دينا محمود (لندن)
حذرت مصادر إعلامية أميركية من استخدام النظام القطري، وسائل الإعلام الموالية له والمحللين العاملين لحسابه على الساحة الداخلية في الولايات المتحدة، للتشويش على انتهاكاته للاتفاقية المبرمة بينه وبين إدارة الرئيس دونالد ترامب، لاحترام قواعد المنافسة العادلة في الأجواء. وقالت في تقرير موسع نشره موقع «تاون هول» الإخباري المرموق «إن تفعيل الدوحة لعمل أدواتها في هذا الشأن، تزايد بعد الرسالة المفتوحة التي وجهها المسؤولون في ثلاث من شركات الطيران الأميركية الكبرى إلى ترامب مؤخراً، وطالبوه فيها باتخاذ إجراءاتٍ أكثر صرامة لإلزام «نظام الحمدين» بالتقيد بالاتفاقية التي تم التوصل إليها قبل 16 شهراً تقريباً».
وتلزم الاتفاقية شركة الخطوط الجوية القطرية بالكف عن محاولاتها للحصول على حصة غير عادلة من السوق في أميركا، وعدم السعي لزيادة عدد الرحلات المباشرة التي تُسيّرها لمطارات هذا البلد، ما لم تتخل عن الدعم الحكومي الهائل الذي تحصل عليه من نظام تميم بن حمد، وأبرز الموقع في تقريره ما ورد في الرسالة، التي وقع عليها المسؤولون عن شركات «دلتا آيرلاينز» و«يونايتد آيرلاينز» و«أميركان آيرلاينز»، من أن مواصلة «القطرية» التنصل من التزاماتها في هذا الصدد يهدد 1.2 مليون فرصة عمل في الولايات المتحدة، جراء الأضرار البالغة التي تلحقها المساعدات الحكومية الهائلة التي تمنحها الدوحة لـ «القطرية»، بشركات الطيران الأميركية التي لا تحظى بفرص مماثلة.
واستعرض «تاون هول» مقتطفات من الرسالة، التي أشار موقعوها إلى محاولات الدوحة التحايل على بنود الاتفاقية، التي تجبر «القطرية» على عدم تسيير رحلات طيران تقصد الولايات المتحدة من مطارات دول أخرى بخلاف مطارات قطر نفسها، وذلك من خلال استغلال صلات قطر المثيرة للجدل بشركة «آير إيطاليا» التي تمتلك السلطات الحاكمة في قطر حصة لا يستهان بها من أسهمها، وتقول شركات الطيران الأميركية إن «القطرية» تستخدم «أداتها الإيطالية»، التي تستحوذ على 49% من أسهمها، في انتهاك الاتفاق، من خلال الرحلات التي تُسيّرها «آير إيطاليا» إلى العديد من المقاصد الأميركية، التي أُضيفت إليها ميامي خلال الشهر الجاري، بجانب رحلات مزمعة قريباً إلى مدينتي لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو، انطلاقاً من مدينة ميلانو.
وأشار تقرير موقع «تاون هول» إلى أن قدرة رسالة مثل هذه التي وجهها مسؤولو الشركات الأميركية لترامب على إحداث تأثير حقيقي في مواقف إدارته حيال قطر، ربما يرتبط بوقف الممارسات المشبوهة التي ينخرط فيها محللون سياسيون أميركيون يظهرون على شاشات المحطات التليفزيونية الكبرى في الولايات المتحدة، للترويج للأجندة القطرية دون الإفصاح عن طبيعة الصلات التي تربطهم بالدوحة، ولفت الانتباه في هذا الشأن إلى ما كشف عنه النقاب مؤخراً، من أن عدداً من أبرز المحللين الذين تستعين بهم شبكة «سي إن إن»، يعملون لحساب النظام القطري ويرتبطون بعلاقات مؤسساتية أو مالية معه، وهو ما يؤثر على طبيعة المداخلات التي يدلون بها على الشاشات.
