تصرف الدولة مئات الملايين من الدراهم سنوياً لتوفير المياه للجميع من خلال محطات التحلية المنتشرة في مختلف الإمارات، ومع تزايد عدد السكان والتوسع العمراني الكبير ومشاريع التنمية العملاقة، تتضاعف كميات ونسب الاستهلاك سنوياً، ومعها تتضاعف التكاليف والأعباء المالية على خزينة الدولة وتتضاعف معها المسؤوليات الملقاة على عاتق الجهات والهيئات والدوائر المسؤولة عن توفير المياه لمدن وقرى ومناطق الدولة، وربما لايدرك البعض كل هذه الحقائق ولا يعرف حجم المبالغ والميزانيات التي تعتمدها الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في أكبر ثلات إمارات هي أبوظبي ودبي والشارقة، من أجل توفير المياه الصحية الصالحة للاستخدام في البيوت والمكاتب والمصالح الرسمية ومؤسسات وشركات القطاع الخاص·
ولأن هناك تيسيرا كبيرا أمام الجميع في الحصول على المياه للاستهلاك الشخصي، فإن الغالبية العظمى من المستهلكين يستسهلون التعامل مع هذه النعمة التي حبانا الله بها، ومع عدم إدراك جزء كبير منهم لحجم ما تصرفه الدولة على هذا القطاع، فإن هناك فئة ممن لا يتوانون عن الإسراف والتبذير في استهلاك المياه، والتبذير يرفع معدلات الاستهلاك ويضاعف الأعباء على ميزانيات الحكومة، ولا نريد أن نحذر من أنه قد يأتي اليوم الذي يتسبب فيه الإسراف والتبذير في نقص شديد في كميات المياه للجميع، عندها سوف تضطر الحكومة إلى ترشيد الاستهلاك بطريقتها الخاصة، وقد تكون هذه الطريقة هي تحديد الساعات التي يتم فيها تزويد المناطق بالمياه!، فهل نحن على استعداد لمواجهة مثل هذا الوضع؟ الحكومة لم ولن تبخل لا على المواطنين ولا على المقيمين، ولكن في المقابل يجب أن نفهم أننا دولة تعاني من مشكلة المياه، وأن المصدر الوحيد لنا ، محطات تحلية مياه البحر، فليس لدينا أنهار ولا بحيرات ولا مصادر كافية من المياه الجوفية لكي تغطي الاحتياج الداخلي· باختصار نحن دولة فقيرة جداً في المياه، وليس لدينا سوى مصدر وحيد، ومن الأولى بنا أن نحافظ عليها بكل الطرق والأساليب·
إن ترشيد الاستهلاك في المياه والكهرباء من الأمور الحيوية المهمة في سلوكيات الأفراد، وهو أسلوب تتبعه الشعوب والأمم المتحضرة لتوفير الجهد والطاقة والمال، وهي عملية لا تكلف الفرد كثيراً، لأن كل المطلوب هو أن يراقب كل واحد منا نفسه وطريقة استهلاكه للمياه يوميا، ثم يسأل نفسه: هل حقاً يحتاج كل هذه الكمية؟ إذا كان في حالة شك من الإجابة، فإن عليه أن يسأل نفسه السؤال التالي: كيف يمكن أن أقتصد قليلا ؟ كيف يمكن التحكم بصنبور الماء وب''الشاور'' و''الدش'' والحنفية بحيث تتدفق منها كمية أقل من المياه؟ ولو أن كل واحد منا فكر بهذه الطريقة المتحضرة، لوفرنا ملايين الدراهم على خزينة الدولة سنويا·