26 ابريل 2010 20:30
يتعدى مفهوم “حماية الطفل” سواء كان مسؤولية أسرية أو مجتمعية، مجرد توفير المأكل والملبس والمسكن، أو تقديم أوجه الخدمات الصحية والمادية له، أو مجرد منع الضرر والإيذاء الجسدي، بل هو حماية ووقاية وتحصين نفسي ومعنوي وإنساني في المقام الأول. وأصبح الاعتداء والإساءة النفسية والمعنوية والجسدية على الأبرياء الصغار شكوى عالمية تؤرق المجتمع الإنسان بأسره، وهو ما دفع بعض الدول لسن قوانين رادعة للمتحرشين بالأطفال، وأصبحت من أخطر القضايا الاجتماعية التي يتم التكتم عليها خشية الفضيحة العائلية أو العار الاجتماعي، دون بذل جهود كبيرة لاستئصالها ما يجعلها ماضية في الاستفحال، غير مستجيبة لما يقدم حيالها من حلول مؤقتة غير ناجحة.إلا أن هناك دراسات عديدة في كثير من البلدان حتى المتقدمة منها كشفت أن الآباء والأمهات أنفسهم لايزالون غير مدركين للمخاطر التي يتعرض لها أطفالهم.
الأمر الملفت ..أن المجتمع الإماراتى في الآونة الاخيرة يشهد انتشاراً لظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال، حيث سجلت 22 حالة في إمارة دبي وحدها خلال 2009، ولعل أشهرها جريمة “قاتل طفل العيد” صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك الماضي، و”الطفلة”نوف” التي اكتوت بنار التعذيب من والدها وزوجته، وجرائم عديدة أخرى هنا وهناك، وربما هناك جرائم أخرى غير مسجلة نظراً لعزوف الأهالي عن الإبلاغ عما يتعرض له أبناؤهم.
.. لكن لماذا تقفز مشكلة التحرش الجنسي بالأطفال إلى مقدمة أنواع الإيذاء وهمجية ولا إنسانية البشر؟ وما هي الأسباب؟ وكيف يمكن إتخاذ تدابير إحترازية وقائية لتجنب مثل هذه الكوارث غير الأخلاقية؟
.. في الإطار تناقش “دنيا الاتحاد” في هذا الملف الذي تتعاظم أهميته بما خصته “أم الإمارات” سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة الاتحاد النسائي العام “حفظها الله” لـ “الاتحاد” من تأكيدات سديدة وتوجيهات حكيمة، ورؤى استراتيجية تمثل قيمة كبرى ترعى وتثري الجهود الإماراتية الخيرة في مشروعها الإنساني والحضاري الطموح المتمثل في حماية الأمومة والطفولة التي ترعاها سموها. وحيث أكدت سموها : “إن نظرة الدولة حيال كافة القضايا أو الظواهر أو المشاكل وآفاق التعامل معها ومعالجتها، إنما تستند إلى مبادئ وقيم وأطر نستمدها من قيمنا الدينية العظيمة، وإرثنا الإنساني والحضاري الكبير، وثراتنا العربي والإماراتي العريق، ومن جوهر فلسفتنا في التنمية على إعتبار أن الإنسان هو نفسه الوسيلة والهدف الأهم لأى جهد أو إستثمار تنموي شامل”.. كما يتضمن الملف دور مؤسسة التنمية الأسرية في هذا الإطار من خلال إنشاء المركز الشامل لحماية الأسرة وما ينهض به من دور محوري وأساسي في مواجهة ظاهرة العنف ضد الأطفال، ليكون خطوة جادة نحو مواجهة الزيادة الملحوظة في أعداد حالات العنف والإساءة التي يتعرض لها الأطفال والنساء سواء من الأسرة أو غيرها مع مراعاة خصوصية العلاقات الاجتماعية بين أطراف قضايا العنف الأسري إضافة إلى خوف وتردد ضحايا العنف من الأطفال والنساء في الابلاغ عما تعرضوا له نظراً لحساسية وخطورة هذه القضايا فضلاً عن حاجة ضحايا هذه الاعتداءات إلى المساندة والحماية من قبل مؤسسات الدولة إنسجاماً مع ما نص عليه الدستور والقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية والعربية في مجالات حقوق الإنسان وحقوق الطفل ومناهضة العنف ضد المرأة.
مع إلقاء الضوء على معالم الاستراتيجية الوطنية للأمومة والطفولة في دولة الإمارات، وأهم أولويات العمل من أجل حماية وتحقيق العيش الكريم والتربية السليمة والرفاهية للأطفال، دون إساءة أو إهمال أو تعد أو جور على الحقوق الإنسانية المشروعة.
..كما يتناول الملف إستطلاعات رأى ميدانية للآباء والأمهات والأطفال، للوقوف على حقيقة الظاهرة ميدانياً، في ضوء المؤشرات العالمية، والتعرف على سبل الحماية وأساليبها من خلال آراء نخبة من المتخصصين في الشأن الأسري والعلاقات الاجتماعية والسلوكية.
المصدر: أبوظبي