الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«بقايا اليوم».. سـرد ياباني بديع

«بقايا اليوم».. سـرد ياباني بديع
14 ابريل 2019 02:15

الشارقة (الاتحاد)

نظمت دائرة الثقافة في الشارقة مساء أمس الأول في النادي الثقافي العربي أمسية سردية قدم فيها الكاتب محمد ولد محمد سالم «قراءة في رواية «بقايا اليوم» لكازو إيشيغورو»، وأدارها الكاتب إسلام أبوشكير.
وقال محمد ولد محمد سالم إن رواية «بقايا اليوم» من أهم الروايات التي كتبت في أواخر القرن الماضي، وبسببها حصل إيشيغورو على نوبل، وتدور أحداثها بين 1921 و1956، وترصد جانباً من حياة رئيس خدم في قصر أرستقراطي إنجليزي، وانعكاسات تطور الحياة العامة وما نجم عن الحربين العالميتين الأولى والثانية من تغيرات أطاحت بالأرستوقراطية التقليدية وصعدت بمجتمع جديد وأفكار جديدة، كان لها أثر بالغ على حياة ومهنة «رئيس الخدم».
وأضاف ولد محمد سالم، أن الكاتب يلتقط الحكاية في لحظة كاشفة من حياة «مستر ستيفنز» رئيس الخدم في قصر «دار لغنتون»، وهي لحظة «الرحلة» التي اقترح عليه مستر «فراداي» مالك القصر الجديد القيام بها لرؤية الريف الإنجليزي، فهي أول رحلة تأخذه بعيداً عن قصر «دار لنغتون» الذي لم يبارحه لعدة عقود متتالية، ولم يكن يمكن لاستيفنز أن يقوم بتلك الرحلة لولا التغيرات العميقة التي حدثت في القصر، فبعد أن مات سيد القصر، بيع إلى «مستر فراداي» الأميركي، الذي يبدو منطلقاً وتلقائياً بشكل يصعب على «استيفنز» استيعابه، وهو الذي عاش في قالب مهنة تفرض عليه التزاماً صارماً بالحدود بينه وبين أسياده، وكان طموحه الكبير هو أن يبلغ أقصى درجات الإتقان في خدمة أسياده.
هذه الرحلة، كما أشار المحاضر، سوف تكون حافزاً لرئيس الخدم على التأمل، وإعادة النظر في ماضيه، وسيستشعر الأخطاء التي اقترفها في حق نفسه دون قصد منه، فقد تجرد ستيفنز من ذاته ومن إنسانيته، عندما ترك والده يحتضر في غرفة الخدم، وذهب لخدمة ضيوف القصر، وكذلك عندما تجاهل حب مدبرة القصر له، وتركها تستقيل، وتتزوج برجل آخر، رغم أنه كان يحبها لكنه كان ينكر، ولا يريد أن يخلط علاقات العمل بأي نوع من المشاعر الذاتية.
واستخلص ولد محمد سالم بأن هناك معاني إنسانية كثيرة يمكن أن نخرج بها من قراءة «بقايا اليوم»، وأولها الإدانة الضمنية لهذا النوع من التفاني الغبي الأهوج في المهنية، والذي يفقد معه الإنسان ذاته وإنسانيته. لم يعترف رئيس الخدم بأخطائه، ولم يظهر الندم عليها، لأن كازو إيشيغورو أراد أن يقول لنا إن استيفنز كان يختار مما وعاه عقله البسيط الجاهل، فعليه أن يتقبل الآن ما وقع فيه من أخطاء، وأن يظل متصالحاً مع ذاته، لكنّ إيشيغورو يحذرنا نحن القراء المستقبليين من أن نقع في مثل تلك الأخطاء بأن نتجاهل مشاعرنا الإنسانية النبيلة، والإحساس العارم بالرحمة والمودة والحب، لأنه بدونها تصبح الحياة قالباً ميتاً مثل قالب «رئيس خدم نموذجي».
وأشاد المحاضر بتقنيات السرد البديعة في «بقايا اليوم»، و«رسم الشخصيات»، و«توظيف المعلومة بما يكفي ولا يزيد»، و«سلاسة الأسلوب»، و«تقنية العنوان» الذي يرمز إلى يوم العمر، يوم أعطاب الحياة وإحباطاتها، حيث تبقى الجراحات والآمال التي تحطمت تحت خياراتنا الخاطئة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©