ريم البريكي (أبوظبي)
حامد الحامد ترجم دراسته الأكاديمية في إحدى جامعات بريطانيا إلى فكرة عملية في مجال الزراعة المائية، باستخدام أحدث النظم التكنولوجية.
اختار الحامد اسم غراسيا(النعمة) ليطلقها على مزرعته التي أنشأها في الباهية بأبوظبي، ليضيف بذلك مزرعة جديدة إلى 24 ألف مزرعة لإنتاج المحاصيل في العاصمة.
يقول الحامد: إن إنتاج المشاتل من المحاصيل في السابق كان لا يتجاوز2000 شتلة كأعلى تقدير، بيد أن مزرعته التي تعتمد زراعة الهيدروبونكس «الزراعة المائية»، أنتجت في عام واحد 500 ألف شتلة، وذلك بفضل تلك التقنيات العالية والحديثة لإنتاج المحاصيل، منوهاً إلى أن الزيادة في عدد الشتلات من شأنها أن تصل بالسوق المحلي إلى الاكتفاء من المحاصيل الضرورية والمهمة.
حلم الحامد بإنشاء هذه المزرعة، المخصصة للورقيات، لم يكن ليتحقق لولا دعم شركاء عديدين، منهم صندوق خليفة لتطوير المشاريع، ومركز خدمة المزارعين، شركة ريادة، وشركة NGS وهي شركة إسبانية متخصصة بالأنظمة المتطورة.
يقول الحامد: إنه يرغب في تحويل مزرعته الاستثمارية الواقعة في منطقة الباهية بأبوظبي إلى مزرعة تنقل ثقافة الزارعة المائية، من خلال استخدام أحدث النظم العالمية التي بدورها توفر الوقت والجهد والطاقة، التكلفة المالية، من خلال نظام إلكتروني حديث يعتمد على تنفيذ مهام الزراعة بكل دقة واحترافية، بما يضمن الحصول على منتج زراعي يفوق في جودته المنتج الأجنبي المستورد.
ويعد المشروع من أحدث أنظمة الزراعة المائية في العالم، وتم بناؤه على عدة أقسام من التصنيع إلى التسويق.. فجمع كل الجوانب التي يحتاج إليها المزارع في تحقيق مستوى عالٍ من القيمة الغذائية.
فكرة المشروع انطلقت من دراسة حامد الحامد للماجستير في تخصص قيادة استراتيجية وإدارة التغيير في إحدى جامعات بريطانيا، الذي وجه لاختيار مشروع تجاري يساهم من خلاله بتغيير النمط السائد ونشر ثقافة تسهم في ازدهار المجتمع وتقدمه.
يرى الحامد أن الإنسان، لكي يحقق النجاح، لابد وأن يمر بمرحلتين أساسيتين: الأولى تتمثل بالمعرفة التامة بكل الممكنات التي يملكها، والمرحلة الثانية في تحديد الأهداف التي يود أن يحققها حتى تصل إلى النجاح.
وبيّن أن البيت البلاستيكي الذي تتم فيه الزراعة يعد من البيوت الذكية التي تتابع من خلال الإنترنت، وتتم مراقبته من قبل الشركة المنفذة في إسبانيا، (المنتج)، من قبل المالك والمهندس المشرف على المشروع، كما أن البرنامج المستخدم يزود الجهات المعنية بالمشروع بقراءات دقيقة ومفصلة على مدار الساعة تتضمن حجم النبتة، وأوقات الري، والمواد العضوية التي تمت تغذيتها لها، وكمية أشعة الشمس التي تحتاجها، بشكل تلقائي ومن خلال البرمجة الدقيقة يقوم النظام بإغلاق السقف المستعار، وذلك حماية للنبتة من أشعة الشمس القوية والضارة، بعد اكتفاء النبتة من أشعة الشمس الضرورية لها، كما يقيس النظام نسبة الرطوبة، ويقوم آلياً برفع جدران البيت البلاستيكي الذكي وفتح الأسقف لتقليل نسبة الرطوبة كلما احتاجت النبتة لذلك، وفي حالة نقص الرطوبة عن حاجة النبات يعطي الكمبيوتر أمراً للرشاشات المائية لبخ المياه لرفع نسبة الرطوبة داخل البيت البلاستيكي.
يزرع الحامد في مزرعته كل المحاصيل، ولكن يتم تحضير البيت البلاستيكي بصورة متخصصة، بحسب الطلب لنوع المنتج المزروع.
وأفاد الحامد بأن صندوق خليفة ساهم بتقديم دعم مادي بنسبة 50%من التمويل المخصص لرأس مال المشروع، وقال: تقدمت بدراسة للصندوق وطرحت عليهم فكرتي التي انتهت بموافقة الصندوق على تمويلي ودعمي من خلال مبادرة زرعي، وتلقيت الدعم الكبير من هيئة الماء والكهرباء بشأن استخدام الطاقة الكهربائية، ولاتساع المزرعة، فإنها تحتاج إلى طاقة إضافية متوزعة على المساحة.
وحول خططه الحالية، قال الحامد: «الآن في طور بناء بيت بلاستيكي ذكي جديد بمساحة 1هكتار، أي بما يعادل 10 آلاف متر مربع، وتعتبر مزرعة بهذا المساحة وتعمل بهذا النظام الأولى من نوعها في الدولة، وبمنطقة الخليج، وتنتج الشتلات كما سبق وأن ذكرت نحو نصف مليون شتلة خلال العام، بواقع 11 ألف شتلة يتم إنتاجها في كل أسبوع». وأشار إلى أنه توجد في أبوظبي وحدها أكثر من 24 ألف مزرعة لزراعة المحاصيل، ألف منها قادرة على إيصال العاصمة إلى حد الاكتفاء الذاتي فيما لو تم تطبيق هذه التقنية بها.
وأوضح الحامد أن المزرعة تفتح أبوابها أمام كل راغب في تزويد مزرعته أو منزله بالتقنية ذاتها، ومساعدة المتقدمين لذلك من الاستفادة من الاستشارات التي تقدمها المزرعة، ونقل التجربة ذاتها للراغبين في تنفيذ مشروع مماثل، مشيراً إلى أن المزرعة تقوم بذلك العمل بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية المختصة بغية تحقيق الهدف المنشود، والقائم على نشر ثقافة الزراعة المائية بأحدث النظم العالمية، وكذلك تم التنسيق مع عدد من المدارس بعقد زيارات ورحلات مدرسية، مع تقدم المزرعة لكل طالب منهم بدورة تدريبية تفصل مفاهيم الزراعة المائية، ويرى الطالب بنفسه نماذج كل الأنظمة للزراعة المائية التي تعد من أحدث النظم العالمية في هذا المجال، كذلك يسمح لكل طالب بزرع بذرة ويأخذ موعداً لاستلام منتج هذه البذرة في دورة الإنتاج بصحبة أسرته، وذلك بهدف زرع حب العمل والإنتاج في نفوس الناشئة وجميع الأجيال الواعدة.
وأضاف الحامد أن أقسام المزرعة تشمل التصنيع وقسم المحاليل وقسم المعدات المستهلكة وقسم التدريب، وقسم النماذج والبيوت الزراعية، كما أن المشروع موجه لأصحاب المشاريع ولعدة فئات أخرى منها المزارع والمدارس وطلاب الجامعات من تخصص علوم زراعية والمنازل، وتمتلك المزرعة نموذجاً مصغراً لتقنية الـNGS تستطيع الأمهات استخدامها في البيوت وتستطعن زراعة احتياجاتهن من المحاصيل على مدار العام.
التكلفة المالية
حول التكلفة المالية لتلك التقنية أجاب الحامد أنها مكلفة بعض الشيء في مرحلة التأسيس، ولكن العائد المادي في المحاصيل المزروعة يعوض تلك التكلفة وخلال فترج وجيزة، مشيراً إلى تلقيه العديد من الطلبات من قبل مجموعة كبيرة من المزارعين، كما تم توقيع عقود لاستثمار أراضيهم، والبعض الآخر الإشراف على مزارعهم وتنفيذ مشروع مماثل على مدار 15عاماً، كما أن المزرعة تستعد لتأسيس مختبر بحث علمي لطلاب الجامعات، وذلك بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية والخاصة المهتمة بتقديم منهاج العلوم الزراعية لطلبتها.
وبين الحامد أن المحاصيل الوفيرة التي ستنتجها هذه الثقافة ستمكن الدولة من تصدير تلك المحاصيل للأسواق الخليجية المجاورة، كما ستمكن الأسواق المحلية من الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية الضرورية.
ويطمح الحامد في أن يكون أحد المساهمين في تأسيس جمعية للمزارعين وشؤونهم على غرار جمعية الصيادين، وأن يكون اختصاص هذه الجمعية تقديم المساعدات والتسهيلات وتسويق وإيصال المفاهيم العلمية الحديثة إلى كل المزارعين بما يخدم مشاريعهم، ويسهم في رد العائد والمنفعة لهم.