يحتفل العالم بعد أيام باليوم العالمي للرقص، باعتباره ملمحاً أصيلاً من التراث الإنساني. فلا تكاد ثقافة عالمية تخلو من أحد فنون الأداء الجماعي.. تأمل مثلا العيالة في الإمارات، والتحطيب في مصر، والتارانتيلا في إيطاليا والمورابيليسا في غينيا.. مهما تباعدت الثقافات والأزمان يظل هناك فن إيقاعي حاضر.. وهو ما يدل عن كونه احتياجاً نفسياً طبيعياً عابراً للثقافات. أصبحت «سيكولوجية الرقص» مبحثاً علمياً تنشر حوله الأبحاث وتجرى التجارب، لاكتشاف الأدوار العديدة التي يلعبها في وجدان البشر.. فما هي فوائد الرقص التي جعلته ظاهرة عالمية؟
تعبير عن النفس
تتجاوز دلالة الرقص معناه المباشر.. فالاشتراك في رقصة شعبية تعبير عن حب الشخص لتراثه.. ورقص الأصدقاء في زفاف صديقهم تعبير عن فرحتهم به.. زمن وسياق الرقص يضفي معاني مختلفة على الفعل نفسه، والاندماج فيه تعبير مريح عن المشاعر التي يحسها الإنسان في هذه اللحظة.
تعميق الانتماء
الرقصات الجماعية تضفي شعوراً للشخص بالذوبان وسط الجماعة التي ينتمي إليها.. نتحدث عن الرقص في اليوم الوطني مثلاً.. الحركات المتناغمة لجماهير الفريق الواحد في مباريات الكرة.. هذا الفعل يورث الشخص شعوراً باللافردانية والاندماج في الجماعة، وهو شعور إيجابي يذيب الفوارق ويعزز العلاقة بين أفراد الجماعة.. لاحظ التقليد الشهير الذي يرقص فيه العريس مع العروس في مراسم الزفاف، لذات السبب.
تحسين المزاج
دراسات عديدة وجدت أن التمايل مع الإيقاع يساعد في زيادة إفراز الدوبامين والسيروتونين، أي زيادة المشاعر الإيجابية واعتدال المزاج.. ويعتبر الرقص وسيلة فعالة لتنظيم الانفعالات عند كثير من الناس. لذلك ظهرت مدرسة علاجية جديدة هي العلاج بالحركات الراقصة Dance Movement therapy (DMT) وتعددت الدراسات التي ترجح تأثيره الإيجابي على موجات المخ وتأخير الشيخوخة.
مفيد للصحة
النشاط البدني مفيد لصحة الجسم عموماً.. إلا أن الرقص يظل مفيداً حتى إن لم يتضمن حركات مرهقة بدنياً تحاكي التدريبات الرياضية.. فقد وجد الباحثون (ستيلياني دوكا وزملاؤها) أن رقصة هادئة لا تتضمن حركات صعبة أو مرهقة، يمكنها أن تكون مفيدة أيضاً.. ففي هذه الدراسة اليونانية التي نشرت مؤخراً، وجدوا أن اشتراك كبار السن في الرقص اليوناني الشعبي (المعروف بحركاته الهادئة. تذكّر رقصة زوربا اليوناني!).. لاحظوا أن هذا الرقص ساعد في تحسين صحتهم الجسدية بشكل ملحوظ! (نشرت النتائج هذه الدراسة في فرونتيرز إن إيجينج نيوروساينس).
هل يناسب الجميع؟
قد لا يكون الرقص ملائماً لبعض الناس لاعتبارات شخصية، فالبعض لا يتمتع بأذن موسيقية تساعد في إيجاد الإيقاع والتمايل معه، قد لا يجيده أو يشعر بالحرج عندما يمارسه أمام الآخرين، فلا ينبغي إجبار النفس عليه لأن هذا قد يعطي أثراً معاكساً.
قد يكفي التمايل وحدك مع موسيقى تحبها، كي تحقق بعضا من هذه المكاسب النفسية..
فمن المؤكد أن هذا يورث -على الأقل- شعوراً لطيفاً محبباً!