الخميس 31 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 41 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات تروي ظمأ الأراضي القاحلة في 56 دولة بالعالم

الإمارات تروي ظمأ الأراضي القاحلة في 56 دولة بالعالم
28 ابريل 2019 02:21

سعيد الصوافي (أبوظبي)

أولت حكومة دولة الإمارات استدامة المياه أهمية كبرى، وتجاوز اهتمامها بقضية ندرة وشح المياه من الاهتمام المحلي إلى المستوى العالمي، ولم تقتصر أهدافها على توفير المياه النقية للمحتاجين حول العالم فقط، وإنما امتدت للمساهمة في إيجاد حلول مستدامة ومبتكرة لهذه المشكلة من خلال الدراسات والبحوث والمشاريع التي رصدت لها جوائز بقيمة مليون دولار أميركي، بالإضافة إلى منح مالية بقيمة 5 ملايين دولار، وذلك تأكيداً لحرصها على القيام بمشاركة فعالة في إيجاد حلول للتحديات التي تواجه المجتمع الإنساني برمته.
وفرت دولة الإمارات العربية المتحدة الموارد المالية لتحقيق ذلك الهدف السامي من خلال المبادرات الإنسانية والعلمية لتسمو برسالة المياه لاسيما مع اقتراب الشهر الفضيل، ففي العمل الإنساني قدمت الإمارات المساعدات الإنسانية من خلال هيئة الهلال الأحمر الإماراتية والجمعيات الخيرية العاملة في الدولة لتلك الدول المحرومة من مياه الشرب العذبة بسبب تلوث المياه أو ندرتها، كما مولت مشاريع في قطاع المياه لـ 56 دولة نامية شملت تشييد 63 سداً مائياً وتنفيذ 30 شبكة مياه صالحة للشرب، وتركت تأثيراً مباشراً على حياة ملايين الأشخاص في الدول المستفيدة.
ومن المؤسسات الرائدة في توفير المياه للمحتاجين والمحرومين من المياه مؤسسة «سقيا الإمارات» التي سعت مع غيرها من المؤسسات الخيرية بالدولة في تعزيز العمل الإنساني وتحقيق استراتيجية الدولة الطموحة في رفع المعاناة عن المعوزين للمياه على وجه البسيطة، عبر تشجيع المجتمع العلمي الدولي على تبني النماذج المبتكرة والأبحاث العملية التي وضعتها لدعم جهودها الرامية إلى إدارة احتياطات المياه الوفيرة بما يعود بالمصلحة على ربوع البشرية.
وفي الوقت الذي ترتفع فيه معدلات النمو السكاني وتنخفض فيه مصادر المياه، أصبحت الحاجة إلى إيجاد حلول لضمان أمن المياه العالمي أكبر بكثير من ذي قبل، وبحسب تقرير الأمم المتحدة، سيواجه ما يقرب من نصف سكان العالم شحاً كبيراً في المياه بحلول عام 2030، وستشهد البلدان النامية الجزء الأكبر من الزيادة السكانية العالمية، والمتوقع أن تصل إلى ثلاثة مليارات نسمة على مدى العقود الثلاثة المقبلة، ما سيشكل عبئاً كبيراً على الإمدادات المحدودة من المياه الصالحة للشرب.
وبحسب خبراء في هذا المجال أكدوا «للاتحاد» إنه يمكن حل العديد من هذه التحديات عبر اتخاذ عدد من الإجراءات المناسبة التي تساهم في حماية مصالح المياه، مثل الإدارة المناسبة للمياه، وبناء محطات جديدة لمعالجتها، والحفاظ على المياه من خلال تثقيف الناس وحثهم على عدم الهدر، والتعاون بين الدول لتطوير تقنيات جديدة منخفضة التكلفة وتتناسب مع البيئة ولا تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، ورغم أن معظم الناس يعتبرون المياه المجانية أمراً بديهياً ومسلّماً به، إلا أنه يجب علينا أن نتذكر دوماً أن المياه مصدر ثمين ومحدود، ولن نتمكن من حماية مستقبل الأجيال القادمة إلا من خلال تحقيق توازن عملي بين إمدادات المياه واستدامتها، وفي ظل انخفاض إمدادات المياه الجوفية بشكل سريع في المنطقة، فإن ارتفاع نسبة إنتاج المياه من تقنيات تحلية مياه البحر يتسبب في زيادة تكاليف الطاقة التي تضع ضغطاً هائلاً على ميزانيات تلك الدول.

