11 مارس 2011 19:37
اقترب موعد العرس الثقافي الظبياني السنوي، الذي يقام في ربيع كل عام، مفسحاً المجال أمام أهل الفكر والأدب، وصناع الكتب ودور النشر من بقاع الأرض، للالتقاء في بقعة جغرافية وزمانية مميزة ومعنونة بـ «معرض أبوظبي الدولي للكتاب»، مفتتحاً دورته الحادية والعشرين في الخامس عشر من مارس الجاري ويستمر ستة أيام، ليعطر أجواء أبوظبي برياحين ثقافات وأفكار واردة من كل دول العالم، تضمنها صفحات الكتب المعروضة خلال أيام المعرض.
التقت «الاتحاد» جمعة القبيسي نائب المدير العام لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث لشؤون دار الكتب الوطنية، ومدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وحاورته حول الاستعداد لهذا المهرجان الثقافي العالمي الذي تشهده أرض الإمارات، وما يحمله المعرض هذا العام، من فعاليات وأنشطة تجعل منه حدثاً عالمياً بامتياز.
مراحل المعرض
بداية وفي لمحة تاريخية عن التطورات التي شهدها المعرض إلى أن أصبح واحداً من أهم معارض الكتاب عالميا، قال القبيسي: يعود تاريخ معرض أبوظبي الدولي للكتاب إلى عام 1981، حين افتتح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه معرض الكتاب الإسلامي في مبنى الهيئة عام 1981 وكانت مكرمة من الشيخ زايد يرحمه الله تعالى، أن أمر بشراء جميع ما تبقى من كتب معرض الكتاب الإسلامي، و أمر بتوزيعها على الجهات المعنية كما كانت بعض هذه الكتب نواة لدار الكتب الوطنية في دولة الإمارات، كما أمر سموه بإقامة المعرض سنوياً وعلى نفقته الخاصة ومن هذا الحدث الثقافي المهم بدأت فكرة معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
وقد استطاع المعرض عبر دوراته العشرين الماضية أن يجتذب القارئ المهتم كما أصبح المعرض ظاهرة ثقافية سنوية يحرص كثير من الناشرين المميزين على المشاركة فيها. وقد استطاع المعرض أن يحقق قفزة نوعية في دورته السابعة عشرة التي أقيمت في عام 2007، وذلك تحت رعاية كريمة من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومن خلال تعاون هيئة أبوظبي للثقافة والتراث مع معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، والتي أرّخت لمرحلة جديدة في عالم النشر، ورسمت ملامح عالم تتقارب فيه الثقافات وتتواصل فيه الأفكار وتبرز فيه الإبداعات. وشهد المعرض في دورته الثامنة عشرة التي أقيمت في عام 2008، علاوة على احتفالية توزيع جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الثالثة، الدورة الأولى لمنح أول جائزة دولية للأدب العربي التي أطلقتها «مؤسسة الإمارات» الهيئة الإنسانية الرائدة في دولة الإمارات في ربيع عام 2008، بالتعاون مع جائزة بوكر العالمية.
وحققت الدورة التاسعة عشرة للمعرض، والتي أقيمت في عام 2009، نجاحاً كبيراً وزيادةً لافتة في عدد العارضين، وشهدت رقماً قياسياً من حيث الإقبال الجماهيري، كما شهد معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته العشرين التي أقيمت في 2010 مجموعة من الفعاليات المهمة، ومنها برنامج تدريب الناشرين العرب، كما شهد استضافة مؤتمر اتحاد الناشرين الدولي لحقوق النشر، كما حفل المعرض بمجموعة متنوعة غنية من الفعاليات الثقافية والعروض المهنية الجديدة ومنها منبر الشعر ومنبر الحوار ومجلس كتاب وركن توقيع الكتب. وعن جديد المعرض هذا العام، أشار القبيسي إلى أن المعرض سيتميز بتقديمه مجموعة متنوعة وذات مستوى عال للمعروضات من مطبوعات حديثة بلغات متعددة، إضافة إلى النشر الإلكتروني، إلى جانب مجموعة من الجلسات الحوارية المتخصصة والنقاشات الأدبية التفاعلية وداعما للمعايير العالمية لحقوق النشر. ونتيجة لذلك، فإن هذه التظاهرة الثقافية الكبرى تواصل حصد الشعبية في المجتمع المحلي، إلى جانب أنها تصبح، وعلى نحو متزايد، تظاهرة «يجب حضورها» بالنسبة للناشرين العالميين مع سعيهم للاستفادة من أسواق الكتاب الصاعدة في الوطن العربي، إلى جانب مجموعة من الجلسات الحوارية المتخصصة والنقاشات الأدبية التفاعلية وداعما للمعايير العالمية لحقوق النشر. كما سيكون في مقدور زوار المعرض لقاء مؤلفين عالميين، كما يتبنى المعرض أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال ويستقطب مواهب عالمية كل عام. ويجمع المعرض بين فرص يتيحها أمام الشركات لإبرام الاتفاقات فيما بينها وبرنامجا ثقافيا غنيا ومتنوعا.
