أشرف جمعة (أبوظبي)
أكدت عفراء البسطي، مدير عام مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال أن المؤسسة استقبلت نحو 132 ضحية عنف من الرجال الذين تعرضوا لأشكال مختلفة من العنف الأسري، 55 % منهم تعرضوا للإهمال أو التجاهل، فيما تعرض 23 % منهم للعنف الجسدي سواء من قبل الزوجة أو الأبناء، و10 % للإساءة المالية، علماً أن الضحايا قد يتعرضون لأكثر من نوع واحد من العنف وأن الغالبية العظمى من ضحايا العنف الرجال ليسوا بحاجة للإيواء ولكن المؤسسة تدرس إنشاء مأوى لضحايا العنف ممن تقل أعمارهم عن 18 سنة، نظراً لأن المأوى الذي توفره المؤسسة خاص بالنساء والأطفال.
وقالت إن المؤسسة معنية في الأصل بالنساء والأطفال، لكنها لا تغفل عن دورها في توطيد أواصر الأسرة وإشاعة روح الاستقرار في المجتمع، لذلك تستقبل البلاغات الواردة من الرجال من شرائح عمرية مختلفة كحالات خارجية، وتقدم الدعم لهم إن كان ذلك سيصب في مصلحة الأسرة، حيث تتنوع الخدمات المقدمة لهذه الفئة من تقديم الاستشارات الأسرية والعلاج النفسي والاستشارات والمتابعة القانونية وخدمات إنسانية أخرى تهدف إلى حماية وتعزيز الأمن والاستقرار لدى الضحايا وأسرهم.
المرة الأولى
وقال زوج عربي الجنسية إنه تحمل الكثير من زوجته خوفاً على أولاده، وكي لا يتعرضوا هم أيضا للإساءة حين تغضب، ويتذكر أول مرة تنازل فيها عن عتاب زوجته على الإساءة عندما وجهت له كلاماً سيئاً لأنه خالفها الرأي في حوار منزلي ويقول: كانت في منتهى الحدة وأطلقت لسانها دون مراعاة لأي اعتبارات، وبعدها اختلفت معه أمام الناس في أحد المحال التجارية عندما أبدى رغبته في عدم الشراء وقال: زوجتي عصبية ومتحكمة وتتخطى حدودها كزوجة وأنثى ولا تتورع عن شتمي وعصياني، وعلى الرغم من أنني نبهتها كثيراً وهددتها بترك المنزل إلا أني كنت أتراجع في كل مرة خوفاً من أن يعيش أبنائي بعيداً عني، واليوم أجني ثمرة ضعفي باستقبال الإهانات والعنف اللفظي.
نقطة ضعف
وروت إحدى السيدات -الآسيويات- أسباب عنفها ضد زوجها بأنها وجدته من البداية ضعيفاً لا يحسم أمراً في الحياة، ويبدي الحمق في المواقف التي تتطلب أن يكون واعياً وحكيماً ولأنها امرأة حرة بطبعها -كما تصف نفسها- ولا تقبل الضعف والاستكانة أصبحت تؤدي دور سيدة البيت ورجل الأسرة في حين كان زوجها يكتفي بقراءة الصحف اليومية وزيارة الأصدقاء والتباهي بأنه محب لاستقبال الضيوف، وأنها كلما ازداد زوجها ضعفاً واستكانة ازدادت هي تحكماً وتسلطاً على غير رغبتها، وتعترف أن الأنثى إن صادفت مثل هذا الرجل في الحياة فلن تكون سوى امرأة آمرة وعنيفة، بعد أن اكتشفت نقطة ضعف في زوجها، وقالت إنها عادت إلى منزل أسرتها وغابت شهراً ظل طواله يرجوها العودة، حتى عادت فكانت أكثر شكيمة ودهاء ومكراً وهو قليل الحليلة .
الإنسانية
بين جدران بيت آخر كان أحدهم - من جنسية عربية- يمتلك زمام أمور حياته الزوجية في سنة الزواج الأولى، إلا أن زوجته أظهرت بعد ذلك الكثير من العناد، ما جعل الصدام سيد الموقف في البيت، مشيراً إلى أنه تعدى عليها ذات يوم بالضرب ولم تخبر أهلها ولم تتقدم ببلاغ ضده للجهات المسؤولة لكنها تحينت الفرصة لخلاف جديد وبادلته الشتائم وشيئاً فشيئاً بدأ العراك بالأيدي بينهما، ولفت إلى أنه لم يكن يتصور أن رجلاً مثله سينال صفعة من امرأة فطلقها، على الرغم من أنه لم يكن يأمل في أن تكون حياته هكذا عنف لفظي وجسدي وتخطي للإنسانية الزوجية.
السر
ويروي أحدهم - من جنسية عربية- أن شقيقه يتعرض للعنف اللفظي والجسدي من زوجته وأنه لم يكن يعلم به إلا عندما رأى كدمة واضحة في وجهه ذات صباح ولم يقنعه ما رواه عن أنها حدثت بسبب سقوط مفاجئ عندما كان يتخطى أحد الحواجز في البيت بسبب أعمال الطلاء والتجديد، مشيراً إلى أن طفل شقيقه البالغ 8 سنوات هو الذي باح له بما جرى، ويؤكد أن شقيقه منذ سنوات طويلة وهو مستكين لا يدفع عنف زوجته بأي وسيلة ولا يتحدث عنه لأحد خشية الفضيحة لكنه لا يعلم السر الذي يجعله راض بهذا الأمر.
وقال إنه سمعها تسبه في الهاتف الذي خرج منه الصوت عالياً لدرجة أنه سمعه دون يشعر أخاه بذلك فنصحه أن يخفض درجات الصوت حتى لا يسمع الغرباء الإهانات التي توجهها له زوجته وهي تطلب منه أن يحضر بعض الأغراض من السوق.
جرائم ومضايقات
قالت الباحثة الدكتورة دوللي حبال اختصاصية علم النفس: العنف المنزلي يتعلق بالإساءات والسيطرة والتسلط والخروج عن اللائق في أثناء المشاحنات بين الزوج والزوجة، خصوصاً أن العديد من الرجال حول العالم يقعون ضحايا العنف الزوجي وفقاً لبعض الدراسات التي أجريت في السنوات القليلة الماضية.
وأشارت إلى أن العنف المنزلي يأتي في أشكال عدة، مثل الاعتداء الجسدي، واللفظي، والعاطفي أو المالي، ويتبلور أيضاً في سوء معاملة الزوجة عن طريق إخفاء المودة والتقدير، ويمكن للمرأة الجارحة أن تنتقد الزوج وتصرخ في وجهه، وتأخذ منه بعض الصلاحيات وتهدده بترك الحياة الزوجية وحرمانه من الأبناء أو إلحاق الأذى به من خلال التشهير به، لأنها لديها أسرار خاصة يمكن أن تفشيها للآخرين عنه وتسيء إليه، فضلاً عن أنه من الممكن أن تحدث مشاحنات تؤدي إلى إتلاف الأثاث والأجهزة المنزلية.
ولفتت إلى أنه يمكن للرجل طلب المساعدة عن طريق الإبلاغ عن الإساءة وتدعيم شهادتهم بالإثباتات الموثقة للتعامل أمام الجهات القانونية المسؤولية، لكن العديد من الرجال يفضلون الصمت خوفاً من الفضيحة مؤكدة أن سوء معاملة الزوجة للزوج تعد مشكلة خطيرة يجب مواجهتها من خلال التوعية بخاصة عبر وسائل الإعلام التي تبرز حجم الجرائم والمضايقات ضد بعض الرجال.