17 مارس 2012
علي معالي (دبي) - راشد عيسى واحد من النجوم الذين صنعوا الفرحة للكرة الإماراتية، حيث ساهم بشكل فعال مع بقية زملائه في تأهل منتخبنا الأولمبي للمرة الأولى في تاريخه إلى الأولمبياد، لاعب الوصل المتميز يروي الكثير من الأحداث التي صاحبت هذا المشوار، الذي وصفه راشد “بالحلم الذي أصبح حقيقة جميلة”.
يروي راشد في تصريحاته لـ”الاتحاد” سبب غيابه عن المباراة الأولى، وكيف تحدى لاعبونا الثلوج الأوزبكية، قبل أن يعودوا لنا بأحلى إنجاز كروي، وأيضاً ماذا قالت له والدته “ست الحبايب” في المكالمة التليفونية التي أعقبت نهاية مباراة “الحلم الأخير”.
تحدث راشد عن نصائح مارادونا له قبل التوجه إلى أوزبكستان، وعن العلاقة القوية والمتينة مع مهدي علي مدرب منتخبنا، والمباراة التي لا يستحق فيها “الأبيض” الخسارة، وأصعب المواجهات والذكريات الأليمة.
في البداية يقول راشد عيسى نجم الأبيض، والأصفر الوصلاوي: “تعود هذا المنتخب على الانتصارات منذ سنوات بعيدة، لذلك أصبحت طموحاتنا في كل مباراة نخوضها أن نحقق الفوز مهما كانت قوة المنافس، وتركيزنا منصب في كل مواجهة على كيفية تحقيق الانتصار، لدرجة أننا أصبحنا نعشق الانتصارات، وما حدث في المباراة الأخيرة خير دليل على ذلك، حيث كان يكفينا التعادل لكي نتأهل إلى “لندن 2012”، ولكن حبنا لهزيمة الآخرين جعلنا نقلب الموازين في المواجهة الأوزبكية الشهيرة من الخسارة بهدفين إلى تألق وتأهل بعد فوز بالثلاثة، وكانت تعليمات مدربنا الكبير مهدي علي واضحة لنا قبل وأثناء المباراة بأننا لا بد أن ننتصر”.
وأصاف: “رغم تأخرنا بهدفين لكن ثقتي كانت كبيرة في أننا قادرون على العودة للمباراة، وبالفعل نجحنا في ذلك بكفاءة اللاعبين، وثقة مدربنا بقدراتنا، وتفوق أحمد خليل على نفسه، وسجل هدفين تاريخيين، ثم وضع حبوش صالح بصمته بهدف جعلنا نعود إلى وطننا من بلاد الثلج أكثر سعادة”.
يروي راشد تفاصيل ليلة الانتصار قائلاً: “ما أن أطلق حكم المباراة صافرة النهاية حتى وجدنا قلوبنا تطير في أرض الملعب فرحاً، ونحن نجري معها، لأننا حققنا الحلم الذي فكرنا وبحثنا عنه كثيراً، وعندما وجدناه واقعاً أمامنا، لم نتمالك أنفسنا وسالت دموعنا فرحاً وحزناً في الوقت نفسه، سعادة لأننا وضعنا اسم وطننا في سجل الأولمبياد وحققنا إنجازاً تاريخياً سوف يحسب لهذا الجيل من اللاعبين والطاقم الفني والإداري، وحزناً لأننا تذكرنا العهد الذي قطعناه على أنفسنا عقب وفاة زميلنا ورفيق الدرب ذياب عوانة، وكم كنا نرغب في أن يكون هذا اللاعب بيننا، لكنها إرادة الله، ظهرت صورة ذياب أمامي فور إطلاق صافرة النهاية للمباراة الأشهر في تاريخ مشوارنا الأولمبي”.
وعن أول مكالمة وصلت راشد عقب التأهل، يقول اللاعب إن الكثير من المكالمات وصلتني عقب النهاية لكنني لم أرد إلا على مكالمة واحدة من مئات الاتصالات عقب التأهل، وهي والدتي حيث وجدت نفسي من دون تردد أوافق على الرد لكي استمع إلى صوتها في هذه اللحظات الجميلة، وجاءت كلمات والدتي في توقيتها ومكانها المناسبين، حيث هنأتني ودعت بالرحمة مجدداً إلى زميلنا ذياب عوانة، وقالت أيضاً لقد أسعدتمونا بما قدمتموه من أداء رائع وعزيمة الكبار، وبكيت وأنا أتحدث معها من كثرة الأدعية التي قالتها وكلماتها التي زادت من فرحتي”.