أفضل الناشرين
وحول أهم الأمور التنظيمية الخاصة بالمعرض لهذا العام، أوضح القبيسي أن هناك مجموعة من اللقاءات التي تمت مع الناشرين خلال معارض الكتب التي تشارك فيها الهيئة، استطاع معرض أبوظبي الدولي للكتاب، استقطاب أفضل الناشرين والمهتمين بصناعة النشر بشكليه الورقي والإلكتروني، إضافة إلى احتضان كافة التجارب العالمية في الترويج للقراءة لمختلف الفئات العمرية والمهنية، ومن خلال استطلاعات رأي الجمهور المتردد على المعرض خلال الأعوام الخمس السابقة، استطاع المعرض تلبية احتياجات زوار المعرض والمتمثلة في توفير هذا الكم من مواد المعرفة بكافة أشكالها، علاوة على مجموعة من الأنشطة والفعاليات. كما يحفل المعرض بمجموعة من الفعاليات والأنشطة التي تثري الساحة الثقافية في الدولة.
وبالحديث عن نوعية العارضين والمشاركين، وكيف تم اختيارهم والتنسيق معهم، سيما بعد أن أصبح معرض أبوظبي الدولي للكتاب حدثاً عالمياً يترقبه مثقفو الشرق والغرب، أكد القبيسي أنه تم انتقاء مجموعة الناشرين المشاركين في المعرض، على أسس تجمع بين الحرفية والقدرة على تلبية احتياجات القطاعات المتعددة للمترددين على المعرض، ونلاحظ أن المعرض استطاع خلال السنوات الخمس الماضية أن يجتذب الناشرين المتميزين، كل في مجاله، كما كنا حريصين على توفير الإنتاج الفكري للثقافات المختلفة على مستوى العالم، بحيث يمثل المعرض فرصة للتعرف على هذه الثقافات، ورموزها الفكرية كما يحدث هذا العام، حيث سيتم عقد مجموعة من اللقاءات مع عدد من رموز الفكر العربي والعالمي.
فرنسا تحت الضوء
وبخصوص اختيار فرنسا موضعاً للتركيز الثقافي هذا العام، قال القبيسي، إن فرنسا سوف تكون تحت الضوء بوصفها موضعا للتركيز الثقافي، عبر تقديم «ما الذي تمثله الثقافة الفرنسية اليوم» بما في ذلك صناعة النشر، الفن والحياة، النقاش الفكري والفعاليات التعليمية. ويحتفي المعرض بالثقافة الفرنسية، نظرا لانضمام دولة الامارات العربية المتحدة الى منظومة الفرانكفونية وسوف تتاح لعامة الزوار فرصة لقاء مشاهير من الكتاب والرسامين الفرنسيين. وبالإشارة إلى نجاح معرض أبوظبي في تحقيق أهدافه خلال السنوات الماضية، ذكر القبيسي أنه لا نستطيع القول إننا حققنا كل الأهداف التي وضعناها لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، فنحن نستفيد من تجاربنا، ونستطلع آراء الجمهور، ونحاول أن نصل إلى صيغة تحقق المعادلة الصعبة، وهي توفير كافة مصادر المعرفة بكل أشكالها، ونحشد كل الطاقات للاستفادة من تجارب الآخرين.
