19 مارس 2011 19:24
لا تزال المواطنة حليمة عبيد زايد من كلباء (78 عاماً) يشدها الحنين إلى بيت العريش الذي بناه والدها وقت القيظ في وادي وسام. وكلما اقترب فصل الصيف واشتدت حرارته يجمع كبار السن الذين عاشوا فترتي ما قبل النفط وما بعده قاسم مشترك هو الحنين إلى الأيام الخوالي وتذكر الماضي وكيف قضوا الصيف بحره اللافح تحت ظلال بيوت مشيدة من سُعف النخل وجريده قبل تركها والانتقال إلى فلل ومساكن شعبية مكيفة ومجهزة بأحدث الكماليات. وذكرت أنها وأسرتها كانوا يسكنون العريش خاصة في مناطق المقيظ.
من جانبها تعود المواطنة مريم إسماعيل من أم القيوين (65 عاماً) إلى ما تبقى من ذكرى وحياة سابقة تركتها في عريشها عندما كانت تقيظ مع زوجها في منطقة فلج المعلا، إلا أنها تحرص في الوقت الحاضر على زيارة منطقة المقيظ وتتفقدها مرة كل عام وكلها حنين إلى الحياة القديمة التي اكتسبت روعتها من بساطتها وفي وقت كانت الأبنية المصنوعة من الطين حصراً على الأغنياء فقط والميسورين.
ولم يتمكن التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي الذي شهدته دولة الإمارات بعد سبعينيات القرن الماضي من إلغاء أو انحسار بيوت العريش لأسباب عديدة أهمها اعتزاز الإماراتيين بهذه البيوت وتفضيلها على مثيلاتها بُنيت حديثاً، كما أن التطورات الهائلة الحالية التي تمر بها الدولة لم تقف حائلاً أمام استمرارية هذه البيوت التي احتفظت بديمومتها على مر الوقت بفضل قدرتها على تحمل ظروف البيئة الصحراوية رغم أدوات بنائها التقليدية التي لا تخلو من إبداع مثل الفتحات الموجودة بين الجريد والبراجيل التي تُركب لجلب المزيد من الهواء البارد.
ويقول عصام ناصر محمد، مالك شركة متخصصة في الأعمال التراثية، إن مهنة تشييد بيوت العريش لا تشيخ رغم تراجعها في بعض الأماكن، وهي لا تزال حاضرةً بقوة. كما أثبت العلم مؤخراً أنها الأسلم والأفضل على صحة الإنسان، مؤكداً أن الطلب تزايد على بيوت العريش مؤخراً حتى على مستوى الأفراد، إذ يطلب عدد كبير من المواطنين بناء عريش لهم داخل الفلل والمساكن الشعبية نظراً لعشقهم لتراث الآباء والأجداد.
وحول الطلب والجهات التي يشيد لها بيوت عريش، قال “يزداد الطلب عليها في فصل الصيف وأوقات المهرجانات والمناسبات وتطلبها المؤسسات الحكومية والمدارس والمراكز التجارية لإبهار الزائرين والسياح الأجانب”.
وأكد أنه شيد عدداً كبيراً من بيوت العريش في الفنادق والمنتجعات الفخمة داخل الدولة بناء على طلب من إداراتها نظراً لشدة إقبال السياح عليها، خاصة على الشواطئ وحول أحواض السباحة وفي الحدائق وفي أماكن تناول الطعام. وقد أخذت بيوت العريش الراقية تظهر في السنوات العشر الماضية في حدائق المنازل والقصور وأصبح وجودها ضرورياً في المدن بعدما كانت تقتصر في السابق على مناطق المقيظ والمصيف.
وقد امتهن عصام هذه المهنة منذ الصغر، إذ كان يمارسها مع أجداده وآبائه وأدخل عليها الكثير من التغييرات الحديثة مثل النوافذ والأبواب وبعض الكماليات. ويستغرق تشييد بيت العريش يوماً واحداً من الصباح إلى المساء وتتراوح تكلفته بين ألفين وثلاثة آلاف درهم.
وتستقطب المطاعم المصممة على شكل بيوت عريش العديد من الزوار والسياح الذين يحرصون على التقاط الصور التذكارية داخل العريش قبل طلب أكلات شعبية وتراثية في تناغم جميل مع المكان وسفر في الزمن إلى إمارات ما قبل سبعينيات القرن الماضي.
المصدر: وام