وعن المشوار الأولمبي يقول الفتي الذهبي: “لقد كانت المحطات بالفعل صعبة ومثيرة، ورغم أن الكثيرين قالوا إننا لن نتأهل، خاصة بعد التعادل مع أوزبكستان على ملعبنا ثم الخسارة من العراق أيضاً، ولكن ثقتي وعزيمتي كانت كبيرة في عناصرنا وقدرتنا على التأهل ، وما حدث في مباراتنا بالخسارة ضد العراق أعتبرها أغرب مباراة في حياتي، حيث أهدرنا الكثير من الفرص، ونجح الفريق العراقي في تحقيق الفوز المفاجئ ، والذي كان صدمة للجميع، ولكن عدالة السماء وقفت إلى جوارنا، وأعادت لنا نقاطاً، وساهمت في خسارة منافس قوي في التوقيت المناسب من التصفيات، ووجدنا أنفسنا من جديد قبل مباراة أستراليا أمام محطة صعبة للغاية وعلينا اجتيازها، وكانت جولتنا مع “الكانجارو” بمثابة عودة الروح، ونجحنا فيها في تأكيد جدارة وموهبة اللاعب الإماراتي، والتي دعمتها قوة وعزيمة جماهير كان صوتها أقوى من زائير “الأسود” في ستاد محمد بن زايد بأبوظبي، ونجحنا في إفساد المخطط الأسترالي واقتربنا خطوات كبيرة من الحلم الذي كاد أن يفلت من بين أيدينا”.
وأضاف: “أصبحنا قبل مباراة أوزبكستان في “مفترق طرق”، وتحدثنا مع بعضنا البعض كثيراً، وتعاهدنا على ألا نجعل هذه الفرص تفلت من بين أيدينا، ورغم قوة الأوزبكي والأجواء الصعبة التي عايشناها من ثلوج وعواصف، لكن دفء قلوبنا بالثقة جعل كل الثلوج تذوب أملًا في أن نسعد شعبنا، ونحقق لأنفسنا كمجموعة لاعبين مجداً ونسطر أسماءنا في برواز الأولمبياد، كل هذا جعلنا لا ننظر إلى ما فات من صعاب، وكانت نسبة التركيز عالية جداً، وبين شوطي المباراة رغم تأخرنا بهدف تحدثنا عن التعويض، وعندما جاء الهدف الثاني في شباكنا نظرنا إلى بعضنا البعض ولم نصدق ما يحدث، ولكن أيضاً تحدثنا عن التعويض وكأن شيئاً لم يحدث وأعدنا ترتيب الأوراق سريعاً وذلك من خلال الأفكار والنظرات التي كانت متبادلة مع مدربنا الكبير مهدي علي، ويا لها من فرحة أن نتأهل بهذا الشكل الجميل ونرفع علم بلدنا خفاقاً في سماء القارة الصفراء بعد مشوار أعتبره الأصعب في حياتي حتى الآن”.
و قال راشد عيسى بعد مباراة أستراليا التي حققنا فيها الفوز بهدف اتصل بي مارادونا من خلال المترجم، وقال إنه يريد أن يتحدث معي وكذلك أحمد محمود “ديدا” قبل السفر مع المنتخب إلى المعسكر التركي.
وأضاف: “وجه لنا مارادونا الكثير من النصائح والتهاني وحملتها جميعاً إلى زملائي بالمنتخب، وكانت سعادتهم كبيرة بهذه الكلمات، حيث قال لي الأسطورة لقد حققتم الصعب، وبقي الأصعب، ولكن ثقتي فيكم وفي بقية عناصر المنتخب كبيرة، خاصة أن لديكم مجموعة متميزة من اللاعبين، ويقودكم مدرب محترف يعرف كيف يتعامل معكم، وعليكم أن تعودوا لنا من أوزبكستان بتحقيق حلمكم الأولمبي وتسعدوا شعبكم وأنفسكم”.
وأضاف: “لقد كانت كلمات مارادونا مثل الحلم، وهو يتحدث معي كنت أرى من بعيد كيف لنا أن نعود بهذا الحلم الجميل، وبالفعل كانت كلمات الأسطورة حافزاً كبيراً لنا في المواجهة الأخيرة التي لن أنساها طوال حياتي”.