غير بعيد عن هذا وفي مجال الفعاليات المتضمنة في المعرض لهذا العام، أكد القبيسي على أن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث المنظمة للمعرض، بالتعاون مع معرض فرانكفورت حرصت على أن تقدم عددا من الفعاليات والأحداث المهمة، ومنها:
- إلقاء الضوء على كوريا باعتبارها موضع التركيز السوقي في المعرض. ويتكفل هذا التركيز بلفت الانتباه إلى الفرص الكثيرة المتاحة أمام الناشرين العالميين في السوق الكورية لتجارة الكتاب.
- التركيز المهني في المعرض على «الرسم وتصميم الكتاب». وسوف يكون في وسع رسامي الكتب ومصممي الأغلفة ووكلائهم تقديم إنجازاتهم لمجموعة كبيرة من الزبائن المحتملين من دور ومؤسسات النشر.
- من جديد المعرض في 2011 «ركن الرسامين»، الذي يقدم من بين فعالياته ورشة عمل حول رسومات الكتب وجلسة تتناول الرسوم المتحركة للأطفال، بالإضافة إلى توفير مكان مخصص لتلاقي خبراء ومتخصصين في صناعة النشر.
- الاستمرار في انطلاق جناح المحتوى الإلكتروني، حيث في وسع الشركات بيان أحدث ابتكاراتها على الصعيد الرقمي والإلكتروني، فستكون هذه الفعالية أكثر شمولا في 2011. وسوف تتضمن جلسات تعليمية للزوار الشباب وأخرى للمختصين التجاريين والجمهور بصفة عامة. وسيتم الإعلان عن مزيد من التفاصيل على مدى الأشهر القادمة.
- برنامج شامل من ورشات العمل واللقاءات والنقاشات وتوقيعات الكتب، شهد المعرض حتى الآن زيادة تبلغ 49% من الجهات العارضة القادمة من عشرات الدول والتي تم تسجيلها لحضور نسخة 2011، مقارنة بنفس فترة التسجيل في 2010.
- سيكون في مقدور زوار المعرض لقاء مؤلفين عالميين من أمثال سيلفيا نصار (ألمانيا- الولايات المتحدة)- صاحبة كتاب «عقل جميل»، وآسن سييرستاد (النرويج)- «بائع الكتب في كابول»، ومنال عمر (مصر)- «حافي القدمين في بغداد». وسوف تحضر المعرض أيضا الشاعرة والمؤلفة والناشطة السياسية والفائزة بجائزة «أفضل ممثلة» في المهرجان الدولي للسينما الأوروبية والعربية 2009 سهير حماد (فلسطين- الولايات المتحدة).
لمحة ذاتية
وُلد سعادة جمعة القبيسي نائب المدير العام لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث لشؤون دار الكتب الوطنية، ومدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب، في أبوظبي عام 1959 بعد حصوله على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية والإعلام عام 1988، انضم القبيسي إلى أسرة المجمع الثقافي في أبوظبي، والذي يهدف إلى تعزيز اللغة العربية والتراث الثقافي الإسلامي والفنون، حيث أصبح هناك رئيساً للجنة العليا لمعرض أبوظبي للكتاب، وحاملاً على عاتقه مسؤولية إدارة المكتبة الوطنية التي تفتح أبوابها للعامة والباحثين على حد سواء وتحتوي اليوم على نحو أربعة آلاف مخطوط عربي ومليون ونصف كتاب.
وبالإضافة لاهتمامه بسير العمل العام في المكتبة الوطنية يقوم القبيسي بالإشراف على سير عمل قسم النشر، كما ساعد في إنشاء قسم المخطوطات في المكتبة، وباعتباره يشكل جزءاً رئيسياً من المكتبة الوطنية، يعمل قسم النشر بنشاط لجعل الكتب متوفرة، وبكلفة معقولة، لكافة طبقات المجتمع، وقد ساهم هذا الدور، جنباً إلى جنب مع مكانته كرئيس للجنة العليا لمعرض الكتاب، في تمهيد الطريق أمام القبيسي ليعين مديراً لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب في نوفمبر عام 2006.
وقد تم تعيين سعادة جمعة القبيسي عضواً في اللجنة العليا لجائزة الشيخ زايد للكتاب، كما يترأس لجنة النشر في دار الكتب الوطنية، وأيضاً عضو في لجنة مديري معارض الكتاب التابعة لمجلس التعاون الخليجي، وهو متزوج وأب لخمسة أطفال.
المصدر: أبوظبي