الإمارات وتشجيع الابتكار
يؤكد الدكتور أحمد مراد عضو مجلس أمناء مؤسسة «سقيا الإمارات» وعميد كلية العلوم بجامعة الإمارات العربية المتحدة، أن الإمارات تلعب دوراً ريادياً في تشجيع الابتكار على المستوى العالمي في مجال استخدامات الطاقة النظيفة في تحلية المياه وذلك لتوفير المياه إلى كل محروم في هذا العالم من خلال مشاركة الباحثين والعلماء والمختصين بنتائج أبحاثهم التي تخدم البشرية، وتسعى إلى تحقيق الاستراتيجيات الوطنية للابتكار.
وقد ساهمت جامعة الإمارات العربية المتحدة في دعم البحث العلمي من خلال تخصيص الموارد المالية للبحوث المتصلة بالمياه، وخاصة تلك المرتبطة بإيجاد حلول مستدامة لقلة الموارد المائية، كما أنشأت المركز الوطني للمياه في عام 2012 ليأخذ على عاتقه الدور الحيوي في تنفيذ البحوث التطبيقية كتقييم الموارد المائية ودراسة كفاءة السدود وتغذية المياه الجوفية باستخدام أدوات علمية جديدة كالمحاكاة، لافتاً إلى أن البحث العلمي يساهم في رفع كفاءة وجودة العمل الإنساني من خلال حلول ابتكارية تساعد على التغلب على ندرة وشح المياه.
وأضاف أولت حكومة دولة الإمارات قضية ندرة المياه الأهمية الكبرى من خلال دعم البحث العلمي الرامي لإيجاد حلول مستدامة وآمنة لشح وندرة المياه، وقد أخذت القيادة في دولة الإمارات الجانب الدولي في المسؤولية ونقلت قضية ندرة وشح المياه من الاهتمام المحلي إلى الاهتمام العالمي، كما وفرت الموارد المالية لتحقيق ذلك الهدف السامي من خلال المبادرات الإنسانية والعلمية لتنقل قضية المياه إلى منحى إنساني جديد، حيث قدمت الإمارات المساعدات الإنسانية من خلال هيئة الهلال الأحمر والجمعيات الخيرية العاملة في الدولة للدول المحرومة من مياه الشرب العذبة بسبب تلوث المياه أو ندرتها، كما عملت عبر مؤسسة «سقيا الإمارات» وغيرها من المؤسسات الخيرية على توفير المياه للمحتاجين والمحرومين في دول عديدة.

3 ابتكارات إماراتية
وعلى الصعيد العالمي، يضيف الدكتور أحمد مراد، استطاعت الإمارات أن تساعد في حل مشكلة المياه، حيث تمكن برنامج الإمارات لبحوث الاستمطار من أن يساهم في الفهم العميق للجوانب المتعلقة في المواد المستخدمة في الاستمطار ولإيجاد تقنيات وتكنولوجيا حديثة تساهم في زيادة فرص الاستمطار من خلال تقديم المنح البحثية للتغلب على مشاكل ندرة وشح المياه وإيجاد فرص تساهم في زيادة المخزون الجوفي. كما أطلقت مؤسسة «سقيا الإمارات» جائزة محمد بن راشد العالمية للمياه، والتي تهدف إلى استخدام الطاقة المتجددة والنظيفة وتحديداً الطاقة الشمسية في تحلية المياه، وبحسب الدكتور مراد، فإن هذه الجائزة النوعية الحديثة التي انطلقت عام 2017 ويشهد العام الحالي دورتها الثانية، تساهم في دعم الجهود العالمية في استخدام الطاقة الشمسية في تحلية المياه من خلال البحث العلمي والتطوير.
