الإثنين 28 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 47 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الأمة في أمس الحاجة لأفكار الامام محمد عبده

3 أغسطس 2005

القاهرة - زين ابراهيم:
عاش الشيخ الامام محمد عبده مصلحا يمتلك منهجا عقلانيا أصيلا ومتطورا، وكان يدلي بدلوه في كل قضايا عصره بحثا عن مجتمع افضل ومواطن اكثر تحررا وايجابية وكانت له أراء متقدمة وخلاقة في قضايا التعليم والمرأة والأسرة وعلاقة الفرد بالحاكم ورغم مرور مئة عام على وفاة الامام فان الامة مازالت في أشد الحاجة الى المنهج العقلاني الذي اتبعه لتحقيق التقدم في العلوم والمعارف وتوظيفها لخدمة الشعوب·
وفي ندوة 'الامام محمد عبده مصلحا' أكد الكاتب الصحفي سامي خشبة ان الامام كان نموذجا للمثقف الايجابي في مجتمعه ولم يكن مجرد عالم دين لا يرتبط بالمجتمع·
وقال ان الإمام محمد عبده لم يكن له مشروع متكامل محدد ولهذا ينبغي التعامل معه على انه أحد رواد الاصلاح في مصر خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى أوائل القرن العشرين خاصة أن الشيخ الأمام نجح في تغيير افكار المجتمع التقليدية لكي يسعى نحو التحرر والتفكير الخلاق وربط دينه بأمور دنياه·
وأوضح أن هناك مغالطتين تاريخيتين وقع فيهما كثير من الكُتَّاب في الحديث عن مكانة الامام محمد عبده الأولى تتعلق بعلاقة الامام محمد عبده بجمال الدين الافغاني وكون الافغاني ساهم في تطور فكر محمد عبده بينما الحقيقة أن أفكار محمد عبده كانت مستقاة من الحركة الثقافية وزعمائها امثال رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك والتي بدأت في عهد محمد علي واستكملت بعد ذلك حيث لعب هؤلاء المثقفون دورا واضحا في انشاء المدارس الحديثة وترجمة مئات الكتب وتجديد اللغة العربية وهذه الحركة الثقافية الفكرية هي التي أتت بجمال الدين الافغاني الى مصر دون أن يذهب الى أي دولة اسلامية أخرى ولعبت افكار هؤلاء المثقفين الافندية الدور المؤثر في تشكيل الحركة الفكرية المصرية فقد دعوا في كتاباتهم الى فكرة الوطن بعيدا عن كون مصر ولاية عثمانية، ودعوا الى اتاحة التعليم الحديث للبنين والبنات، وترجمة الدستور الفرنسي الذي يرسخ مبدأ الديمقراطية والمساواة بين جميع المواطنين أمام القانون ومحمد عبده تأثر بتلك الأفكار بالأضافة الى ثقافته الشخصية الواسعة المستمدة من كتب التراث وقراءاته في علم الاجتماع والسياسة والعلوم الدينية والمدنية·
وقال ان المغالطة الثانية تتعلق بربط افكار الكاتب الاسلامي رشيد رضا بأفكار الامام محمد عبده برغم ان رشيد رضا أخذ تيارا مخالفا للإمام محمد عبده وخرج من عباءة رشيد رضا تلميذه النجيب حسن البنا مؤسس حركة الاخوان المسلمين وهي الحركة التي لعبت دورا في الانقضاض على التيار العقلاني للامام محمد عبده ووجهته في اتجاه آخر يعلى قيمة التعصب في مواجهة العقل والتفرقة بين عنصري الأمة·
عودة من المنفى
وأوضح خشبة أن مشروع الامام محمد عبده الاصلاحي لم يظهر بوضوح الا بعد عودته من المنفى بعد قرار العفو عنه حيث ظهرت ملامح دوره الاصلاحي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ولهذا اعتبر محمد عبده أحد أهم المجددين في الفكر الاسلامي معتمدا على قوة الحجة والالتزام بالمنهج العقلاني والرجوع للاصول وتطويعها واستخلاص ما يتطابق منها مع العصر، واشتغل على مصطلح تجديد الخطاب الديني في كتاباته وفتاواه، ولم تكن افكار محمد عبده منصبة على الدين فقط بل دعا الى اصلاح التعليم والاهتمام بالتربية والمهارات الاساسية بهدف تربية مواطن واع بحقوقه وواجباته ازاء مجتمعه، وكان رأيه أن العقل والسلوك والفكر العلمي المستنير يطور المجتمع وافراده ولهذا دعا الى اصلاح التعليم الازهري واخراجه من الأفكار التقليدية وثار عليه شيوخ الأزهر ثورة عارمة ورفضوا دعوته لتجديد التراث واعتبروا ادخال مناهج الجغرافيا والحساب والهندسة ومختلف العلوم الحديثة في مناهج الأزهر جريمة نكراء مما اضطر الامام محمد عبده الى تركيز جهوده على اصلاح القضاء الشرعي ونظام الاوقاف، وفي كل افكاره كان يدعو الى العقل والعلم والتأويل حتى يتلاءم الفهم الديني مع مستحدثات العصر من اجل تحرير الفكر من قيود التقليد·
رسالة الاسلام
وأضاف ان العقلية المتفتحة لمحمد عبده جعلته يرى ان دور الدين ورسالته أعظم بكثير من النمط الذي وصفه علماء الدين في زمنه فدور الدين اصلاح وتوجيه ونقد، وعالم الدين المستنير يجب ان يكون مصلحا لمجتمعه وناقدا لعيوبه بغرض تصحيحها وازالة ما طرأ من أخطاء في فهم نصوص الدين وفي غير أمور الدين فعلى سبيل المثال نجده يتخذ مواقف واضحة ضد جرائم الرشوة وتعاطي المخدرات وآثارها المدمرة على العقول، وكذلك كان موقفه واضحا ضد الخرافات والبدع وتقديس الاولياء، وكان ينظر للمرأة باعتبارها عنصرا فعالا في أي مجتمع ولم يكن يتصور أن ذلك سيحدث بدون الارتقاء بمكانة المرأة وتعليم الفتيات ورفع مستواهن الثقافي والفكري مؤكدا أن العلم محمود في ذاته ولا يفرق بين رجل وامرأة، وكفل الشيخ محمد عبده للمرأة حقوقها رغم عدم اعتراف المجتمع بها أنذاك، واللافت في أفكار الامام وفتاواه ما يخص الفنون حيث يعتبر أول مفكر اسلامي يفتي بجواز فن التصوير والتمثيل والنحت، وكان مدركا أن الفنون المصرية في ذلك الوقت من الادوات الرئيسية للتعبير عن الهوية المصرية وفكرة الوطن ممثلة في أعمال محمود مختار ومحمود سعيد ومحمد ناجي ويوسف كامل·
وأكد ان الامام محمد عبده لم يطرح نفسه كمفكر سياسي ولكن كان هدفه الرئيسي بيان جوهر الاسلام وربطه بالعصر مما أوجب عليه أن يتطرق الى الكثير من الامور السياسية فضلا عن أن مهمة الاصلاح الديني التي تزعمها فرضت عليه الانخراط في مجال العمل السياسي حيث لم يكن وقتها يوجد فصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي، وكان الامام يؤمن بالاصلاح التدريجي الشامل، وهو ما نحتاج اليه في الفترة الحالية·
وقال ان الامام كان حريصا على التعامل بسياسة الامر الواقع ومع كل ما هو موجود من أجل اصلاح المجتمع والعمل على نهضته· من خلال تلبية احتياجاته ومتطلباته ففي فتوى الامام محمد عبده بجواز الادخار في صناديق التوفير كان رأيه أن الادخار مطلوب من أجل تمويل مشروعات الأمة وبناء وطن مستقل·وأشار الى ان العقل العربي حدثت له تغيرات عديدة في النصف الثاني من القرن العشرين خاصة خلال الخمسة والعشرين عاما الأخيرة حيث تغلبت التيارات السلفية على الفكر العام وحل الفكر الحنبلي محل فكر أبي حنيفة، وحل أهل الحديث محل أهل الرأي فتراجعت مدرسة الامام محمد عبده الاصلاحية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض