تامر عبد الحميد (أبوظبي)
اعتماد المشاركين في برنامج المسابقات الغنائي الطربي «الزمن الجميل»، الذي أنتجته «أبوظبي للإعلام» ويعرض على شاشة «أبوظبي»، على تصويت الجمهور فقط في الحلقة المقبلة من العروض المباشرة، يضعهم في تحد كبير، حيث تحتدم المنافسة بين المتسابقين الـ6، خصوصاً بعد انتهاء مرحلة «منطقة الأمان» في الحلقة الخامسة التي عرضت مساء أمس الأول على خشبة المسرح الوطني، التي كانت تمكن أعضاء لجنة التحكيم «أنغام ومروان خوري وأسما لمنور»، من اختيار ثلاثة متسابقين لتبعدهم عن منطقة الخطر، وتحميهم من إقصاء التصويت، ليكون الجمهور هو الحكم الفاصل في إبقاء الموهبة أو استبعادها من البرنامج.
ولا يزال «الزمن الجميل» مستمراً في استعراض جماليات الأغنية العربية، من خلال الاحتفاء بعمالقة الفن الجميل، وتقديم أغنياتهم التي لا تزال خالدة حتى يومنا هذا بأصوات المواهب الجديدة، الذين يتمتعون بخامة صوتية تؤهلهم لأن يكونوا نجوم المستقبل في الغناء، وفي الحلقة الخامسة من العروض المباشرة ودع المغربي أيوب التيجاني برنامج «الزمن الجميل»، وذلك بعد حصوله على أدنى نسبة تصويت من قبل الجمهور، لتنتهي رحلة أيوب التيجاني بأقل نسبة تصويت والتي بلغت 5%، بعد أن اختارت لجنة التحكيم مع نهاية الحلقة وضع كل من محمد عباسي وعلي المديدي ومحمد شطا في منطقة الأمان لحمايتهم من الإقصاء من البرنامج لقوة الأداء الذي قدموه، ونال محمد شطا المركز الأول من حيث تصويت الجمهور في نهاية الحلقة، بنسبة 25% من إجمالي الأصوات، تلاه في المركز الثاني أحمد عباسي بنسبة 22%، وحل عمر ياسين ثالثاً بنسبة 17%، وموسى معيدي رابعاً بنسبة 14%، وعلي المديدي خامساً بنسبة 11%، وصابرين النجيلي بنسبة 6%.
أغنيات رومانسية
وانطلقت خامس أمسيات البث المباشر للبرنامج بتقديم المشتركين تباعاً مجموعة من أشهر أغاني أساطير الزمن الجميل المحتفى فيهم في هذه الحلقة وهما الفنان العراقي الراحل ناظم الغزالي والمطربة اللبنانية الكبيرة فيروز، قبل صعود مقدمة البرنامج إيميه صياح لتعريف الجمهور بتفاصيل الحلقة، والإعلان عن ضيف البرنامج ماجد المهندس ليصعد على خشبة المسرح مقدماً مجموعة من أغنياته الرومانسية التي ألهبت مشاعر حضور المسرح الوطني في أبوظبي، من بينها «فهموه» و«الدنيا دوارة»، إضافة إلى غنائه «سلملي عليه» لفيروز و«ميحانه» لناظم الغزالي.
أداء قوي
وصعد بعد ذلك المشاركون الـ7، ليقدموا أغنياتهم بشكل فردي أمام الحضور ولجنة التحكيم، حيث نالت المصرية صابرين النجيلي بأدائها لأغنية «راجعين يا هوا» لفيروز إعجاب الجمهور ولجنة التحكيم على حدٍ سواء، حيث قالت اللجنة إن الأداء كان قوياً ومن الصعب إيجاد أي عيوب فيه، كما أنها نجحت في اختيار الأغنية المناسبة لطبقة صوتها وقدمتها بهدوء غير مسبوق، في حين قدم المغربي أيوب التيجاني أغنية «نسم علينا الهوا» بشكل وصفته لجنة التحكيم بالراقي، منوهة بأن ارتجاله فيها كان ناجحاً، وأنه من بين أقوى الأصوات المشاركة في البرنامج، أما المصري محمد شطا فاختار أداء أغنية «حبيتك تنسيت النوم» لينال تصفيقاً حاراً من قبل الجمهور الحاضر في المسرح، ويحصل على تعليقات إيجابية للغاية من لجنة التحكيم التي اعتبرت أداءه على قدر التحدي، ووصفت صوته بالجميل الذكي وإحساسه بالراقي، كما قدم المغربي علي المديدي أغنية «بعتلك» بشكل قوي، فيما تألق الفلسطيني أحمد عباسي على خشبة المسرح بتقديم موال ثم أغنية «فوق النخل» لناظم الغزالي بشكل أثر بشكل واضح على أنغام التي قاومت دموعها، حيث قالت لجنة التحكيم إن صوته خلال الأداء حمل في طياته الشجن والحزن والكبرياء الذي عكس بيئته الفلسطينية، أما اليمني عمر ياسين فقدم أغنية «مروا عليي الحلوين» بشكل نال فيه استحسان لجنة التحكيم، التي قالت إن أداءه يؤكد تطوره خلال مختلف مراحل البرنامج وهو ما سيكون في مصلحته في المراحل المقبلة، أما السعودي موسى معيدي وبأدائه لأغنية «ما ريده الغلوبي» استطاع أن ينال إعجاب لجنة التحكيم، التي وصفت صوته بالبارع، ونوهت بتمتعه بالجودة والموهبة لمواصلة المشوار في البرنامج خاصة لتميزه في المقامات الطويلة.
