برزت في معرض «الشرق الأوسط للمأكولات» الذي أقيم مؤخراً في «مركز أبوظبي الوطني للمعارض» وشاركت به مجموعة شركات محلية ودولية من مختلف دول العالم؛ ظاهرة «المأكولات النباتية»، حيث حرصت بعض شركات آسيوية مشاركة في فعالياته على تقديم مجموعة أغذية نباتية تماماً قوامها الخضراوات لنشرها محلياً- حيث تكشف الإحصائيات منذ عام 2004- 2008 عن وجود أدنى نسبة للنباتيين العرب في الخليج، وأعلى نسبة لهم في بلاد الشام.
عملت بعض الشركات المشاركة في معرض «الشرق الأوسط للمأكولات» على نشر ثقافة «الغذاء النباتي» الخالي من اللحوم، سعياً منها إلى تكريس مفاهيم غذائية سليمة تنشد صحة الإنسان، بهدف المساهمة في نشر التوعية في مجال الأغذية.
فيما ساهم انتشار بعض الأمراض التي تسببها اللحوم (مواشي، دجاج، أسماك) كالأنفلونزا والحساسية؛ في تعزيز مكانة الخضراوات كبديل صحي.
الصحة أولاً
عرضت بذلك بعض الشركات الغذائية الصينية مجموعة كبيرة من أصناف الخضراوات، وأوضحت العناصر الغذائية المتوفرة في كل صنف، والبروتينات والفيتامينات والأملاح التي يتطلبها جسم الإنسان لتأمين سلامته الصحية.
يقول في ذلك «هواتو ميننغ»- خبير تغذية صيني: «تأتي مشاركتنا في المعرض انطلاقاً من سعينا إلى تأكيد أهمية الخضراوات وإيجاد بديل صحي عن اللحوم المتنوعة، بحيث ينأى الإنسان عن مخاطرها قدر الإمكان، وذلك من خلال أصناف الخضراوات والبقول التي تحمل ذات العناصر الغذائية المتوفرة في شتى أنواع اللحوم. خاصة إذا عرفنا أن الغذاء اللازم لجسم الإنسان هو ما توافرت فيه (البروتينات والفيتامينات والمعادن والأملاح والماء والسيلولوز والنشويات)، وهي جميعها تتوفر في الخضراوات وأحياناً كثيرة بنسب أكبر مما تتوفر في بعض أصناف اللحوم».
يضيف مننيغ: «يتجه العالم نحو الغذاء النباتي -في هذه الآونة تحديداً- لأنه ثبت علمياً وبالتجربة أن تركيب وقوام الخضراوات في أقل تقدير لا يحمل أي أضرار على أعضاء وخلايا الإنسان، على عكس بعض لحوم الحيوانات! لذا برز الاهتمام العالمي بنمط «الغذاء النباتي» كونه صحي أولاً وأخيراً، فضلاً عن أنه يشفي أمراض عديدة».
الأرض الطيبة
كشفت جدارية لشركة آسيوية مشاركة في المعرض أنه من خلال دراسات وأبحاث علمية أجريت عام 2008 «تبين أن عدد النباتيين في آسيا هو الأعلى على مستوى القارات، ثم أوروبا فأميركا، وأن نسبة الإناث تفوق نسبة الذكور النباتيين. وأن نسبة كبيرة من صغار السن 63% يميلون إلى تناول الخضراوات اللصيقة بالأرض.
يقول د. نوتين شو- طبيب أغذية بديلة: «تتصف الخضراوات اللصيقة ثمارها -نوعاً ما- بالتربة مثل (القرعيات والكوسا والباذنجان والبروكلي والسلق والسبانخ والجزر والبطاطا والبصل والثوم والفطر) بفوائد وعناصر غذائية عليا مثل (الحديد والزنك والكالسيوم والمغنيزيوم) وهي موجودة في البقول الخضراء: فول وفاصولياء وعدس ولوبياء، إضافة إلى مجموعة من الفيتامينات A-B-B6-D وغيرها». وهو ما ينطبق على الفاكهة مثل: البطيخ والشمام والفريز والعنب، كونها أصناف لصيقة بالتربة وليست أشجار مرتفعة عن الأرض كالتفاح والبرتقال والخوخ والتين. وهذا لا يعني أن هذه الأصناف خالية من الفيتامينات والفوائد، بل يعني ضرورة اهتمام الإنسان بتناول الثمار الأقرب للأرض والتربة لكثافة عناصرها الغذائية».
يضيف موضحاً: «يتوفر في الخضراوات ذاتها بدائل لطيفة لمن لا يفضل تناولها عبر المضغ! فهناك سوائل كالحساء والعصائر، وكذلك كبسولات تتموضع داخلها شذرات الخضراوات، فضلاً عن الأصناف المجففة، وهي جميعاً تدخل في إطار الأغذية البديلة».