وشدد «تاون هول» في تقريره على أنه يتعين على وسائل الإعلام الأميركية الكبرى، التأكد من حياد ونزاهة الخبراء والمحللين الذين يظهرون على شاشاتها، للحديث عن قضايا وملفات تتعلق بقطر، لا سيما في الوقت الذي تؤدي فيها انتهاكاتها لتعهداتها الخاصة بالالتزام بقواعد المنافسة العادلة في الأجواء الأميركية، إلى انعكاسات ذات صلة بالأمن القومي للولايات المتحدة، وأكد التقرير ضرورة أن تشرع الشبكات التليفزيونية في الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات ملموسة على صعيد التحقق من أنه لا يوجد لدى ضيوفها ارتباطات بحملات العلاقات العامة التي تديرها جهات أجنبية، في إشارة واضحة إلى حملات التضليل المكثفة التي يقف النظام القطري وراءها على الساحة الأميركية، منذ فرض العزلة عليه منتصف عام 2017، من جانب الدول الأربع (السعودية والإمارات ومصر والبحرين).
فمنذ ذلك الوقت، كرست الدوحة لهذه الحملات - بحسب سجلات وزارة العدل الأميركية - ميزانية لا تقل عن 24 مليون دولار، أُنفقت على تمويل جماعات اللوبي الموالية لها في الدولة الأكبر على مستوى العالم، وهي الجماعات التي تم التواصل معها من خلال 23 من شركات الدعاية والعلاقات العامة العاملة في الولايات المتحدة. ويحاول النظام القطري عبر جماعات الضغط هذه، الإيحاء بأن الناقل الوطني التابع له يلتزم بما ورد في اتفاقية «السماوات المفتوحة»، وأن رحلات «آير إيطاليا» إلى المطارات الأميركية تثري المنافسة ولا تشكل خطراً على الشركات المحلية في الولايات المتحدة، وهو ما تدحضه الوقائع التي تشير إلى أن علاقة قطر بالشركة الإيطالية بدأت في وقت متزامن مع توقيعها اتفاقية «السماوات المفتوحة» مع إدارة ترامب.
من جهة أخرى، يقول المعنيون بصناعة الطيران في العالم إن حصول شركة الخطوط الجوية القطرية على مساعدات حكومية موثقة تقدر بأكثر من 25 مليار دولار، تجعل بوسع الكثيرين اعتبار أن «آير إيطاليا» تحظى بدعم حكومي من جانب الدوحة هي الأخرى، وهو ما يفسر أسباب عدم نأي الشركة الإيطالية بنفسها عن الشركة المالكة لنحو نصف أسهمها، مهما كان الجدل المحيط بها.
«واشنطن فري بيكون»: وعود بمعالجة المخاوف
شادي صلاح الدين (لندن)
أكدت صحيفة «واشنطن فري بيكون»، نقلاً عن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، «أن المسؤولين الأميركيين يعملون على معالجة المخاوف التي أثارها المشرعون وشركات النقل الجوية، بشأن انتهاك الخطوط الجوية القطرية لاتفاقية «السماوات المفتوحة».
وقال المسؤول: «وزارة الخارجية ملتزمة بوضع أساس سليم للمنافسة وضمان حصول الشركات الأميركية على فرصة للنجاح عالمياً»، وأضاف «لقد سعينا إلى ذلك مع الحفاظ على إطار السماوات المفتوحة لسياسة الطيران الدولية للولايات المتحدة.. هدفنا هو تقديم نتائج مفيدة لأكبر عدد ممكن من أصحاب المصلحة في الولايات المتحدة». وطالب المشرعون البيت الأبيض في الأشهر الأخيرة ممارسة ضغوط أكبر على قطر، مؤكدين أنها تعرض الوظائف الأميركية للخطر، وكتب النائب مات جايتس من فلوريدا إلى البيت الأبيض محذراً «لا يقتصر الغش القطري على تقويض المنافسة وتهديد العمال الأمريكيين، بل يتم فقدان أكثر من 1500 وظيفة أميركية لكل طريق يتم إطلاقه إلى الولايات المتحدة بوساطة تهديدات بشكل مباشر ومتعمد لسياساتنا».
لكن رغم الضغوط التي تمارسها شركات الطيران الأميركية والقضايا المرفوعة ضد «القطرية» أمام المحاكم، والتي بلغت إلى الآن نحو 40 قضية وإلقاء وسائل الإعلام الضوء عليها، يتعمد النظام القطري تجاهل كل هذه الأمور، واستمرار سياساته المستفزة، مستغلاً تواجد العديد من عملائه داخل دوائر صناعة القرار الأميركي.
وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في تعليقاته الأخيرة أمام الأعضاء المعنيين بالكونجرس، أنه يعمل على هذه القضية، وأنه يجري مناقشات مع قطر لضمان التزامها باتفاقية «السماوات المفتوحة».