ويأتي من بين الابتكارات الوطنية التي تعالج ندرة وشح المياه ما عرف بـ«النظام الثنائي لتعقيم المياه باستخدام الطاقة الشمسية»، والذي حاز على المركز الأول في جائزة الابتكار في البحث والتطوير - فئة الجهات الوطنية، مناصفة بين كل من جامعة خليفة ومعهد مصدر، عن تقنية لتحلية المياه باستخدام نسيج مسامي يوجد أسفله مُجمِع لأشعة الشمس، وذلك ضمن جائزة محمد بن راشد العالمية للمياه.
ثالث الابتكارات الإماراتية التي يمكن أن يساعد في حل مشكلة ندرة وشح المياه في البلدان النامية، هو مشروع محطة تحلية المياه المتنقلة، وتعمل بالطاقة الشمسية الكهروضوئية، والذي ينفذ بالتعاون مع هيئة كهرباء ومياه دبي، وتمتلك المحطة قدرة إنتاجية يومية تبلغ 7,7 متر مكعب، ويمكن أن تلبي احتياجات 1540 شخصاً، هذا بالإضافة إلى محطة لتحلية مياه بتقنية التناضح العكسي، تعمل بالطاقة الشمسية الكهروضوئية مع مخزن، المحطة قادرة على تخزين الماء بقدرة 50 متراً مكعباً يومياً لتلبية احتياجات حوالي 10,000 شخص.. أما على الأرض، وبحسب تقرير مؤسسة «سقيا الإمارات»، فقد بلغ إجمالي عدد مشاريع المياه التي تموّلها المؤسسة 1000 مشروع، منها ما هو منجز والبعض قيد الإنجاز، وذلك لتوفير مياه نظيفة يستفيد منها 9 ملايين شخص في 34 دولة.
ونظراً لأهمية وحيوية قضية المياه، يشدد عضو مجلس أمناء مؤسسة «سقيا الإمارات» على أهمية اتخاذ عدد من الإجراءات المناسبة التي تساهم في حماية مصالح المياه، مثل الإدارة المناسبة للمياه، وبناء محطات جديدة لمعالجتها في مختلف الدول التي تعاني شح المياه.

صندوق أبوظبي في خدمة التنمية
وعلى ذات صعيد قضية المياه، تركزت تمويلات صندوق أبوظبي للتنمية خلال العقود الماضية على دعم القطاعات الأكثر تأثيراً على حياة الشعوب، وفي مقدمتها قطاع المياه الذي يعد ركيزة أساسية في تطوير ودعم المجتمعات المعوزة، سواء لاستيعاب الأيدي العاملة أو المساهمة في تكوين الدخل القومي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الموارد الغذائية، وفي ذلك يقول محمد سيف السويدي مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية: «إن جهود الصندوق التنموية تستمر في دعم قطاع المياه لمساعدة الدول النامية، وذلك بهدف تطوير مصادر الموارد المائية والمحافظة عليها، وتطبيق توصيات أجندة القرن الحادي والعشرين المتعلقة بموارد المياه العذبة التي وضعتها الأمم المتحدة»، وتابع: لقد استأثر قطاع المياه بالجزء الغالب من النشاط الاقتصادي في الدول النامية لدوره الهام في إنجاح المشاريع الزراعية وتوسيع رقعتها وكذلك توليد الطاقة من مصادر مستدامة، لافتاً إلى أن نقص المياه العذبة يعد إحدى أكبر التحديات التي يواجهها العالم حالياً.
