيله لحبة البازلاء، وهي ترتبط مع الحلق في جزئه الأعلى، أي ما يسمى (البلعوم الأنفي) عن طريق قناة استاكيوس eustachian tube، وهي قناة ضيقة تتمتع بالقدرة على تصريف السوائل من الأذن الوسطى نحو الجزء العلوي للحلق، كما تساهم في تحقيق توازن ضغط الهواء في داخل الأذن. أما المنطقة الفارغة من الأذن الوسطى، فتكون في الحالة الطبيعية مملوءة بالهواء، ومن شأن تراكم السوائل في الأذن الوسطى أن يؤدي إلى الإنفلونزا والزكام، وهي تكون مصحوبة عادة بالتهاب في المجاري التنفسية العليا، وقد يؤدي إلى بعض أنواع الحساسية أيضاً».
الالتهابات
أما عن كيفية حدوث التهاب الأذن الوسطى، فيقول الدكتور عبد الرحيم: «توجد البكتيريا عادة في منطقتي الحلق والأنف، وهي قادرة على الانتقال إلى الأذن عبر قناة استاكيوس، ويمكن لأي خلل في عملية التصريف بواسطة قناة استاكيوس، أن يؤمن مكاناً ملائماً لتكاثر البكتيريا، خاصة في ظل وفرة الإفرازات، مما يؤدى إلى الالتهاب، الذي يعود غالباً إلى ثلاثة أنواع من البكتيريا، وهي: ستربتوكوكس نيمونيStreptococcus pneumoniae، وهيموفيلس انفلونزى Haemophilus influenzae، وموراكسيلا كاتاراليس Moraxella catarrhalis، ويمكن في بعض الحالات أن تتسبب الالتهابات المتكررة للأذن والتي لا تلقى العلاج اللازم إلى غياب المقدرة السمعية بصورة دائمة، فمن شأن تكرار الالتهاب أن يلحق الضرر بطبلة الأذن، كما يمكن للحالات المتقدمة منه أن تطال عظام الأذن، إضافة إلى العصب السمعي مما يقود إلى الصمم المؤكد، وإن كان حدوث مثل هذا الأمر نادراً في ظل وجود الحد الأدنى من المتابعة الطبية».
أهم المضاعفات
يشير الدكتور عبد الرحيم إلى أن العلاج الملائم إذا جاء في الوقت المناسب يكبح التهاب الوسطى ويحول دون حصول مضاعفات، لكن أي تأخير في العلاج، أو أن يكون غير مناسب فمن شأنه أن يقود نحو تفاقم الحالة، والتأثير على قدرات المريض السماعية. ويعود ذلك إلى تراكم السوائل في الأذن الوسطى أثناء الالتهاب بصورة تحول دون انسيابية انتقال الصوت في الأذن. ولا يقتصر الأمر على مشكلة الصمم وحدها، ذلك أن تعلم الأطفال للكلام يتم عن طريق السماع، لهذا فمن شأن ضعف السمع عندهم أن يؤدي بهم إلى تراجع في المقدرة على اكتساب الكلام مما ينتج مشكلة في النطق تحتاج إلى تدخل الأخصائيين.
ويضيف الدكتور عبد الرحيم: «إن التهاب الأذن الوسطى يصيب الناس من مختلف الأعمار، إلا أنه يطال الأطفال بأكثر مما يفعل مع البالغين، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 85% من الأطفال الذين لم يتجاوزا السنة الثالثة من أعمارهم يصابون بهذا النوع من الالتهاب، ونسبة كبيرة منهم تتعرض للإصابة أكثر من مرة، ومرد ذلك إلى كون أن قناة استاكيوس عند الأطفال تكون أقصر وأضيق وأكثر استقامة منها لدى البالغين مما يؤدي إلى سهولة تراكم الإفرازات في منطقة الأذن الوسطى. ويعتبر التهاب الأذن الوسطى غير معدٍ، ولكن التهابات المجاري التنفسية العلوية التي تسبقه عادة تكون معدية، ويمكن لأماكن تجمعات الأطفال مثل دور الحضانة أن تساعد على الإصابة بالزكام مما يعزز فرص إصاباتهم بالالتهاب. كذلك فإن الأطفال المصابين بأمراض الحساسية هم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى، ومثلهم الأطفال المقيمون في محيط لا يمنع التدخين. أيضاً الأطفال الذين يتلقون رضاعة صناعية معرضون أيضاً للإصابة بالتهاب الأذن الوسطي أكثر من أقرانهم الذين يتلقون رضاعة طبيعية».
