1 مايو 2010 20:47
كثر الحديث في العقود الأخيرة من القرن العشرين عن تمكين المرأة، وذلك يعود إلى الجدلية القائمة في مختلف دول العالم حول توافق التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي بلغتها تلك الشعوب مع ما تحقق من تقدم للمرأة في تلك المجتمعات. فلماذا الاهتمام بتمكين المرأة؟
هذا ما تستفسر عنه أحلام سعيد اللمكي نائبة مديرة الاتحاد النسائي العام لشؤون الجمعيات واللجان والأنشطة ومديرة إدارة الدراسات والبحوث، في إطار يوم دراسي قدمه الاتحاد النسائي العام، تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية حيث نظمت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي «إدارة الدراسات» بالتعاون مع الاتحاد النسائي ندوة بعنوان «نحو تمكين المرأة الإماراتية في المجتمع.. الواقع والتحديات» وذلك بمقر الاتحاد بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي.
التمييز
وفي هذا السياق تقول أحلام اللمكي: تمكين المرأة يعني تسهيل وصولها لأماكن القرار، وذلك بتذليل كل الصعاب التي تعترضها، وتمكينها من الفرص المتاحة التي تناسب قدرات كل امرأة، سواء في الميدان التعليمي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو التشريعي وغيره.. والتمكين هي توليفة من مجموعة برامج يجب إحكامها لنساعد المرأة على تبوئها أحسن المراكز، لتلعب أدوارها التي تستحقها في المجتمع، ولعل استراتيجية تمكين المرأة الإماراتية التي تم إطلاقها سنة 2002 حققت الكثير من القفزات للمرأة على جميع المستويات حيث تضمنت أهدافا كبيرة كانت نتيجتها ما وصلت إليه المرأة اليوم بشكل عام.
وتضيف اللمكي في سياق آخر وتتحدث عن تمكين المرأة بشكل عام وتقول: ولكن لا تزال المرأة تشكل أفقر الفئات بين سكان العالم، كما أن المرأة عموماً ما زالت تعاني من أوجه مختلفة من التمييز ضدها مما أدى إلى عدم تمكينها من أداء دورها الفعّال لمساعدة المجتمعات التي تعيش فيها، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى وجود استراتيجيات تأخذ في عين الاعتبار احتياجات المرأة وإدماجها في أعمال المؤسسات وخطط التنمية بما يحقق تكافؤ الفرص والعدالة والمساواة في اتخاذ القرار والمساهمة في التنمية من أجل تعزيز دور كل من المرأة والرجل كونهما عنصرين أساسيين في تنمية المجتمع.
الإرادة تحقق الريادة
وفي نفس السياق تضيف اللمكي: إن تجربة تقدم المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر تجربة رائدة، إذ استطاعت المرأة الإماراتية أن تحقق العديد من الإنجازات وتكتسب العديد من الحقوق في وقت قياسي مقارنة بباقي دول العالم، ويعود الفضل في ذلك إلى قناعة الإرادة السياسية وحثها المستمر على ضرورة النهوض بأوضاع المرأة الإماراتية في مختلف المجالات باعتبارها شريكا أساسيا في العملية التنموية، وتفعيل مشاركة المرأة في كافة المجالات، وقد ساهمت الاستراتيجية الوطنية التي دشنتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام في ديسمبر 2002 في تمكين المرأة الإماراتية، إذ هدفت الاستراتيجية إلى تفعيل دور المرأة ومشاركتها الإيجابية في ثمانية ميادين رئيسية مهمة هي: التعليم والاقتصاد والإعلام والعمل الاجتماعي والصحة والتشريعات والبيئة بالاضافة إلى المجال السياسي، وذلك من خلال إزالة العراقيل والمعوقات التي تقف حاجزاً دون مشاركة المرأة الفاعلة في جميع ميادين الحياة العامة وتأصيل دورها في الإسهام في التنمية المستدامة والمشاركة في صنع القرار.
مقترحات واقعية
وتضيف اللمكي: «عقد الاتحاد النسائي العام على مدار أكثر من سنة اجتماعات متتالية وورش عمل لوضع ومناقشة الاستراتيجية، بهدف إتاحة المجال لكافة الجهات ذات العلاقة لتقديم مقترحات واقعية قابلة للتطبيق تسهم في تفعيل دور المرأة الإماراتية في الميادين الثمانية السابقة الذكر، كما تم التعاون مع الصندوق الإنمائي للأمم المتحدة للمرأة (اليونيفيم) في إطار جهوده الوطنية الرامية إلى ترجمة منهاج العمل الدولي لمؤتمر المرأة العالمي الرابع إلى استراتيجية وطنية للنهوض بالمرأة في الوطن العربي».
