27 يوليو 2009 02:41
في الرابع من يوليو الجاري، أي في يوم الاستقلال الأميركي، اجتمع 45.000 مسلم في العاصمة واشنطن في المؤتمر السنوي لـ«الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية»، وهي منظمة عن طريق العضوية، تساهم في تحسين المجتمع، خاصة المجتمع المحلي الإسلامي على اتساعه. كان موضوع مؤتمر هذه السنة «الحياة والحرية والسعي لتحقيق السعادة»، تضامناً مع كلمات إعلان الاستقلال الخالدة للولايات المتحدة، والتي كتبها توماس جيفرسون قبل 223 سنة، وقد بحث المشاركون في المؤتمر فيما يعنيه «كون الإنسان أميركياً» بالنسبة للمسلمين اليوم.
أصبح النضال لتعريف ما يعنيه كون الإنسان أميركياً أكثر صعوبة منذ الحادي عشر من سبتمبر، خاصة بالنسبة للأميركيين المسلمين. في خريف عام 2008، قام السفير السابق أكبر أحمد، وهو متخصص في علم الإنسان وعالِم إسلامي في الجامعة الأميركية بواشنطن، وفريق من الأميركيين الشباب، بمن فيهم أنا، بالعمل معاً لبحث ما يعنيه كون الإنسان أميركياً، وذلك في أكثر من 75 مدينة ومائة مسجد عبر الولايات المتحدة، وذلك بالتركيز على الجالية المسلمة. جرى عرض الفيلم الذي يوثّق هذه الأسفار والمقابلات، للمرة الأولى يوم 4 يوليو في مؤتمر «الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية»، كجزء من مهرجان الفيلم الإسلامي السنوي. قامت مجموعتنا بزيارة قرى صغيرة ومدن كبيرة في الشمال والجنوب والشرق والغرب، من مناطق ديترويت الفقيرة إلى بيوت «بالم بيتش» الفخمة. تحدثنا مع أعداد لا تحصى من الأئمة والحاخامات ورجال الدين المسيحيين ورعاة الكنائس وأناس من عقائد دينية مختلفة، من المورمون إلى الزرادشتيين. قمنا بمقابلة آلاف الأميركيين من شعوب وأجيال ومناطق مختلفة. قمنا بزيارة أقدم مسجد في أميركا في سيدر رابيدز بولاية أيوا، وأكبرها في مدن مثل ديترويت ونيويورك ولوس أنجلوس. وقد وجد فريقنا في الأبحاث أن المسلمين في أميركا يحترمون الولايات المتحدة بالضبط بسبب القيم التي اعتنقها جيفرسون وغيره من الآباء المؤسسين. «تعتبر أميركا المكان الأفضل لممارسة الإسلام بسبب الحرية الموجودة هنا»، تقول أميركية لبنانية تبلغ العشرين من العمر من ديربورن بولاية ميشجن، وهي تعكس وجهة نظر واسعة بين الذين جرت مقابلتهم. ويقول الشيخ الكبير للطائفة الداوودية في هيوستن، وهي طائفة شيعية صغيرة من جنوب آسيا إنهم «يحبون أميركا»؛ لأن باستطاعة الرجال ترك لحاهم طويلة، ولبس القميص الطويل التقليدي من جنوب آسيا، وتستطيع النساء لبس فساتينهن الملونة والحجاب إلى مكان العمل، أو المدرسة أو غيرها دون خوف من الاضطهاد. أعرب الأميركيون من غير المسلمين، الذين تحدثنا معهم في معظم الحالات عن تسامحهم حيال المسلمين، رغم أن العديد منهم اعترفوا أنهم ببساطة ليس لديهم معرفة كافية بالإسلام. ولسوء الحظ، ورغم الجهود العديدة لتثقيف الجهود حول الإسلام بعد الحادي عشر من سبتمبر، مازال فراغ المعرفة هذا يُملأ أحياناً بالشكوك والرؤى الخاطئة. ورغم أن وسائل إعلام أميركية قليلة قامت بتغطية هذا المؤتمر، وكان للحوار البنّاء الذي جرى أثناء المؤتمر وقعاً محدوداً على المجتمع الأميركي على اتساعه، فإن مستوى الحضور كان جيداً في المؤتمر. تحدثت «فاليري جاريت» المستشارة الرئيسية للرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض، في إظهارٍ واضح للدعم للأميركيين المسلمين، تحدثت في حفل الافتتاح الرسمي للمؤتمر. كما حضر القس ريك وارين، وهو مسيحي إنجيلي ومؤلف، حلقة حوار واسعة بين الأديان حول موضوع «الحياة والحرية والسعي لتحقيق السعادة». كذلك حضر أول مسلم جرى انتخابه في مجلس النواب الأميركي، وقد حلف اليمين الدستورية ووضع يده على مصحف، امتلكه توماس جيفرسون في يوم من الأيام. وقد أشار في مقابلة له مع فريقنا قائلاً: «الهوية الأميركية هي التزام أساسي بالمبادئ الأميركية... روح الشعب الثقافية هي العدالة وحكم القانون وحرية التعبير. هذه مثلٌْ أميركية». كان جيفرسون مؤمناً متحمساً بأميركا التعددية، يقف تمثاله على المدخل الرئيسي بجامعة فرجينيا وتحته رسالة محفورة هي: «الحرية الدينية 1786»، وقد حفرت تحتها كلمات «الله، يهوة، براهما، أنما، راع، الله». وليس من قبيل المصادفة أن تختار إدارة مؤتمر المجتمع الإسلامي لأميركا الشمالية هذا الإعلان موضوعاً لها. لقد ألهمت هذه الكلمات الأميركيين من كافة الأصول. هذه الرؤية التعددية لأميركا هي ما يجب علينا الدفاع عنه والاحتفاظ به والاستمرار بالعمل باتجاهه.
هيلي والدت
زميلة باحثة ببرنامج ابن خلدون بالجامعة الأميركية، ومركز «بيركلي للسلام والدين والشؤون العالمية» بجامعة جورج تاون
ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»