وأوضح «ساهم صندوق أبوظبي للتنمية منذ تأسيسه في العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الدول النامية، ومن أهم تلك الأهداف حاجة الدول إلى توفير المياه النظيفة والحفاظ عليها وتعزيز مصادرها، لا سيما وأن المياه تعد عصب الحياة وشريانها الرئيس، وتساهم بشكل مباشر في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنعكس تأثيراتها على العديد من القطاعات الأخرى كالزراعة والصحة والطاقة والصناعة». ومول الصندوق حوالي 108 مشروعات في قطاع المياه بقيمة إجمالية بلغت 8 مليارات درهم، استفادت منها 56 دولة نامية، وشملت التمويلات تشييد 63 سداً مائياً وتنفيذ 30 شبكة مياه صالحة للشرب، وتركت تلك المشاريع تأثيراً مباشراً على حياة ملايين الأشخاص في الدول المستفيدة، وعملت على تطوير واستصلاح مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، مما ساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتشغيل عشرات الآلاف من الأيدي العاملة، إلى جانب المساهمة في تأمين الطاقة، حيث ساهمت مشاريع السدود التي مولها الصندوق في إنتاج حوالي 9 آلاف ميغاواط من الطاقة الكهرومائية.

مشاريع سدود «أبوظبي للتنمية»
ومن أبرز المشاريع التي مولها صندوق أبوظبي للتنمية مشروع سد أعالي عطبرة وستيت في السودان للمساهمة في توفير مصادر دائمة لتطوير وتنمية المنطقة الشرقية من السودان وتحسين الإنتاج الزراعي وتوليد الطاقة، مما يعمل على تحقيق الأمن الغذائي في السودان وزيادة فرص العمل إلى جانب المساهمة في تحقيق أمن الطاقة، وتصل السعة التخزينية للسد إلى نحو 2.7 مليار متر مكعب، يستفيد منها أكثر من 30 ألف أسرة وتعمل على ري 50 ألف فدان زراعي، كما ساهم الصندوق في تمويل محطة إنتاج الكهرباء من سدي أعالي عطبرة وستيت تعمل على توفير 320 ميغاواط من الطاقة لسد جزء احتياجات البلاد من الكهربائية.
كما يعتبر مشروع سد مروي الذي موله الصندوق أحد أهم مشروعات الطاقة الكهرومائية متعددة الأغراض في السودان ويستفيد منه أكثر من 3 ملايين شخص، وقد لعب السد دوراً حيوياً في توفير إمدادات كافية من الطاقة الكهربائية في البلاد عن طريق استغلال مياه نهر النيل لتوليد 1,250 ميغاواط الطاقة الكهرومائية، ويعتبر سد مروي أهم وأكبر المشاريع الاقتصادية التي نُفًذت في السودان وذلك لتأثيراته الشمولية والمباشرة على حياة الناس والأنشطة الاقتصادية المرتبطة به خاصة الزراعة، حيث يوفر السد مياه ري لأكثر من 400 ألف هكتار.
ومول الصندوق مشروع المياه الريفية بزنجبار في تنزانيا، ويستهدف تزويد 7 قرى موزعة على جزيرتين بالمياه الصالحة للشرب، لضمان حصول الأفراد على هذا المورد الحيوي بما ينعكس إيجاباً على تحسين مستوى معيشة السكان في هذه القرى وتحسين المستوى الصحي لهم، كما تم إنشاء سد في وادي تونس تبلغ سعته التخزينية حوالي 21 مليون متر مكعب من المياه لري الأراضي الزراعية في سهلي أولاد غانم ومحجوبة، بما يساهم في تعزيز الإنتاج الزراعي ضمن منطقة جغرافية واسعة يقطنها عدد كبير من السكان، وتضمن المشروع بناء السد وملحقاته من تجهيزات هيدروميكانيكية ومعدات وكذلك بناء منشآت لضخ المياه وتخزينها ونقلها ومد شبكات الري وصرف المياه وإنشاء طرق زراعية.