وتتحدث اللمكي عن مرتكزات استراتيجية المرأة في الإمارات وتقول: يعتبر أول مرتكز ساهم في تمكين المرأة هو دستور دولة الإمارات العربية المتحدة ثم الإنجازات الاقتصادية التي تحققت في دولة الإمارات العربية المتحدة والنسيج الاجتماعي لدولة الإمارات العربية المتحدة ثم الحفاظ على الهوية المجتمعية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
أما محور التعليم فهو يهدف إلى إتاحة فرص التعليم، إتاحة الفرص لدخول بعض التخصصات الجديدة المهنية والفنية بالنسبة للمرأة، تعزيز تعليم الكبار ودعم مؤسسات التعليم، أما أهداف محور الاقتصاد تتحدث عنها اللمكي وتقول: إنها محاور أساسية تدخل في استراتيجية تمكين المرأة الإماراتية بحيث يجب دعم تطوير القدرات المهنية للمرأة الإماراتية، إتاحة الفرص الاستثمارية للمرأة لتمكينها من دعم الأنشطة التنموية المختلفة، تفعيل دور سيدات الأعمال في الدولة وتعزيز الروابط الثنائية والجماعية، توفير قاعدة معلومات متكاملة عن المرأة المواطنة وفرص العمل المتاحة لها، توعية المرأة بأهمية ترشيد الاستهلاك للاقتصاد الوطني ولميزانية الأسرة، العمل على زيادة مساهمة المرأة في برنامج التوطين سواء في القطاع الحكومي أو الخاص.
الاجتماعي والتشريعي
وعن أهداف المحور الاجتماعي تقول اللمكي: يجب رعاية النظام الأسري وترسيخ كيانه ومقومات استقراره، تلبية احتياجات المرأة لأداء دورها في تربية الأطفال ورعايتهم، تعزيز مشاركة المرأة في بناء المجتمع، كما يجب تفعيل مساهمة المرأة في الأعمال التطوعية أما أهداف محور الإعلام تقول عنه اللمكي: يجب دعم التوعية الفكرية والثقافية للمرأة والمجتمع، توظيف وسائل الإعلام المختلفة لتحقيق الأهداف الرامية إلى تحسين مكانة المرأة وتفعيل أدوارها، زيادة مشاركة المرأة في المجالات الإعلامية، التنمية الإبداعية للمرأة في المجالات الأدبية والفنية والفكرية.
بينما تتحدث عن محور التشريعات وتقول: يجب العمل على تحقيق المكاسب التشريعية التي تعطي للمرأة مكانتها المناسبة وتساهم في إعادة التوازن الحقيقي للمجتمع، توعية المرأة بالقوانين والتشريعات المحلية والاتحادية، دعم حقوق المرأة المقررة في الشريعة الإسلامية ودستور الدولة وتشريعاتها، توسيع أفق حقوق المرأة لتتجاوز دائرة الإقليمية إلى دائرة الدولية.
بيئة، صحة، وسياسة
في حين تتحدث اللمكي عن محور البيئة وتقول: يجب تعزيز القيم والاتجاهات البيئية، ودعم الممارسات الهادفة إلى رفع مستوى أداء المرأة في مجال صحة البيئة وحمايتها والحفاظ عليها، وإدخال البعد البيئي في المناهج الدراسية وسياسة التعليم، وتنمية مهارات المرأة في إدارة النظام البيئي ومراقبة تدهور عناصر البيئة، وإبراز دور المرأة في الحفاظ على عناصر البيئة الاجتماعية والثقافية.
وتضيف اللمكي: أما عن محور الصحة فإنه يلزم رفع مستوى التوعية الصحية، والوقاية من الأمراض الوراثية، وتشجيع وتأهيل الكوادر النسائية المواطنة للمشاركة في المجالات الصحية المختلفة، مع الحفاظ على صحة المرأة وحمايتها، والنهوض بصحة الفتيات، ودعم مبادرة المستشفيات الصديقة للطفل. في حين تتحدث عن المشاركة السياسية للمرأة الإماراتية وتقول: «يجب تشخيص وضع المرأة الإماراتية في مراكز صنع القرار، والعمل على تنمية المهارات القيادية للمرأة الإماراتية العاملة، وتمكين المرأة من المشاركة في الحياة السياسية وشغل المناصب القيادية».
دور خجول في مجال الإعلام
قدمت أحلام اللمكي استقراءً لواقع تمكين المرأة الإماراتية، وما تحقق لها من خلال هذه الاستراتيجية، وتحدثت عما يجب تحقيقه والتحديات التي يجب رفعها لتمكين المرأة أكثر حيث تقول: للوصول إلى نتيجة تقييم ما تم تنفيذه من الاستراتيجية، يجب الوقوف على الاحتياجات المستجدة، ثم وضع استراتيجية محدَّثة للفترة المقبلة، وفي نفس السياق تقول: إن المرأة الإماراتية تحقق لها الشيء الكثير من خلال التوليفة التي حققتها استراتيجية 2002، وهناك تحديات يجب وضعها في الحسبان لوصول المرأة الإماراتية أكثر ولتمكينها أكثر، وهذا ليس مستحيلا مادامت هناك إرادة قيادية وسياسية.
وتضيف اللمكي عن التحديات: هكذا يجب تمكينها أكثر في مجال الإعلام حيث لازال دورها خجولا بالنسبة للمراكز المؤثرة في مجال الإعلام، كما أن المرأة الإماراتية تعتبر نسبة تخرجها من الجامعات عالية مقارنة مع نسبة الذكور، لكن لازالت مناصبها في أماكن القرار متدنية مقارنة مع الذكور وهذه المفارقة يجب ردمها بتمكين المرأة، وهناك أيضا تشريعات يجب أن تخدم المرأة مثلا ما يتعلق بإجازة الوضع التي يجب أن تناسب احتياجات المرأة، كما يجب تنفيذ الالتزامات الدولية الخاصة بالمرأة، ولاشك أن المرأة الإماراتية قطعت شوطا كبيرا، ولكن مازالت هناك تحديات يجب العمل عليها لتمكينها أكثر.
المصدر: أبوظبي