موقع الزواج عبر شبكة الإنترنت، من الظواهر التي انتشرت في مجتمعاتنا مؤخرا وأصبحت تحتل اهتمام الكثير من الشباب والفتيات الباحثين عن شريك العمر بسبب انتشار العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج. و تؤكد الإعلانات التي تروج لهذه المواقع أن عدد المسجلين لديها من الباحثين عن شريك العمر يتجاوز 10 ملايين مستخدم وتشدد أن الخدمة التي تقدمها تتم في إطار الالتزام بالضوابط الشرعية وأنه لا يسمح لأحد أن يتحدث مع الآخر إلا إذا وافق عليه ووقع القبول. ولكن هل هذه المواقع هي الوسيلة المناسبة في مجتمعاتنا لطلب الزواج؟ وكيف ينظر إليها علماء الدين في ظل الضوابط الشرعية التي تحكم الزواج في الإسلام؟ زيادة الثقة تستخدم هذه المواقع عبارات إسلامية في الإعلان عن خدماتها بهدف زيادة الثقة والجاذبية. مما دفع البعض لاعتبارها وسيلة مناسبة لتوفير الوقت وتوسيع نطاق البحث وزيادة الخيارات خاصة لأبناء الجاليات الإسلامية في الغرب. وتدعي معظم المواقع أن هذه الخدمة التي تقدمها تأتي من باب التطوع وبهدف حل مشكلة العنوسة. كما أن بعض شركات الهواتف النقالة شاركت في تقديم هذه الخدمة من خلال توفير خدمة قوائم المواعدة التي تجري عن طريق «رسائل» الى المشتركين نيابة عن بعض المواقع والشركات العاملة في مجال إعلانات الزواج على غرار الشركات الغربية. وهو الأمر الذي جعلها وسيلة للتربح تحت شعارات مختلفة وعناوين إسلامية. جزء من الحقيقة وتقول الدكتورة رجاء حزين ـ أستاذ الحديث بجامعة الأزهرـ ان الزواج في الإسلام نعمة كبيرة وتتحقق به فوائد وثمرات كثيرة أهمها سكن كل من الزوجين إلى الآخر، مصداقا لقول الله تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» الروم 121. كما يتحقق بالزواج التعارف بين العائلات والأسر وتقوية أواصر الود والتعاون بينها. والله تعالى يقول: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير» الحجرات 13. وأضافت: تتحقق بالزواج العفة وإشباع الغريزة بالحلال وكبح جماحها حتى لا تورد صاحبها موارد التهلكة، مشيرة الى أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال:» يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء». وأمر الرجل أن ينظر إلى مخطوبته ليطمئن إلى أن هذه هي التي تسره إن نظر إليها وتكون سببا في أن يغض بصره ويحصن فرجه، فقال صلى الله عليه وسلم: «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما». كما يتحقق بالزواج النسل الصالح. وعن مدى تحقق هذه القيم والمبادئ في الزواج عن طرق المواقع التي انتشرت على الإنترنت وتصف نفسها بأنها«الإسلامية» تقول الدكتورة حزين: الإنترنت لا يقدم إلا جزءا من الحقيقة وأصبحت وسيلة للإيقاع بالفتيات والتسلية، موضحة ان المشكلة تكمن في مدى توافر المعلومات الصحيحة عن الشخص المتقدم وكيف يمكن التأكد من أنها حقيقية، والمهم أن يكون بمقدور أهل الفتاة أو حتى بالنسبة للشاب السؤال عنه أو عنها وعن الأهل ومعرفة وضعهم الأخلاقي والاجتماعي كما يحدث في الزواج التقليدي بين الأسر والعائلات. عدم التضليل أما الدكتورة آمنة نصير -أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر- فترى أن الزواج عن طريق مواقع الانترنت إذا تم في داخل إطار من الدقة والأمانة وعدم التضليل أو الكذب أو التدليس أو التلاعب وتوفرت فيه الضوابط الإسلامية الأخلاقية والجدية يصبح وسيلة مناسبة، خاصة في المدن الكبيرة والمناطق النائية والمجتمعات الغربية التي تعاني من عدم توفر فرص الزواج لاختلاف الموطن. وقالت ان ارتفاع معدلات العنوسة في الكثير من المجتمعات يجعل الزواج عن طريق الانترنت مطلبا حيويا ومهما يساعد في التخفيف من آثار هذه الظاهرة الخطيرة. وتحذر الدكتورة.آمنة من سوء استخدام هذه المواقع بهدف التسلية وإقامة العلاقات المشبوهة وانتهاك الحرمات والتحلل من القيم الإسلامية من خلال الادعاء بالبحث عن الشريك المناسب والرغبة في الزواج للتعارف والتواصل الذي يتم عبر»الشات» والأحاديث العابثة خاصة من ضعاف النفوس والباحثين عن العلاقات العابرة والمتع المحرمة. وأضافت: هناك تجاوزات تحدث من الفتيات تكون بحسن نية يستغلها بعض الشباب غير الأمين تؤدي إلى المعصية وتجلب الكثير من المشاكل، يجب الحذر منها وعدم الوقوع فيها. وأيضا يجب ألا تكتفي الفتاة بالمعلومات التي تعرفها عن الشخص الذي يتقدم لها من خلال هذه المواقع فمن المهم أن يكون هناك تعارف على أرض الواقع من خلال الأهل ولقاءات الأسر والسؤال والتحري والتدقيق حتى لا تفاجأ الفتاة بشيء مخالف للمعلومات التي حصلت عليها من المواقع الإلكترونية، أو التي قدمها لها الشاب من خلال هذه المواقع. مكاتب تعارف وتطالب الدكتورة آمنة بتخصيص مكاتب تعارف في المعاهد والمؤسسات الإسلامية للراغبين في الزواج من الجنسين تشرف عليها مجموعة من السيدات المؤهلات علميا وثقافيا ومن حيث السن والخبرة والقدرة على التقويم الصادق للراغبين في الزواج من الجنسين ومساعدة الأسر والشباب والفتيات على إيجاد شريك الحياة بطريقة مأمونة وسرية وتتفق مع القيم الإسلامية.