وجاءت مساهمة صندوق أبوظبي للتنمية في إنشاء مشروع سد الوحدة في الأردن بهدف تجميع وتخزين المياه وتوفيرها لأغراض الشرب والري، حيث ساهم السد بدور مهم في توفير مياه الشرب اللازمة لسد النقص وبالتالي الإسهام في توفير الحياة الكريمة وإنعاش المنطقة اقتصاديا، وقد تم إنشاء سد الوحدة من الخرسانة بارتفاع 76م وسعة 110 ملايين متر مكعب من المياه، وذلك لتخزين مياه الفيضانات من نهر اليرموك لاستخدامها لري حوالي 30,000 دونم زراعي وتوفير 50 مليون متر مكعب لأغراض الشرب.
ويعتبر مشروع سد تاوسا الذي تم تمويله من قبل الصندوق أحد أهم المشاريع التنموية الرئيسية في مالي، والذي يأتي ضمن إطار البرنامج التنموي لتطوير حوض نهر النيجر في الجزء الشمالي الشرقي من مالي. ويهدف مشروع سد تاوسا إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان في منطقة المشروع بشكل خاص والدول الواقعة على مجرى النهر بشكل عام، حيث يعمل السد بشكل رئيس على تعزيز وتوفير الطاقة الكهربائية في مالي من خلال إنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية بقدرة 25 ميغاواط، كما عمل المشروع على استصلاح 139 ألف هكتار من الأراضي.
ومول الصندوق سد تربيلا في باكستان أحد أكبر السدود في العالم بهدف دعم الاقتصاد الباكستاني من خلال دعم قطاع الطاقة في البلاد من خلال إنتاج 1750 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية، الأمر الذي يؤدي إلى نمو اقتصادي كبير في جميع القطاعات الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة في البلاد.
وفي إطار دعمه لعملية التنمية الشاملة في بنغلاديش، حرص الصندوق على تقديم قرض لتمويل مشروع سد تيستا، ويتضمن إنشاء قناة بطول 44 كيلومتراً بالإضافة إلى إنشاء القنوات الثانوية والثلاثية وجسر قناة بوقرا لري أكثر من 48 ألف هكتار، يستفيد من المشروع أكثر من 68 ألف شخص، ويهدف المشروع دعم اقتصاد البلاد من خلال تنمية قطاع المياه، حيث يضيف حوالي 71 ألف متر مكعب في اليوم من المياه الصالحة للشرب في العاصمة «ماسيرو» والمدن والقرى المحيطة، ويفيد أكثر من 500 ألف شخص، ويلبي الاحتياجات المتوقعة من المياه حتى عام 2025. كما يهدف مشروع سد كندادجي في النيجر إلى دعم اقتصاد البلاد من خلال تحسين الوضع الغذائي والحفاظ على الماشية وعلى البيئة نظراً لما تتعرض له المنطقة من الجفاف من فترة إلى أخرى والحد من الزحف الصحراوي بالإضافة إلى توليد الكهرباء.

آبار «الشارقة الخيرية»
جهود الإمارات في التعامل مع قضية المياه عالمياً لم تقف عند حد الدور الحكومي الرسمي، وإنما تجاوزه ليشمل الجمعيات الأهلية الخيرية التي تضطلع بدور كبير في تلبية احتياجات الشعوب التي تعاني ندرة وشح المياه، ومنها جمعية الشارقة الخيرية التي تضع توفير المياه الصالحة للشرب بمقدمة أولياتها في مشروعاتها الخارجية، حسبما يؤكد عبدالله مبارك الدخان الأمين العام للجمعية، مشيراً إلى أن الغالبية العظمى من البلدان التي تشملها مساعدات الجمعية تعاني شح المياه طوال العام، مما يتسبب في انتشار الأمراض الفتاكة بين سكانها كما هو الحال في أزمة الصومال الأخيرة، حيث أودى الجفاف بحياة الكثيرين من السكان.
