17 مارس 2011 21:57
أكد السفير حمد الكعبي، الممثل الدائم للدولة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الحكومة ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية أولتا اهتماماً وعناية خاصة ببحث احتمالات ونشاط موجات تسونامي أثناء عملية اختيار موقع محطات الطاقة النووية.
وقال في بيان صحفي أمس إن تصميم المفاعلات النووية في الإمارات تم بناء على هدف واحد فيما يخص السلامة، وهو حصر واحتواء الإشعاع مهما بلغت التكاليف، حيث يوضع قلب المفاعل ضمن وعاء ضخم من الصلب، ويتم تضمين هذا الوعاء في مبنى الاحتواء، وهو عبارة عن هيكل من الصلب والخرسانة المسلحة.
وأضاف بقوله “يأخذ المهندسون في الاعتبار احتمالات وقوة وسرعة التحركات الأرضية والزلازل التي تنتج عنها عند القيام بتصميم وإنشاء محطات الطاقة النووية في أي موقع، وقد أولي اهتمام شامل عند تصميم المفاعلات المتقدمة بفهم فيزياء الحوادث الزلزالية، وضمان أن تكون تصاميم المحطات قادرة على مقاومة سلسلة متتابعة من الحوادث وذلك عن طريق تعدد أنظمة السلامة المكررة والأنظمة الاحتياطية”.
وتابع “يخلو الخليج العربي تاريخياً من موجات تسونامي. ومع ذلك، فإن تحمل أقصى موجات تسونامي المتوقعة يأتي ضمن متطلبات تصميم محطات الطاقة في براكة”.
وقال الكعبي “يمتاز مبنى الاحتواء في التصاميم الحديثة كتصميم مفاعل الإمارات بصلابة ومتانة كبيرة جداً، ويحاط بجدران من الخرسانة المسلحة تصل سماكتها إلى مترين، ويصمم بشكل يضمن قدرته على مقاومة الحوادث الخطيرة مثل أقصى درجات الزلازل المتوقعة في الدولة، إضافة إلى مقاومة الحرائق وحتى الهجمات الصاروخية أو التأثير المباشر لحادث تحطم طائرة”.
وذكر أن الحكومة عملت بشكل وثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحكومات الدول ذات الخبرة لاعتماد وتطبيق أفضل الممارسات والمبادئ التوجيهية لتطوير برنامج نووي مدني، مؤكداً الالتزام بمواصلة العمل ومواصلة التعلم من أي تطورات أو دروس تستجد في مجالات السلامة النووية في إطار سعي الدولة لتحقيق على معايير السلامة في قطاع الطاقة النووية السلمي”.
وتراقب دولة الإمارات عن كثب الوضع في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية في اليابان عقب الزلزال المدمر وأمواج المد العاتية (تسونامي) التي ضربت السواحل اليابانية يوم الجمعة الماضي وخلفت آلاف القتلى والمفقودين، بحسب الكعبي.
وقال الكعبي “إن الوضع لا يزال يتطور في اليابان وسنحتاج إلى بعض الوقت لتقييم تفاصيل هذا الحادث واستخلاص النتائج وأنه سيكون هناك الكثير من الدروس المستفادة من اليابان والتي ستمكن قطاع الطاقة النووية من تحسين وتعزيز ممارسات السلامة الصارمة التي يتم تطبيقها في جميع أنحاء العالم”.
وأضاف “كان ذلك الزلزال الأكبر في تاريخ اليابان الحديث، البلد الذي يتعرض لنشاط زلزالي متكرر، وسابع أكبر زلزال يشهده العالم أجمع في التاريخ”.
وأشار الكعبي الحاصل على شهادة البكالوريوس والماجستير في الهندسة النووية من جامعة بوردو في مجال السلامة النووية في مفاعلات الطاقة، إلى أن السلطات اليابانية ستحتاج إلى بعض الوقت قبل أن تتمكن من استخلاص أي استنتاجات مدروسة حول هذا الحادث.قائلاً “نتعاطف مع الشعب الياباني الذي يعاني هذه الكارثة الإنسانية الصعبة”.
وأضاف الكعبي “تقوم السلطات اليابانية وحسب المعلومات المتوافرة لدينا بعمل كل ما يمكن عمله لضمان سلامة مواطنيها، كما قامت بدعوة المجتمع الدولي لتقديم الدعم بما في ذلك دعوتهم للوكالة الدولية للطاقة الذرية لإرسال خبراء للمساعدة”، معربا عن ثقته بأن السلطات والهيئات اليابانية المعنية ستواصل العمل بما يحقق السلامة للشعب الياباني.
