السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

"التسامح بين الثقافات".. الفطرة الإنسانية .. وضرورة التربية

"التسامح بين الثقافات".. الفطرة الإنسانية .. وضرورة التربية
3 مايو 2019 02:50

عبير زيتون (دبي)

ما هو مفهوم التسامح؟ وما هو الفرق بينه وبين العفو، والغفران؟ وهل التسامح مفردة متماهية في التعبير عن نفسها ضمن نطاقات لغوية، وتعريفية واحدة جامعة ومانعة لنقيضها؟ وحين نتكلَّم عن التسامح، كأساس للاحترام، وحق الاختلاف المتبادل مع الآخر، فهل التسامح هنا فضيلة عفوية أخلاقية مكتسبة، أم هي ناتجة عن تربية وتنشئة اجتماعية، تحتاج للتدريب، والرصد الاجتماعي؟ وأخيراً، لماذا تعمل الإمارات العربية على مأسسة «التسامح» باعتباره قيمة كونية للتفاهم، والسلم المجتمعي، وتدعمه بقوانين، وأنظمة مدروسة؟
كانت «موضوعة التسامح» مدار جلسة حوارية عقدتها مؤسسة «سلطان بن علي العويس الثقافية» مساء أمس الأول، وجمعت تحت شعارها «التسامح بين الثقافات» كل من الدكتور سليمان موسى الجاسم، ود. رفيعة غباش مؤسسة متحف المرأة، ود. غانم السامرائي أستاذ الأدب المقارن والترجمة في جامعة الشارقة، إلى جانب المترجم السوري أسامة منير إبراهيم، وقد أدارها الكاتب محسن سليمان.
في بداية الجلسة توقف الدكتور سليمان موسى الجاسم نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، عند التجليات الراسخة لمفهوم التسامح في الحياة اليومية، والاجتماعية في طبيعة النسيج الإماراتي، والتي تدل عليها الكثير من التعابير، والأقوال العفوية، والفطرية في منشأها على سبيل الذكر: «العفو عند المقدرة، وعفا الله عما سلف، والمسامح كريم» وغيرها من الدلالات التي عاشت، وترسخت في جذور المجتمع، وثقافته، وتقاليده، والتي يتوارثها جيل اليوم، من الآباء والأجداد.
وتوقفت الدكتورة رفيعة عبيد غباش عند مظاهر التعايش السلمي، والتسامح الفطري في تركيبة النسيج الاجتماعي الإماراتي، قبل ظهور النفط، وبعده، والذي وصفته «كالهواء» الذي جُبلت عليه التقاليد الإماراتية، وتساءلت: هل يكفي اليوم، ومع طبيعة العصر التكنولوجي، الذي يخترق خصوصية مجتمعاتنا في قيمها، ومبادئها، أن نرفع شعار «التسامح» ونسن القوانين، ونشرع الأنظمة الناظمة، لثقافة «التسامح؟ أم يجب علينا أيضاً، تفعيل الأبحاث الاجتماعية، لرصد، وقياس، مدى الاستجابات الفكرية، والاجتماعية، والسلوكية لدى أطفالنا، وشبابنا في المدارس، والجامعات، للتأكد من التأثير الإيجابي الفعال لرسوخ هذه القيم، وقد اتخذته دولة الإمارات شعار حياة كونياً، وعالمياً، ومنهج تفكير في تطلعاتها المحلية والعالمية، تقتدي بها اليوم جميع شعوب العالم، إيماناً منها بقيمة إرث الآباء والأجداد، ونحتاج اليوم بلا أدنى شك وأكثر من أي وقت مضى، أن نحافظ على هذه القيم النادرة، والفطرية في مجتمعنا، ونضمن ترسيخها في ثقافة وسلوك أجيال الغد.
وأيد الدكتور غانم السامرائي ما انتهت إليه د. غباش في حديثها ورأى أن قيم، وثقافة «التسامح»، ليس فضيلة عفوية فقط، بل ناتجة عن بيئة، وتربية، وتنشئة اجتماعية، فلا يمكننا بسهولة، أن نتسامح بالمعنى الأخلاقي، ما لم يتكرس ذلك في التربية، والتدريب على ذلك، وهذا يحتاج إلى عملية تدريب، وتأصيل في حياة الأفراد والمجتمعات، يستدعي تضافر الخطاب الثقافي، والديني، والسياسي، والتربوي، والاجتماعي، في بوتقة عمل واحدة، لها صفة الديمومة، لأن تكريس، وتأصيل قيم«التسامح» بكافة مستوياته، هو بالمحصلة عمل جذري، يستهدف البُنى الفكرية، والثقافية، للعقل، والوعي، وما تبذله قيادة دولة الإمارات العربية في هذا المجال هو مبعث فخر، وثناء لكل الدول العربية والإسلامية.
وكان للمترجم أسامة إبراهيم محطة خاطفة عند مفهوم التسامح في الثقافة الغربية، وطبيعة المستويات التي تدرج بها في المعنى والدلالات خاصة في عصر التنوير، وبعض العصور المتأخرة وعلى أيدي كبار مفكريه وفلاسفته المعروفين في هذا الحقل الفكري.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©