12 يونيو 2008 01:55
حقق العرض المسرحي النمرود تأليف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة نجاحاً لافتاً منذ أول عرض خارجي بالمسرح القومي بالقاهرة والاسكندرية حيث تجاوب الجمهور مع العرض ليتحقق هدف التواصل المسرحي العربي ومد الجسور بين الشعوب العربية عن طريق المسرح الذي يعد خير وسيلة للتقارب والتحاور بين الأشقاء·
النجاح الذي حققه العرض المسرحي ''النمرود'' أثلج صدور المشاركين فيه وجعلهم أكثر حماساً وقدرة على التألق والإبداع في بقية الدول العربية التي سيقدم العرض المسرحي على مسارحها تباعاً· ومسرحية ''النمرود'' هي الخامسة في مسيرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بعد مسرحيات ''عودة هولاكو''، و''القضية''، و''الواقع صورة طبق الأصل''، و''الإسكندر الأكبر''، وهي من إنتاج مسرح الشارقة الوطني ومن إخراج التونسي المعروف المنصف السويسي في أولى تجاربه الإخراجية مع أعمال صاحب السمو حاكم الشارقة ويشارك فيها ما يقرب من ثلاثين ممثلاً من ثماني جنسيات عربية فضلاً عن طاقم الإخراج والديكور والموسيقى حيث نجح المخرج المنصف السويسي في قيادتهم باقتدار ليقدموا واحدة من التجارب المسرحية المتميزة التي تستوحي الماضي وتعكسه على ما يدور في عالمنا المعاصر من خلال رصد قصة الملك النمرود الطاغية الذي تحدى شعبه وأذله ونفى وجود إله غيره حتى انتهت حياته عن طريق بعوضة صغيرة لم يستطع أن يفعل شيئاً حيالها عندما دخلت رأسه وعذبته وأنهت حياته·
وطبقاً لكلمة مسرح الشارقة الوطني التي ألقاها محمد عبدالله العلي رئيس اللجنة الثقافية بمسرح الشارقة الوطني فإن مسرحية ''النمرود'' حلقة من سلسلة كتابات صاحب السمو حاكم الشارقة التي تطل من نافذة الماضي وصولاً إلى حالات مشابهة وصور متطابقة في الحاضر وربما في المستقبل، وهو عمل مسرحي يقل فيه الحوار وتكثر فيه المعاني والعبر ويسعى إلى مواكبة الأحداث والقضايا العربية والإنسانية وتقديمها إلى الجمهور العربي في أبهى صورة فنية تحمل الفكر والفرجة معاً وتضع الأيدي على الجروح وتشخص ماضي الأمة وحاضرها ثم تبشر بالمستقبل لتقول كلمة الفصل من دون تشويه أو إساءة أو تحامل أو تجنٍ· وأضاف أنه بعد النجاح المتميز الذي حققته مسرحية ''النمرود'' في الشارقة وجه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بضرورة عرض المسرحية في عدد من الدول العربية تحقيقاً للتواصل المسرحي العربي ومد جسور التعاون الثقافي المشترك في زمن أصبحت فيه الأمة أحوج ما تكون إلى هويتها الثقافية وبُعدها القومي، وقد بدأ العرض في مصر لما لها من تأثير وحضور مسرحي عربي كبير لينتقل بعد ذلك إلى دول المغرب العربي ثم بلاد الشام وبعض الدول الخليجية· وعودة إلى العرض المسرحي ''النمرود'' نجد أن البداية كانت جذابة ومبهرة من خلال أنغام الموسيقى الحية والأغاني الإماراتية وكسر الحاجز بين الممثلين وجمهور العرض وكأنها لعبة مسرحية يشارك فيها الجميع من دون أن يكون هناك فاصل بين الممثلين على خشبة المسرح والجمهور· وتميز العرض بالأداء الجماعي المترابط من كل المشاركين وروى حكاية الملك ''النمرود'' من خلال الوزراء والرعية وجاء الاعتماد على التمثيل الحركي والاستخدام المتميز للإضاءة والسينوغرافيا مميزاً فضلاً عن فكرة الأقنعة لتغطية وجوه الملوك والوزراء في إشارة رمزية واضحة وموحية لكل طاغية·