وعن مارادونا أكد راشد عيسى أن “الأسطورة” غير معالم الكرة الإماراتية منذ قدومه إلى قيادة تدريب فريق الوصل، حيث نقلنا إلى مرحلة كنا نحلم بها جميعاً، وأصبحت أنظار العالم متجهة إلينا، وعلينا أن نساير هذه النظرة العالمية لنا في الوقت الراهن، وأعتبره الأب الروحي”.
3 أهداف في شباك سريلانكا
بالفعل كانت بداية الفرحة الأولمبية في مارس عندما بدأ منتخبنا مشواره بانتصار أول على سريلانكا يوم 8 مارس في مباراة الدور الأول من التصفيات، وفي المباراة التي انتهت بفوزنا 7 - 1 نجح راشد عيسى أن يسجل منها اثنان في شباك سريلانكا في مباراة الذهاب، وفي العودة سجل هدفاً من الثلاثة التي انتهت لمصلحتنا أيضاً.
مسؤولية كبيرة
دبي (الاتحاد) – يؤكد راشد عيسى أنه يعتبر منتخبنا الأفضل في القارة، وقال: “لن أكون مبالغاً عندما أقول إن الأبيض يستحق بالفعل لقب الأفضل في القارة الآسيوية، لأننا نقدم كرة ممتعة، ونملك مدرباً كبيراً في حجم مهدي علي، وهو يعلم ويعرف لاعبيه جيداً، ويعرف كيف يتعامل مع عناصره بمنتهى الاحترافية، ونحن جيل نحسد أنفسنا على ما نحن فيه من وجود الإمكانيات كافة لكي نتألق ومع مدرب يتعايش معنا في كل صغيرة وكبيرة، وما زالت علينا مسؤوليات كبيرة ونحن قادرون على حملها على أكتافنا طالما أنها في النهاية تخص وطننا الحبيب”.
الغياب أمام أستراليا والتألق في بقية المباريات
دبي (الاتحاد) – يؤكد راشد عيسى أن الإصابة حرمته من مباراة أستراليا الأولى في التصفيات النهائية، والتي انتهت بالتعادل السلبي، ومن بعدها انطلقت مع الفريق من مباراة لأخرى، حتى وصلنا إلى محطة طشقند، ومنها عبرنا إلى لندن 2012، ولا أخفي سراً عندما أقول: “لن نكون مجرد مشاركين في الأولمبياد، بل لدينا طموحات أخرى كبيرة، خاصة أننا جيل تعود على الانتصارات وتربى على السعادة وإسعاد جماهيره، لذلك انتظرونا في لندن لكي نستمر في إدخال البهجة للجميع”.
مباراة عودة الثقة
دبي (الاتحاد) - قال راشد عيسى إن مباراتنا مع العراق، والتي جرت في العاصمة القطرية الدوحة كانت بمثابة عودة الثقة من جديد، وقبل أن نتوجه إلى الدوحة كانت هناك مباريات ودية أمام السعودية والبحرين، وحققنا فيهما الانتصار، وكانت هاتان المباراتان مؤشراً مهماً عن حالتنا الفنية والنفسية، وعندما اقتربت مباراة (الإمارات) شعرنا بمزيد من الثقة، وتكللت جهودنا بفوز مهم ومثير على العراق جعل الأمور تعود إلى نصابها الطبيعي قبل لقاء أستراليا، ثم جاءت خدمة المنتخب العراقي لنا عندما أطاح بالأوزبكي، وأصبح علينا أن نأكل “الكانجارو” قبل التفكير في الأوزبكي مجدداً، وهو ما حدث، وما شاهدته في ستاد محمد بن زايد من جماهيرنا الوفية جعل التفاؤل يسيطر علينا جميعاً، وأن المولى عز وجل لن يخذلنا أمام جماهيرنا الغفيرة”.
مشوار مثل أمواج البحر
دبي (الاتحاد) - يحكي راشد عيسى أن مشوار الأبيض الأولمبي مع التصفيات الأولمبية كان مثل أمواج البحر، فتارة ترتفع بنا الأمواج إلى القمة، وأخرى نجد أنفسنا في قاع البحر، حيث تأثرنا كثيراً بالإصابات سواء في بداية المشوار وبالإصابات الأخرى التي واجهت عامر عبدالرحمن وأحمد خليل وعمر عبدالرحمن ، وكانت الضربة القاصمة في ظهورنا جميعاً هي فقدان ذياب عوانة، حيث عشنا مع بعضنا البعض لسنوات طويلة بين الفرح والحزن، وهذا الغياب لهذا النجم تأثرنا به كثيراً”.