وحول برنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية، قال الكعبي “ستتمكن الدولة من تأمين ربع احتياجاتها من الكهرباء من خلال مصادر الطاقة النووية بحلول عام 2020”، وجاء قرار دولة الإمارات باعتماد الطاقة النووية بعد دراسة واسعة النطاق بحثت في جميع البدائل الممكنة. كما حظيت الإمارات بدعم دولي كبير من مسؤولين حكوميين وخبراء في الطاقة والسلامة النووية من جميع أنحاء العالم، والذين وصفوا نهج الدولة بأنه المعيار الذهبي لكل الدول المهتمة باستكشاف وتطوير برامج للطاقة النووية للمرة الأولى.
يذكر أن السفير الكعبي قام بدور بارز في برنامج الإمارات للطاقة النووية منذ البداية. وهو أيضا عضو مجلس إدارة الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، وهي هيئة اتحادية مستقلة مخولة بتنظيم وترخيص كافة الأنشطة المتعلقة بالطاقة النووية في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تركز بالدرجة الأولى على السلامة العامة.
وقال الكعبي “برزت الطاقة النووية كخيار مناسب لدولة الإمارات لتنويع إمداداتها من الكهرباء. ودولة الإمارات حرصت على وضع السلامة النووية كأولوية قصوى منذ بدأ البرنامج وخلال مراحل تطوير البرنامج المختلفة وذلك استناداً إلى أفضل الممارسات العالمية في قطاع الطاقة النووية، وباستخدام تكنولوجيا مثبتة ومجربة تلبي أعلى المعايير الدولية للسلامة والأداء”.
ومن المقرر إنشاء أربع محطات للطاقة النووية، حيث سيتم ربط المحطة الأولى بشبكة أبوظبي بحلول العام 2017.
وأوضح الكعبي أنه “تم إعداد إجراءات صارمة للسلامة في كل مرحلة من مراحل البرنامج، وهي جزء لا يتجزأ من نهجنا وثقافتنا وتصميم المفاعلات التي اختارتها الإمارات”.
وتعد مؤسسة الإمارات للطاقة النووية الجهة المسؤولة عن تصميم وإنشاء وتشغيل أولى محطات الطاقة النووية في دولة الإمارات، وقد اختارت المؤسسة المفاعل النووي المتقدم ِAPR1400، وهو مفاعل من الجيل الثالث من تصميم الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو) من كوريا الجنوبية.
وحول تصميم هذا المفاعل أوضح الكعبي “يتميز المفاعل النووي APR1400 بتكنولوجيا متقدمة توفر العديد من أنظمة السلامة والأداء،” مشيراً إلى أنه تم تطوير تصميم المفاعل بشكل يقاوم الحوادث والكوارث حتى تلك النادر حدوثها وذلك بناء على عقود من الخبرات الدولية والخبرة التي تمتلكها كوريا الجنوبية في مجال الهندسة النووية والعمليات التشغيلية للمحطات النووية”.
وأضاف الكعبي أن تشييد وتشغيل مفاعلات الطاقة النووية في الدولة يخضع لمعايير رقابية عالية في مجال ضمان السلامة النووية، منعكسة في التقييم المستمر لمتطلبات السلامة النووية المبنية على معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاستفادة من الخبرات العالمية والدروس المستفادة من القطاع النووي في العالم، وهو النهج الذي تتبعه الدولة لضمان أعلى معايير السلامة في منشآتها المستقبلية”.
وذكر أن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية اختارت موقعاً مفضلاً لمحطات الطاقة النووية، وذلك في براكة بالمنطقة الغربية من إمارة أبوظبي على الخليج العربي، على بعد نحو 53 كيلومتراً إلى الغرب والجنوب الغربي من مدينة الرويس.
ولا تزال المؤسسة بانتظار الموافقة النهائية على الموقع من قبل الهيئة الاتحادية للرقابة النووية.
وأشار إلى أن الهيئة الاتحادية للرقابة النووية تقوم بتقييم مفصل لتصميم محطات الطاقة النووية وأنظمة السلامة النووية، للتأكد بأنها قادرة على مقاومة أي حوادث محتملة بما في ذلك الكوارث الطبيعية والأنشطة الجيولوجية كزلازل وموجات تسونامي وذلك قبل الموافقة على بدء الأعمال الإنشائية في الموقع ، موضحاً أنه تم إجراء دراسة شاملة مع فريق من الخبراء الدوليين قبل اختيار “براكة” كموقع مقترح، وتمثل أحد أهم العوامل التي قادت إلى اختيار براكة الهدوء الجيولوجي للموقع و الاحتمال الضعيف جداً لتعرضه للزلازل الخطرة.
المصدر: أبوظبي