مقارنات ومقاربات
تحتوي الخضراوات على كميات من الماء والنشويات تفتقدها اللحوم، من هنا يقارب أسامة محمد علي- اختصاصي تغذية، بين تركيب لحم المواشي وبقول العدس، يقول: «إن الفرق بين تركيب لحم الغنم والعدس، ليس كبيراً، حيث يحتوي اللحم على (20.5 بروتين، 1 أملاح، 5.4 دهن، ونسبة ضئيلة ماء)، بينما يحتوي العدس على (23.2 بروتين، 2.8 أملاح، 2 دهن، نسبة كبيرة من الماء). لذا نقدم وننصح إنسان العصر الحالي بتناول الفاكهة والخضراوات -خاصة ذات الأوراق الخضراء- لأنها تحتوي على حامض الفوليك وكثير من الفيتامينات والمواد الداعمة، وكذلك تناول البروتينات الموجودة في معظم البقول كالفول والحمص والعدس والبازلاء والفاصوليا المجففة أو الطازجة، وهذه الأخيرة ننصح بها أكثر ولها الأولوية حيث تتمثل القيمة الغذائية لها في احتوائها على مادة بروتينية تسمى «كيرين الخضراء- أو لجيومين»، وتعتبر من أكبر مصادر البروتين النباتي وهي غنية بالنشويات، وتكاد تخلو من المادة الدهنية كما تحتوي على الأملاح المعدنية المفيدة لجسم الإنسان، كالكبريت والفسفور والبوتاسيوم».
نباتيون مختلفون
تنتشر في العالم فئات متعددة من النباتيين، منهم ينطلق من معتقد مذهبي أو إنساني أو اجتماعي أو صحي. كما يختلفون في تعاطيهم مع المنتجات الحيوانية، بحيث نجد بينهم من هو نباتي كلياً أو نصف نباتي، يوضح ذلك د. نزار هندي- اختصاصي أمراض باطنية، يقول: «راج منذ القرن المنصرم نظام غذائي جديد نتج عن انتشار الأمراض والأوبئة، فلاذت به الناس وهو»النظام النباتي»، الذي نتج عنه ظهور فئات مختلفة من النباتيين الذين يمتنعون كلياً عن تناول اللحوم ويكتفون بالخضراوات، وهم:
فئة «نباتيون كلياً» لا يتناولون اللحوم بكافة أنواعها ولا المشتقات الحيوانية مثل الحليب واللبن والجبن والبيض، ويقتصر طعامهم على القمح والأرز والبقول والخضراوات والفاكهة والزيوت.
وهناك فئة نباتيون- lactovo، أي أنهم لا يتناولون اللحوم بكافة أنواعها (المواشي والداجنة والطيور والأسماك والكائنات البحرية) لكن يتناولون مشتقاتها من الألبان والأجبان والزبدة والسمن، وكذلك الحبوب والبقول والخضراوات والفاكهة.
أما فئة «نصف النباتيين» فهم لا يتناولون لحوم الماشية (اللحوم الحمراء) ويكتفون بتناول الدجاج والسمك (اللحم البيضاء). وهم فئة يمكن لها مستقبلاً أن تنسحب إلى النباتية كلياً، أو العودة إلى تناول اللحوم بكافة أنواعها.
تضارب الآراء
تعمل الشركات الغذائية عبر برامج التوعية والتثقيف التي تطرحها إلى التأثير -نسبياً- في خيارات المستهلكين، وهذا لا يعني بالضرورة تشكيل اقتناع كامل لديهم.. هذا ما يؤكده معلم الابتدائي حميد الزعابي- زائر للمعرض، يقول: سأحاول اتباع النمط الغذائي النباتي من قبيل التجربة، بحيث (أخفف) من تناول اللحوم وليس الانقطاع الكلي عنها، فقد سخّر لنا الله تعالى اللحوم لنأكل من طيب ما رزقنا به».
لا تشاركه الرأي كثيراً عائشة الحوسني- موظفة قطاع حكومي، وتقول: «تساهم الخضراوات خاصة الكوسا والباذنجان في حماية الجهاز الهضمي لأن أليافها تسوّر جدران المعدة وتحميها، لذا قد أكون من أوائل من يتجهون إلى النباتية، لكن بعد استشارة طبيبي».
فيما أبدت الشابة روضة حمد المهيري- 17 عاماً رغبة حقيقية في التحول إلى النمط النباتي إنما بشرط أشارت إليه قائلة: «لدينا في المدرسة اختصاصية تغذية وعيادة سأرجع إليهما وإلى رأي والدتي التي ترافقني هنا في المعرض، فهذه القرارات لا تتم بشكل اعتباطي، خاصة أننا ندرس في مساق «العلوم الطبيعية» حاجة الجسم إلى البروتينات والمعادن التي تحتويها اللحوم». من جهته يقول رياض الراعي- زائر للمعرض: «ليس سهلاً على شخص تجاوز الأربعين من عمره أن ينقلب كلياً إلى نظام تغذية جديد عليه، لكن يمكنني اتباع بعض النصائح التي استمعنا إليها من الاختصاصيين هنا، خاصة فيما يتصل بنسبة الكولسترول والشحوم الزائدة».
أغذية نباتية
من أشهر الوجبات النباتية: الفول بأنواعه، البطاطا بأنواعها، المتبل، السبانخ، السلق، الحمص، البازلاء، الفاصولياء، الباميا، مقالي الباذنجان والكوسا والزهرة، محاش نباتية (كوسا، باذنجان، طماطم، قرع، فليفلة) حساء العدس والفطر والبروكلي والجزر وغيرها.
الأرز والقمح والمعجنات والبيتزا والمعكرونة، الحليب والألبان والأجبان والزبدة والسمن، السلطات المختلفة.