الجينز يحتل قلوب الشباب ويعكس التقلبات السياسية والاجتماعية

أصبح البنطلون الجينز ضرورة حتمية في دولاب الرجل العصري، ولم يعد ارتداؤه طلبا للراحة والعملية فحسب، بل يحرص على شرائه حسب الماركة والقصة ودرجة اللون، ليظهر بالإطلالة الجذابة التي يريدها، ويكون أنيقا في عيون الجنس الآخر في كل المناسبات. وكانت موضة ارتداء البنطلون الجينز رمزاً لدخول عصر جديد، إذ عرف كمنتج وفكرة ومدلول ثقافي أميركي بحت، فهو ملبس لرعاة البقر وعمال المناجم والمزارعين، وقد ذاع صيته واشتهر بعد الحرب العالمية الثانية على وجه الخصوص، ربما لأسباب اقتصادية حيث أنه كان يستعمل كخامة لصناعة الخيم في مخيمات الحروب، أو لرمزيته لطبقة الكادحين والعمال آنذاك. وعلى مدى السنوات اللاحقة لقي الجينز إقبالاً عاماً من معظم الناس، وأخذ شكلا جديدا في العالم الحديث خاصة بعد أن روجت له أفلام هوليوود وأبطال الفن السابع، وتم تسويقه كزي جذاب للرجل القوي والثوري والمتمرد، نظرا لمتانة خامته وطبيعة ملمسه الخشن، مع سهولة ارتدائه لفترات طويلة دون الحاجة للغسل أو الكي، وقد كان النجم السينمائي الأميركي الراحل جميس دين من أشهر من لبسوا الجينز على الشاشة الفضية، فسحر بعنفوانه ومظهره المتمرد كل جيل الشباب والمراهقين آنذاك. موجة التمزيق ارتبط البنطلون الجينز بتقلبات وحركات اجتماعية وسياسية كالـ «هيببي» والمعارضين لحرب فيتنام، فتم تطويره وإعادة تفصيله ليناسب هذا التوجه والمزاجية حيث بدأت موضة تعمّد تقطيعه وتمزيقه من عدة جهات، مع منحه الشكل القديم والمهترئ، أو تلطيخه بالألوان وكتابة كلمات وشعارات على قماشه، كجزء من فكر الشباب للثورة الجديدة وترجمتهم الخاصة لموجة التمرد والخروج على الصورة النمطية السائدة في المجتمع، فصمد الجينز وعاش ليشهد الكثير من الحقب والتحولات في الثقافة والأزياء والمزاج العام لأجيال وانتشر على مستوى العالم، ليصبح موضة العصر الجديد. لباس النجوم لأنه المطلوب الأول لكل الفئات العمرية والأكثر مبيعا في الأسواق العالمية، فقد أثار اهتمام كل مصممي الأزياء العالمين، ما حدا بهم لإعادة توجههم التقليدي المعروف نحو الفخامة وفن الخياطة الراقي (هوت كوتور)، مضطرين لتجديد طرازهم واستحداث خطوط جديدة لملابس الشباب تعرف (بالسمارت كاجول) أو (السبور شيك)، وهي تتضمن بل وتعتمد على حضور قوي لقماش الجينز في كل مجموعة وموسم، ما رفع من سعر البنطلون الجينز ذو الماركة العالمية لأسعار عالية تتراوح بين 200 - 1000 دولار حالياً، وأصبحنا نشهد عروض دورية للجينز لكبار المصمميّن مثل فيرساتشي، جون جاليانو، جورجيو أرماني، كلفن كلاين، ديزل، وروبرتو كافالي، دولتشي اند جابانا وهذان الأخيران أبدعا في تصميم قطع عصرية للرجل الأنيق من الجينز الرياضي والمرن، ما جعل الماركة قبلة للكثير من المشاهير من نجوم الفن والرياضة، وقد تألقا قبل أيام في عرضهما الأخير خلال اسبوع الموضة في ميلانو، بمجموعة جديدة لرجل ربيع وصيف 2010، فقدمت دار "دولتشي آند جابانا" أشكالا جديدة للجينز تعبّر عن الحرية وروحية الانطلاق والإثارة عند الشباب، وجاءت التصاميم على شكل جاكيتات مخصرة وبنطلونات ضيقة مطبعّة بالورود أومطعمة بالجلد أو التطريز أو السلاسل بل ومشكوكة أحياناً بالخرز والمعدن والستراس، فاحتفل المصممان مجددا مع جيل الشباب بخروجهما عن المألوف وكسر كل القواعد الكلاسيكية في أناقة الرجل العصري.