وذكر أن الجمعية تمكنت خلال العام الماضي من توفير 9939 بئراً لتوفير المياه النقية في 28 دولة من البلدان التي تشملها أعمال ومشاريع الجمعية في الخارج، وانتهجت لهذا الغرض كافة السبل التي تساهم في نجاح ذلك المشروع، حيث تم إنشاء الآبار بمختلف أنواعها، وذلك على حسب الموقع المنفذ به البئر وعدد المستفيدين، وتكلفة التنفيذ، حيث تم إنشاء الآبار اليدوية والسطحية، وكذلك الارتوازية والعميقة والكهربائية، فيما تم الاتجاه إلى إنشاء صهاريج المياه الكبرى التي تعمل عبر الطاقة الشمسية، وتوفر المياه النقية إلى أكثر من قرية متجاورة.

«سُقيا الخير»
والتزاماً من الجمعية بدورها الإنساني، وتكليلاً لجهودها في توفير المياه النقية لمناطق الجفاف حول العالم، أوضح عبدالله الدخان أنه تم إطلاق حملة «سقيا الخير» وهي حملة إنسانية تستهدف توفير المياه الصالحة للشرب في 5 دول تضم كينيا وبوركينافاسو وموريتانيا والنيجر وتشاد، وذلك من خلال إنشاء 10 شبكات لتنقية مياه الأنهار وتوصيلها إلى سكان القرى، بجانب حفر 315 بئراً يدوية وكهربائية وارتوازية. ولا يقتصر مشروع الجمعية لتوفير المياه النقية على حفر الآبار فحسب، بل يشمل إنشاء محطات للتحلية كتلك الثلاث التي تم إنشاؤها بجمهورية مصر العربية، كما تبنت الجمعية في «عام زايد» إنشاء الصهاريج الضخمة التي من شأنها توفير المياه لأكبر عدد من القرى المتجاورة ببعضها في البلدان النامية والتي تعمل بالطاقة الشمسية، وينهي الدخان حديثه بالتأكيد على ضرورة تثقيف الناس وحثهم على عدم الهدر، والتعاون بين الدول لتطوير تقنيات جديدة منخفضة التكلفة وتتناسب مع البيئة ولا تستهلك كميات كبيرة من الطاقة.

«الهلال» تتحدى شح المياه بالتقنية
إلى ذلك، تبذل هيئة الهلال الأحمر الإماراتية جهوداً حثيثة في مواجهة تحدي شح المياه ونقصها، وهو التحدي الذي يزداد يومياً في مختلف دول العالم، من خلال حرصها على تنفيذ مشاريع تتضمن حفر الآبار الارتوازية والسطحية باستخدام أحدث وسائل التقنية، وتوفير شبكات ومضخات المياه وخطوط ناقلة للمياه بجانب موزعات المياه الباردة والساخنة وأنابيب المياه العذبة بما يضمن توفير المياه للعديد من السكان الذين يعانون من نقص أو تلوث المياه.
وبلغت تكلفة مشاريع سقيا المياه التي نفذتها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي منذ 2014 ولغاية العام الماضي 45 مليوناً و 588 ألف درهم في 19 دولة حول العالم ساهمت في توفير المياه النظيفة لملايين السكان في العديد من الدول التي تعاني من شح المياه وقلة الموارد، ووفقاً لتقرير للهيئة فقد بلغ إجمالي مشاريع الآبار التي نفذتها الهيئة خارج الدولة منذ تأسيسها 17 ألفاً و233 مشروعاً بقيمة 101 مليون و568 ألفاً و236 درهماً لغاية 2014، نفذت في كل من الصومال وغانا وكازاخستان وتشاد وتايلاند والسودان واندونيسيا والبانيا وتوجو وموريتانيا وباكستان والهند والنيجر واليمن والسنغال وأفغانستان والعراق وأوغندا ومصر.

حلول مبتكرة عبر «الاستمطار» لتحقيق أمن المياه
ذكر الدكتور عبدالله المندوس مدير المركز الوطني للأرصاد أن برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، الذي يشرف على تنفيذه المركز الوطني للأرصاد، يجسد استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة الرامية إلى تحقيق أمن المياه، والذي أصبح من أهم القضايا الملحة في عالمنا اليوم، وذلك في ظل زيادة النمو السكاني وارتفاع الطلب على الموارد المائية لا سيما في المناطق الجافة وشبه الجافة، حيث يسعى البرنامج إلى تطوير عمليات الاستمطار بالتعاون مع عدد من المنظمات العالمية المتخصصة من أجل التوصل إلى حلول فاعلة ومبتكرة تسهم في الحد من تداعيات شح المياه محلياً وإقليمياً وعالمياً.