وبدأت حدوتة العرض بمشهد جماعي للرعية من أهل بابل يشكون ظلم الملك ''الضحاك'' ووحشيته وقتله الأبناء والرجال والمطالبة بالثورة عليه والدعوة لتولية الملك ''شاع'' على مملكة بابل بعد أن يقاتل الملك ''الضحاك'' ولكنه يخذلهم بحجة أنه ضعيف ولا يقوى على ذلك مما يضطرهم إلى مخاطبة الملك ''النمرود'' ليساعدهم على التخلص من الملك ''الضحاك'' وبالفعل تحدث مواجهة بين ''الضحاك'' و''النمرود'' وينتصر الأخير ويعلن نفسه ملكاً على بابل بالقوة وعندما يعترض الشعب يبدأ تعذيبهم والتحكم في مصائرهم وإعلان نفسه إلهاً على شعب بابل ومع القتل والسجن وتجويع الناس يستمر في ظلمه ويطلب أن يشيد له ''برج بابل'' ليتأكد من خلاله من عدم وجود إله غيره بل إنه يعلن الحرب ويجهز الجيوش ضد الله على الرغم من أن وحياً جاءه أكثر من مرة وطلب منه أن يؤمن بالله ويتراجع عن فكرته ولكنه رفض حتى فوجئ بسحابة من البعوض تسلط على جنوده وتستطيع بعوضة أن تدخل رأسه وتعذبه عذاباً شديداً لدرجة أنه طلب من الناس ضربه على رأسه ليخف ألمه حتى فارق الحياة، وكانت دعوة الشعب في نهاية العرض واضحة ''من أراد أن ينتقم من النمرود فليأت'' وهكذا كانت نهاية الحاكم الطاغية الذي قاده غروره وكفره إلى الموت·
محطة جديدة
ويقول المخرج المنصف السويسي إن اشتغاله بمسرحية ''النمرود'' محطة جديدة مع فن المسرح الذي يعشقه وهي جديدة لأنها ليست لها سابقة والمغامرة التي يخوضها تنفرد بنص مبتكر وأصيل وتأليف عربي صرف لكاتب عربي يطرح للعرض الأول على المستوى العالمي و''النمرود'' تمثل نص الشهادة على العصر يطرحه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي داعياً المشاهد المسرحي إلى مشاهدة صور وأفعال درامية أكثر من الاستماع إلى الإذاعة المسرحية·
ويضيف أن المؤلف يتخلص في هذا النص من هيمنة الحوار ويخلص المسرح من ثرثرة الكلام ليترك المجال للغة المسرح ومفرداتها المرئية وليتحرر المسرح من سطوة الأدب وينطلق إلى فضاء مشهد حركي يزخر بالمفردات الحاملة للمعاني والأفكار عبر الإشارات والعلامات والدلالات التي تحيلنا إلى مرجعيات تتركب منها شفرات التعبير الدرامية الجمالية في تداخل وتكامل مع النص باعتباره أساساً ومنطلقاً·
ويؤكد المنصف السويسي أنه سعيد بالتجربة الأولى مع أفكار وكتابات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي وقد أبحر في هذه المغامرة بكل حرية وتجريب بحثاً عن المدهش الجديد على غرار من سبقوه مثل قاسم محمد، واحمد عبدالحليم اللذين أخرجا الأعمال السابقة لحاكم الشارقة·
ويقول أحمد الجسمي بطل العرض إن مسرحية ''النمرود'' تعتمد على البطولة الجماعية فشخصية ''النمرود'' التي قدمها تضافرت مع بقية الشخصيات الأخرى، والمسرح عمل جماعي، وهو سعيد برد الفعل الإيجابي على العرض في مصر ويعتبره من أفضل العروض التي قدمها في حياته المسرحية نظراً لانبهار الجمهور بالعرض وتجاوبه مع كل ممثليه وهو الأمر الذي أكد توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بأن تبدأ العروض الخارجية للمسرحية من مصر منبع الثقافة ومؤشر النجاح لأي عمل فني· وأكد الجسمي أن العرض لعبة مسرحية تعتمد على تضافر كل جهود العمل من التمثيل إلى الملابس والديكور والموسيقى والإخراج ونجحت اللعبة عندما حدث تواصل بين الجمهور والممثلين وكأنهم مشتركون في أطراف اللعبة ويحسب لكل فريق العمل أنه وظف عدة تقنيات مسرحية بشكل جيد كحركة الممثلين واستخدام الأقنعة التي جعلت الممثلين يجتهدون في إبراز قدراتهم التمثيلية الجسدية والصوتية ليوصلوا المعنى إلى الجمهور·
ويقول محمد غباشي الذي قدم عدة أدوار بالمسرحية أبرزها دور الملك ''شاع'' إنه سعيد برد الفعل الذي حدث عند لقاء الجمهور المصري فمصر أول جسر عبور لتقديم أفكار صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي وقد نجحت التجربة وهو ما جعله كممثل يجتهد بشكل كبير لإخراج كل طاقاته وقدراته التمثيلية وساعده على ذلك التناغم والتجانس بين كافة فريق العمل·
المصدر: القاهرة