كيف تتم الوقاية؟
يوضح الدكتور عبد الرحيم: «إن التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال يرتبط بضيق قناة استاكيوس، وثمة بعض الإجراءات التي يسع الأم القيام بها للتقليل من احتمال الإصابة، وإن كان تفاديها بالكامل يكاد يكون غير ممكن. ومن بين تلك التدابير الوقائية:
- تفادي إرضاع الطفل وهو في حالة الاستلقاء، حيث من الممكن تصاعد الحليب والسوائل الأخرى نحو الأذن عبر قناة استاكيوس. وبوجود البكتيريا تصبح هذه السوائل وسطاً مناسباً للتكاثر.
- أيضاً يمكن التقليل من إمكانية الإصابة بالتهاب الأذن الوسطى بعدم تعريض الطفل لدخان السجائر. والطلب من المدخنين عدم التدخين في المنزل، خاصة بوجود الطفل.
من المفيد التنبه إلى أعراض الالتهاب، وملاحظة أي تغيير يطرأ على أداء الطفل، وذلك بهدف مواجهة الالتهاب فور حدوثه، حيث تكون إمكانية القضاء عليه أسهل.
ما الأعراض والعلامات؟
أسهل علامات التهاب الأذن الوسطى ملاحظة هي ارتفاع درجة الحرارة «السخونة، الحمى» وألم الأذن. ولكن ألم الأذن وارتفاع درجة الحرارة لا يحدثاً دائماً، بالإضافة إلى أن الأطفال لا يستطيعون وصف ألم الأذن. ولذلك يجب ملاحظة العلامات الأخرى التي قد تترافق مع التهاب الأذن. القائمة التالية توضح أهم أعراض التهاب الأذن.
وفي حال ملاحظة أي منها يجب مراجعة الطبيب للتأكد من وجود التهاب مثل ارتفاع غير مبرر في درجة الحرارة، وملاحظة أن الطفل يضغط على أذنه ويحكها، وخروج إفرازات بيضاء أو صفراء من الأذن.
ويبدو الطفل غاضباً على غير عادته، أو يكون غافلاً أو غير منتبه أو يطلب رفع صوت التلفزيون أو الراديو، ولا ينتبه عند مناداته باسمه. ويرفض الأكل، يبكي بطريقة غير طبيعية أثناء الإصابة بالرشح، ويلاحظ عليه أيضاً الكسل وقلة النوم. وإن كان رضيعاً نلاحظ استمراره في البكاء أثناء الرضاعة، لأن عملية الرضاعة تسبب تغير في الضغط بداخل الأذن.
السيرة الطبية للطفل
يرى الدكتور عبد الرحيم أنه من الضروري إخبار الطبيب بالمعلومات الخاصة بالطفل، وإطلاعه بجميع الأعراض التي تمت ملاحظتها. ومراعاة الدقة في توضيح تاريخ بدء الأعراض ومقدار شدة كل منها. وسرد التاريخ المرضي الخاص بالتهابات الأذن التي أصابت الطفل وأسماء المضادات الحيوية التي وصفت له. فضلاً عن التنبه إلى كون الطفل قد أصيب حديثاً بأعراض الانفلونزا، ومراقبة ما إذا كان الطفل مصاباً بالإسهال والاستفراغ. وأهمية إخبار الطبيب ما إذا كان الطفل يتناول أدوية أخرى أو يعاني حساسية معينة.
وسائل مكافحة الالتهاب
يتم وصف مضادات حيوية لقتل البكتيريا أو على الأقل لوقف تكاثرها. وعندما يعاني الأطفال من التهاب الأذن بسبب بكتيري فإن العلاج عادة يكون بوصف مضادات حيوية تعطى عن طريق الفم لمدة 5-10 أيام وذلك على حسب المضاد المستخدم. بعض المضادات الحيوية يعطى مرة واحدة يومياً والبعض الأخر يعطى مرتين إلى 3 مرات في اليوم. ويتوفر للأطباء اختيار آخر أيضاً، وهو مضاد حيوي يعطى كحقنة (إبرة) واحدة فقط.
عند البدء في علاج التهاب الأذن وفي حال مشاهدة علامات مضاعفات جانبية للدواء مثل الإسهال أو الاستفراغ أو الحساسية يجب مراجعة الطبيب فوراً. من علامات الحساسية صعوبة في التنفس، طفح جلدي أو انتفاخ في الوجه، الفم، الرقبة، الأيدي أو الأرجل.
المصدر: أبوظبي