وكشف أن البرنامج يعمل جنباً إلى جنب مع أبرز العلماء والباحثين من مختلف أنحاء العالم في سبيل إيجاد أفكار مبتكرة وتطوير تقنيات جديدة تسهم في تطوير هذا العلم ورفع قدرته على ضمان إمدادات مستمرة من المياه الصالحة، والمحافظة عليها للأجيال المقبلة، فضلاً عن تكوين شبكة واسعة من الشراكات المحلية والدولية وتبادل أفضل الممارسات العلمية مع الدول الأخرى التي تواجه التحديات ذاتها من منطلق إدراكها لأهمية نشر هذه التقنيات على نطاق أوسع لمعالجة شح المياه حول العالم.
وتابع «يقدم البرنامج منحة مالية بقيمة 5 ملايين دولار لتشجيع العلماء والباحثين على تنفيذ أبحاث تطويرية جديدة في مجال علوم الاستمطار، ويقوم الحاصلون على منح البرنامج بتنفيذ مجموعة من الأعمال البحثية الرائدة في مجال الخوارزميات المبتكرة، وتكنولوجيا النانو، وتعديل الغطاء الأرضي، ودور قطرات المياه فوق المبردة في توفير الجليد لزيادة هطول الأمطار، وكذلك دور الهواء الجوي في تعزيز هطول الأمطار، ودراسة إمكانية تعديل الخصائص الكهربائية للغيوم وغيرها من الابتكارات التي تساهم في ضمان نوعية حياة أفضل للمجتمعات.

سقيا الماء.. الأكثر إقبالاً
تسهم سقيا الماء في ترسيخ قيمة إنسانية عظيمة، وهي التراحم والتسامح من خلال تنفيذ مشاريع إنسانية تعيد الحياة إلى ملايين البشر مهما اختلفت جنسيتها أو دينها أو لغتها، فالماء هو عصب الحياة.
يقول الدكتور رضا محمود أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن الإمارات سباقة في خدمة الإنسانية وسعادتها، وحريصة على نشر السلام العالمي، وتحقيق العيش المشترك بين مختلف الشعوب، وجهودها كذلك في توفير أساسيات الحياة للإنسان في ربوع العالم، ويأتي في مقدمة تلك الجهود المبذولة مشروع سقيا الماء الذي تحرص دولة الإمارات على خدمة الإنسانية من خلاله.
وأكد أن هذا المشروع العظيم يأتي استجابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل الصدقات سقيا الماء. كما ويأتي كذلك تحقيقاً لمقصد من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية ألا وهو «حفظ النفس»، فمن خلال هذا المشروع المبارك تحقق دولة الإمارات مقصود الشريعة الإسلامية في حفظ النفس الإنسانية مهما كان جنسها أو دينها أو لغتها، ولا شك أن توفير المياه يحفظ نفوساً كثيرة من التلف والهلاك والمحقق، ويرسخ قيمة إنسانية عظيمة هي قيمة التراحم، تلك القيمة التي أمرتنا الشريعة الإسلامية بها في كثير من نصوصها المقدسة.
من جانبه، أشار الدكتور يوسف حميتو، مدير البحث العملي بمركز الموطأ، أن أفضل الصدقة سقيا الماء، وذلك لأن الماء هو قوام الحياة كلها. وأضاف فضيلته: «دائماً ما تجد المبادرات التي تنبع من رحم الدين والإنسانية تأتي من الإمارات، وليس غريبا أن يكون سقيا الماء واحدة منها على هذه الأرض الكريمة، لتضاف إلى مبادراتها الأخرى في تعزيز السلم واستنقاذ الأرواح وصيانة كرامة الإنسان».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض