كشف العصر الحديث عن عمليات قتل غير مباشرة ودون وعي أو قصد يرتكبها الآباء مع أبنائهم فلذات أكبادهم، وأجمل نعمة يبحثون عنها في الحياة. وكثيراً ما أنتجت عمليات التدليل في تربية الأبناء عواقب وخيمة تركزت في توفير انسان مؤهل لارتكاب الجرائم وتدمير المجتمع، وهو ما يعرف بين الأسر بأنَّ تدليل وتدليع الأولاد أكثر من المعقول مفسدة. تحول «الموبايل» الذي بين أيدي أطفالنا من وسيلة اتصال ضرورية بين الأفراد إلى إكسسوار ثانوي يتداول بكثرة بين أيدي الأطفال الصغار قبل الكبار. فحمد ابن العاشرة لديه موبايل يستخدمه لإرسال رسائل البلوتوث لكل من هب ودب في مراكز التسوق والطرقات، كما يستقبل مثل تلك الرسائل من أشخاص آخرين، وهذه عائشة البالغة من العمر أربعة عشر عاماً تضع تلك السماعات لساعات طويلة على أذنيها لسماع الأغاني. وينبهنا عمران ابن الثانية عشرة حين سألته عن سبب اقتنائه للموبايل، فأجاب بالقول أختي وأخي وكل أصدقائي لديهم الموبايل، وبما أنَّ أمي وأبي سمحا لي بذلك، لماذا أحرم نفسي من اقتنائه.!!! لقد تحول الموبايل الذي قدم فوائد عظيمة للبشرية تحول إلى قنبلة موقوتة متداولة بين الأيادي الصغيرة التي بالكاد تحمل القلم للكتابة، أصبحت في يومنا هذا تحمل سبيل دمارها وخرابها. هل يعلم الوالدان مع من تتحدث ابنتهما؟ وهل تتعرض لمضايقات «معاكسات» خاصة أنَّ الموبايل يلازمها كل وقت؟ هل يعرف الأب ما هي الرسائل التي يتداولها ابنهم في موبايله؟ هل يعلم الوالدان ان نطاق استعمال الموبايل تعدى كثيرا مستوى المحادثة إلى مستوى تداول صور وافلام خليعة ورسائل تخدش الحياء؟ كيف بنا نحن أولياء أمور ومسؤولين عن هؤلاء الأطفال نضع في أيديهم سبيل هلاكم؟ ونسينا التحذيرات المتتالية من الضرر البالغ لاستخدام الأطفال للهاتف النقال، خصوصاً تأثيره الإشعاعي على جميع أجهزة الجسم، لاسيما الجهاز العصبي.
حيث وضعنا الموبايل في أيدي ابنائنا من دون وعي بأبعاد الخطر الذي ينطوي عليه هذا الاستخدام.
فمن شدة ارتباط الآباء والأمهات بأبنائهم، وحرصهم على الاطمئنان اليهم في كل زمان ومكان، سمحوا لأبنائهم ان يقتنوا الموبايل دون التفكير أن استخدامه ينطوي على ضرر بالغ لأبنائهم.
و في قراءة لي لبحث علمي أثبت ان الضرر بشكل واضح ومقنع قد يستغرق سنوات مثل المدة التي استغرقتها الأبحاث للكشف عن خطر التدخين وعلاقته بالسرطان، غير أن هناك حقيقة لا بد من الانتباه اليها، وهي أن الأنسجة النامية أكثر تعرضا للأضرار والمخاطر من الأنسجة البالغة خاصة المتعلقة بالمخ والعينين. لذا علينا نحن اولياء الامور أن لا نسمح للصغار باقتناء الموبايل، وإذا حتمت الضرورة اقتناءه فيكون في أضيق الحدود.
سميرة احمد