أقدم السعودي عبدالله بن سليمان العويـّد الطامي الشهير بـ«طامي» على إنشاء إذاعة خاصة غير رسمية في الرياض في وقت ساد فيه التشدد واعتبار مثل هذه الخطوة جرأة كبيرة، وبين البحث عن التائهين والعثور على المفقودات وبث الأغاني المسجلة حظيت الإذاعة بشعبية واسعة واستمر بثها 28 شهراً، حتى توقف لدى انطلاق بث إذاعة الرياض الرسمية عام 1964. وهو مخترع له ابتكارات ناجحة عدة.
قديما انشغل المواطن في شبه الجزيرة العربية ولاسيما في المناطق الداخلية من المملكة العربية السعودية، بالأخبار التي كانت تنقل شفاهة من تلك المتعلقة بمعيشته وأمنه مثل أخبار المطر والمحاصيل وغزوات القبائل والوفيات ومواسم الجراد وغيرها، بمعنى أن الأخبار السياسية خارج نطاق بلده والبلدان المجاورة لم تكن تشغل باله كثيراً. غير أن هذا الوضع تغير تدريجياً بدخول المذياع وانتشاره في مجتمعه البسيط.
لكن الراديو ظل فترة طويلة في عديد من مناطق شبه الجزيرة العربية يثير الشكوك من منطلقات دينية، وتم التعامل معه بحذر شأنه في ذلك شأن أي مخترع حديث قادم من «بلاد الكفر». حدث ذلك ابتداء مع جهاز التلغراف الذي أدخله المغفور له الملك عبدالعزيز إلى ديوانه الملكي في بدايات تأسيس الدولة السعودية الحديثة بهدف تسهيل الاتصال بالعالم الخارجي، ثم انسحب الأمر في الفترات التالية على الراديو والهاتف والدراجة الهوائية والتلفزيون، بل انسحب أيضاً على المصابيح الكهربائية التي أشيع أن بها مساً من الجان وأن من يلمسها سوف يقتل فوراً.
وكانت أجهزة الراديو متوافرة آنذاك لدى نفر قليل من علية القوم وكبار التجار في منطقة الحجاز الأسبق للمدنية والتحضر والتعليم في شبه الجزيرة العربية، وكانت الإذاعات الملتقطة وقتها تقتصر على الإذاعتين المصرية والعراقية اللتين بدأتا بثيهما في منتصف الثلاثينيات كإذاعتين رسميتين قبل أن تلحق بهما الإذاعة العربية التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية في عام 1938 ومجموعة من الإذاعات المصرية الخاصة مثل إذاعتي «الفاروق» و«فوزية» ثم إذاعة «هنا برلين حي العرب» النازية فإذاعة مكة المكرمة التي أمر الملك عبدالعزيز بإنشائها في عام 1949 بناء على اقتراح من ولي عهده الأمير سعود رحمه الله ثم إذاعة صوت العرب المصرية وأخيراً إذاعة الكويت الرسمية في الخمسينيات.
ظهور «إذاعة طامي»
ومع انتشار هذه الإذاعات التي كان جلها رسمياً فكر عبدالله بن سليمان العويـّد الطامي الشهير بـ«طامي» أحد المواطنين السعوديين ممن امتلكوا الجرأة والإقدام في ستينيات القرن العشرين أنْ يركب الصعاب ويؤسس إذاعته الخاصة من الرياض فتحقق له ما أراد بعد حصوله على موافقة الجهات المعنية ومساندة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي كان وقتها أميراً لمنطقة الرياض، حيث «ظهرت أول إذاعة من نوعها في السعودية تحت اسم رسمي هو «الإذاعة الوطنية» واسم شعبي هو «إذاعة طامي»، والتي حققت في وقتها شهرة كبيرة، وسحبت البساط من الإذاعة الرسمية في جدة ومن الإذاعات الأخرى التي كانت تبث من دول مجاورة أو بعيدة، وبعضها كان يبث أخباراً ملفقة عن السعودية»، طبقاً لما كتبه بدر الخريف في صحيفة «الشرق الأوسط» (4/9/2009). والذي أكد أن الرجل كانت له إسهامات في تنظيم إذاعات داخلية خاصة بمقار الإمارات (المحافظات) ودوائر الشرطة ومواسم الحج، وأن اسمه تجاوز حدود السعودية وبلغ أسماع بعض الشركات الإلكترونية الأجنبية مثل شركة فيليبس الهولندية التي فاوضته من خلال وكيلها المحلي في الرياض ممثلاً في «شركة رجب وسلسلة» من أجل شراء براءة اختراع له بهدف تطويره وتسويقه، لكنه رفض فكرة بيع اختراعه المتمثل في جهاز «الراديو فون» أو ما يطلق عليه اليوم «الإنتركوم»، خوفاً من أن تضيع حقوقه وخصوصاً أننا نتحدث عن زمن لم تكن فيه حقوق براءات الاختراع والملكية الفكرية معروفة.
لكن ماذا فعل الرجل باختراعه هذا؟ يجيبنا بدر الخريف (مصدر سابق) على لسان ابن شقيق المخترع (سليمان إبراهيم الطامي) أن عمه صنع أكثر من نسخة من جهازه وقدمها لاستخدامات المدارس فصارت وسيلة اتصال مدير المدرسة وهو في غرفة إدارته بالمعلم وهو في فصله.
وظهر الطامي في زمن صعب لم تكن فيه الأمور سهلة المنال، وهو من جماعة العقيلات التي كانت تسافر من نجد إلى بلاد الشام ومصر للتجارة وبيع الإبل ومنهم من قرر الاستقرار في تلك البلاد والتماهي مع مجتمعاتها المتطورة مثل عائلة العويد الطامي.
طامي.. سيرة ومسيرة
وولد طامي، كما تقول سيرته الذاتية المنشورة في مطبوعات ومواقع إلكترونية، في مدينة بريدة بإقليم القصيم في مطلع العشرينيات، وتعلم في كتاتيبها التقليدية، وعمل لبعض الوقت في التدريس، قبل أن يقرر السفر إلى الشام للالتحاق بالجيش السوري ومحاربة الفرنسيين.
وفي الشام تعلم الرجل علوم الإلكترونيات والاتصالات السلكية واللاسلكية وصناعة البارود والمتفجرات، وحصل على ترقيات عسكرية إلى أن وصل إلى رتبة ملازم. ويقول منصور العساف في مقال له بصحيفة الرياض (24/11/2017) إنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أقيم احتفال كبير في دمشق حضره الأميران فيصل بن عبدالعزيز وأخوه الأمير منصور بن عبدالعزيز (وزير دفاع المملكة العربية السعودية آنذاك) فاطلعا على أوراق وشهادات ونياشين طامي وأعجبا به. ومن دلائل إعجاب الأمير منصور به أنه كلف القنصل السعودي بالشام «رشيد بن ليلى» أن يساعد في إنهاء إجراءات خدمة طامي العسكرية كي يعود سريعاً إلى وطنه للاستفادة منه. غير أن تلك الإجراءات تأخرت كثيراً، الأمر الذي دفع طامي إلى استغلال وقته في ممارسة الأعمال الحرة، فبقي في سوريا عشرة أعوام أخرى يمارس موهبة أخرى من مواهبه المتعددة وهي أعمال الزخرفة والديكور والتصميم.
وعاد طامي في فترة لاحقة إلى مسقط رأسه في بريدة ليستأذن والدته بالسفر إلى الرياض بحثاً عن عمل. وحينما لم يعثر على مبتغاه قرر أنْ يفتح ورشته الخاصة لتصليح أجهزة الراديو، لكن عقبات كثيرة وقفت أمامه بسبب التيار المتشدد، الأمر الذي جعله يركز كل جهده على صناعة كرسي متحرك، قابل للطي، مجهز بهاتف وجهاز تسجيل من أجل استخدام الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وقد نجح في المهمة في عام 1949 وأهدى الكرسي للملك الذي كافأه بمبلغ ألفي ريال فرنسي. وفي هذه الأثناء كان شديد الاهتمام بالمخترعات وأخبارها فتعلم الإنجليزية ذاتياً، على الرغم من تحصيله العلمي المتواضع وعدم وجود معاهد تقنية آنذاك لتصقل مواهبه، كما أنه تعرف في هذه الفترة على واحد من أصغر أنجال الملك وهو الأمير أحمد بن عبدالعزيز وصار يتردد عليه ويستمتع مع سموه ببرامج الإذاعات العربية ونشرات الأخبار، ويتعلم منها.
الانطلاق في 1961
في مطلع الخمسينيات، سافر طامي في موسم الحج إلى مكة المكرمة عله يتفادى هناك اعتراضات المتشددين على مشروعه الخاص بافتتاح ورشة لتصليح أجهزة الراديو، فكان له ما أراد وحقق حلمه في عام 1951. وبعد مضي عشرة أعوام من العمل في ورشته عاد إلى الرياض ليجد أن الراديو قد انتشر بين الناس وأن اعتراضات المتشددين قد توارت فكان هذا دافعاً قوياً له لإطلاق بث إذاعي غير رسمي يغطي منطقة الرياض وما جاورها التي لم تكن فيها آنذاك إذاعة، وكان بث إذاعة مكة المكرمة يصلها ضعيفاً. ولجأ طامي، من أجل تنفيذ مشروعه إلى المغفور له الملك سعود الذي أمر مجلس الوزراء بتقديم دعم مالي له في حدود عشرين ألف ريال. وبهذا المبلغ استأجر شقة صغيرة في الدور السابع ضمن عمارة مملوكة للأمير محمد بن سعود في شارع الوزير بالرياض لتكون مقراً لإذاعته المنشودة، كما حصل من «لاسلكي الرياض» على مرسلة لاسلكية قديمة قام بتثبيت سلك إرسالها على شجرة عالية مواجهة للشقة المستأجرة، ووظف معه حارساً ليأتيه يومياً بما يتيسر من الصحف المحلية كي يقرأ منها الأخبار على المستمعين.
وفي أعقاب شهر كامل من البث التجريبي، انطلق رسمياً بث إذاعة طامي عام 1961 على الموجة القصيرة، ولهذا السبب كان يـُلتقط أحياناً في العراق والأردن وسوريا، خصوصاً في فترة المساء أيام الشتاء. ويفسر ذلك بدر الخريف في مقاله آنف الذكر بقوله «بحكم طبقات الأيون التي تساعد على وصول البث لمساحات أبعد أيام الشتاء، وفي وقت الليل، فالحرارة ووجود الشمس تعمل على اضمحلال الإشارات الكهربائية حتى تتلاشى ولا تصل لمسافات أبعد. أيضاً هناك عامل آخر وهو أنه في ذلك الزمن كان الجو نقياً من الإشارات الكهربائية لقلة عدد محطات الراديو المحيطة بالدول العربية بعكس ما هو موجود الآن، فالجو متشبع بإشارات لا تكاد تحصى».
وهكذا راحت إذاعة طامي تكسب المزيد من المستمعين يوماً بعد يوم، على الرغم من أن بثها كان يبدأ بعد صلاة العشاء ويستمر من ساعتين إلى ثلاث ساعات فقط، فضلًا عن أن وسائلها كانت بدائية ومتمثلة في جهاز بث واحد، والعاملين فيها شخص واحد هو طامي الذي كان يجلس بمفرده خلف الميكرفون ولا يبارحه بسبب تحدثه إلى المستمعين مباشرة على الهواء، فكان هو المعد والمقدم والمنتج والمخرج.
فاصل.. ريثما أتعشّى!
ويمكن أن نعزو سبب ارتباط الناس بهذه الإذاعة إلى أكثر من عامل أولها حقيقة أنها إذاعة سعودية خالصة تبث من الوطن لأبناء الوطن. وثانيها ما تميزت به برامجها من بساطة، وما تميز به صاحبها من عفوية وتلقائية ومشاركة الناس همومهم اليومية. إذ كانت لغة البث هي العامية الدارجة، وكانت البرامج مقتصرة على نشرة أخبار يبدؤها طامي بعبارة «إليكم نشرة الأخبار يقرؤها عليكم أنا» ويضع عليها بعض الإعلانات التجارية لصغار التجار، إضافة إلى بعض الأغاني المسجلة على الأسطوانات والتي كان طامي يذيعها بين الفواصل وعادة ما يسبقها بعبارة «نتوقف مع هذا الفاصل الغنائي ريثما أتعشى». وثالث العوامل هو أن الإذاعة كانت تقوم بخدمة الناس من دون مقابل. وفي هذا السياق كتب محمد بن فهد البهلال في صحيفة الرياض (26/11/2005) مسترجعاً ذكريات حوار قديم أجراه مع طامي عام 1998 فقال إن الناس كانوا يزودونه بأخبار ما فقدوه فيذيعها، منهم من يفقد حقيبته، ومنهم من يفقد عنزته، ومنهم من يفقد بقرته، وآخرون يفقدون صكوك عقاراتهم، وهكذا.
وهناك عامل إضافي، ربما جعل أفئدة الجماهير متعلقة بهذه الإذاعة هو قيام صاحبها للمرة الأولى في تاريخ الجزيرة والخليج بنقل مباراة رياضية عبر الأثير. حيث تم عصراً تسجيل الربع الأخير من نهائي كأس الملك لعام 1961 من ملعب الصايغ بالملز، وتمت إذاعته مساء. وكانت المباراة بين فريق الهلال من الرياض وفريق الوحدة من مكة مع تعليق المعلق الرياضي المعروف محمد رمضان الذي عزز علاقته من تلك اللحظة مع طامي وأقنع الأخير بإذاعة الأخبار الرياضية الخاصة بأندية وفرق مدينة الرياض، وأخبار المنافسات الرياضية داخل معهد الأنجال وجامعة الملك سعود جنباً إلى جنب مع الأخبار الأخرى.
إذاعة أسماء «الراسبين»!
ولم يخدم طامي الناس لجهة استعادة ما فقدوه عبر الإعلان الإذاعي، ومكافأة من يعثر على المفقودات بأغنية فحسب، وإنما ساعدهم أيضاً في الاهتداء إلى أولادهم التائهين، ولمِّ شمل من تفرقت بهم سبل الحياة. كما ساعدهم على معرفة نتائج أولادهم في امتحانات مدارس الرياض. والمفارقة أو الطرافة هنا هي أن طامي تفرد في إذاعة أسماء الطلبة الراسبين على اعتبار أن أسماء الناجحين ستجد طريقها إلى النشر في صحيفتي «البلاد» و«الندوة»، الصحيفتان السعوديتان اليوميتان آنذاك.
وسخــّر طامي إذاعته لحملات جمع التبرعات لصالح الجمعيات الخيرية مثل «جمعية النهضة النسائية الخيرية» وللدفاع عن المواطن المكتوي من ارتفاع أسعار المواد الغذائية فكان يتوعد التجار الجشعين بإذاعة أغنية «حسيبك للزمن» للسيدة أم كلثوم. وساهمت إذاعته أيضاً في تقديم بعض الوجوه الجديدة من أصحاب المواهب الطربية والفنية من أمثال شادي الرياض وبن حوبان وسالم الحويل وأبو سعود الحمادي وسعد إبراهيم، وبعض الشعراء الشعبيين ومنهم سليمان بن حاذور الذي خصّ إذاعة طامي بالأبيات التالية: «يا ليت طامي ما فتح له إذاعة/ ولأشغف بعض المخاليق بغناه/ غلب على صوت العرب باستماعه/ كلن يدور موجته لين يلقاه».
ولا عجب إذا ما علمنا أن إحداهن عرضت عليه الزواج من ابنتها لما عثر لها على معزتها المفقودة. فالأغنام والمواشي كانت تكتسي في تلك الفترة من تاريخ الرياض أهمية كبيرة لشريحة واسعة من المواطنين.
على أن تأثير إذاعة طامي لم يقتصر على المواطن العادي فقط، وإنما تجاوزه إلى الأمراء والوزراء والنخب بدليل تقديرهم لصاحبها ومعاودتهم له في سنوات مرضه وإغداق المكافآت عليه. فهذا المغفور له الملك سعود يهديه سيارة وخمسة آلاف ريال بعد عودته من رحلته العلاجية الطويلة في الخارج في مطلع الستينيات، تقديراً لما سمعه عنه وعن إنجازاته. وهذا المرحوم الدكتور عبدالعزيز الخويطر وزير المعارف والمستشار في الديوان الملكي سابقاً يتطرق في الصفحتين 313 و314 من الجزء الخامس عشر من كتابه «وسم على أديم الزمن.. لمحات من الذكريات» إلى الجهود التي قام بها طامي أثناء حفل لكلية التجارة بجامعة الملك سعود، أقيم في سنة 1962 ويشيد به كثيراً لقيامه «بعمل مجيد في تلك الليلة، بنقل الحفل على الهواء في إذاعته المشهورة».
إذاعة لمدة 28 شهراً
واستمرت إذاعة طامي تعمل لمدة 28 شهراً، ما بين عام 1961 وعام 1964. ولعل ما عجـّل في وفاتها هو انتهاء وزارة الإعلام السعودية من تجاربها على بث إذاعة الرياض الرسمية في عام 1964. ففي تلك السنة، طبقاً لما ورد في مقال بصحيفة الجزيرة السعودية (27/2/2016) للمؤرخ محمد عبدالرزاق القشعمي، استــُدعي طامي إلى إمارة الرياض لمقابلة أميرها (خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز) الذي أشاد به وبجهوده وشدّ على يده وأعطاه خطاب شكر رسمياً وخطاباً آخر موجهاً إلى وزير الإعلام آنذاك الأستاذ جميل الحجيلان لتعيينه في الوزارة، وقال له: «الآن انتهى دورك، فقد تم الانتهاء من الإذاعة الرسمية، ولتكن عوناً لها».
والمعروف أن حقبة الستينيات عرفت هجوماً إعلامياً كاسحاً ضد المملكة العربية السعودية وسياساتها المتزنة من قبل بعض الأنظمة العربية الراديكالية، التي استخدمت أذرعها الصوتية القوية وخبرتها في الاستفراد بالمستمع السعودي وخداعه، الأمر الذي حفز السلطات السعودية على تأسيس وزارة للإعلام وتقوية إذاعة مكة المكرمة وإنشاء إذاعة رسمية أخرى تبث من الرياض وإقامة مرسلات للأخيرة في شرق البلاد.
لا يوجد في سيرة طامي المنشورة ما يفيد أنه عمل في وزارة الإعلام السعودية. ويقال إن السبب هو اختلاف المسؤولين حول الدرجة التي يستحقها، وخصوصاً أنه لم يكن يحمل مؤهلًا علمياً، فاكتفوا بشراء أجهزته الإذاعية بمبلغ خمسين ألف ريال من أجل حفظها ضمن مقتنيات متحف وزارة الإعلام. أما هو فقد تفرغ لأعماله الخاصة بالابتكارات والاختراعات السمعية والبصرية والتي كانت سابقة لأوانها بدليل أن الصحافة كانت تطارده وتتسابق على تغطية ومتابعة إنجازاته. غير أنه تمت الاستعانة به، بعد ذلك، في مواسم الحج على مدار عشر سنوات لإذاعة الإرشادات للحجيج والإبلاغ عن التائهين. وبعد أن توقف عن هذا العمل نهائياً فتح له المغفور له الأمير سلطان بن عبدالعزيز باب الوظيفة في وزارة الدفاع التي ظل يعمل بها لحين تقاعده.
وفي عام 2000 انتقل طامي إلى جوار ربه عن عمر ناهز الثمانين عاماً، بعدما حفر اسمه في تاريخ وطنه كنجم من النجوم الأوائل في ميدان الإعلام المسموع، تاركاً خلفه ثمانية من الأبناء والبنات وإرثاً عريضاً من الأجهزة والاختراعات العلمية، منها مروحة أرضية تدور دورة كاملة، ومكبر صوت باللاسلكي لمناورات الجيش السعودي، وقذائف الكشافات والشهب، وتحويل مروحة السقف إلى جهاز تكييف هواء وتبريد ماء.