ويمكن للجمهور التصويت للفلسطيني أحمد عباسي على الرقم 1، وللمصرية صابرين النجيلي 3، وللمغربي علي المديدي 4، ولليمني عمر ياسين 5، وللمصري محمد شطا 7، وللسعودي موسى معيدي 8، حيث تتواجد أرقام الهواتف الخاصة بكل دولة على الموقع الرسمي لتلفزيون أبوظبي.
جدير بالذكر أن شركة «بيراميديا» للاستشارات والإنتاج الإعلامي هي المنتج المنفذ للبرنامج.
ماجد المهندس.. مواهب استثنائية
أشاد الفنان ماجد المهندس الذي حل ضيفاً على الحلقة الخامسة من «الزمن الجميل» بفكرة البرنامج التي تهدف إلى إعادة إحياء أغنيات الزمن الجميل، وتكريم عمالقة الفن والغناء والموسيقى من خلال حلقاته، معتبراً أن هذا البرنامج فريد من نوعه رغم تعدد برامج اكتشاف المواهب، ويأتي تفرد البرنامج من خلال رؤيته لتغيير مستقبل الغناء في الوطن العربي، وسعيه لوضع المواهب الغنائية الحقيقية على الطريق الصحيح، واستكشاف أصوات استثنائية قادرة على أداء اللون الطربي العربي الأصيل، بهدف المساهمة في إحياء الهوية الغنائية العربية واستحضار عصر الطرب الذهبي.
وأكد المهندس أن «الزمن الجميل» نال صدى كبيراً من خلال عروضه المباشرة، ومشتركيه الذين يتميزون بأصوات قوية وأداء مبهر، لافتاً إلى أن قناة «أبوظبي» التابعة لـ«أبوظبي للإعلام»، متميزة دائماً بما تقدمه من أعمال فنية، سواء برامجية أو درامية، تحمل مضموناً وهدفاً للمشاهد والعربي والخليجي.
وأيد المهندس وجود فكرة برامج اكتشاف المواهب الغنائية، التي أعدها فرصة تختصر وقت ومجهود المواهب الواعدة، وقال: قبل 20 عاماً، كنا نعاني من أجل الوصول، وإظهار صوتنا للجمهور، بل وأغلبنا تعرض لمواقف كثيرة تعيق وتحبط أي فنان للمواصلة، لكن حالياً ومع الانفتاح التكنولوجي والرقمي الكبير، أصبح الوصول للنجومية والشهرة أسهل بكثير، فإذا لم يكن بهذا البرامج، فهناك السوشيال ميديا ومواقع التواصل وموقع «يوتيوب»، وكذلك القنوات الغنائية، التي أتاحت الفرصة لكل المواهب أن تصل بصوتها للناس، وتظهر إبداعاتها، موجهاً نصيحة لكل المشتركين بأن الموهبة الحقيقية، والاختيار السليم للأغنيات والسير على نهج وخط فني خاص، هو ما يؤهل أي مطرب للاستمرارية في عالم الغناء.
كواليس
-أشادت لجنة التحكيم (أنغام ومروان وأسما) بأصوات مشتركي «الزمن الجميل» خصوصاً فئة الشباب منهم، لاسيما أنه من الصعب أن يؤدي صوت رجالي أغنية لفنانة، بسبب اختلاف طبقات الصوت، وكذلك الإيقاع واللحن المخصص لأداء المطربات، لكن المشتركين تحدوا أنفسهم وقدموا أداء مميزاً لأغاني مطربات العصر الذهبي، مثل أم كلثوم وفايزة أحمد وفيروز.
-أطلقت الفنانة أنغام على المشترك محمد شطا، لقب «الغني اللعيب»، حيث يستطيع تطويع صوته في أداء نوعيات مختلفة من الأغنيات، كما أشاد مروان خوري بموهبة السعودي موسى معيدي، خصوصاً أنه قدم خلال الحلقة الخامسة من «الزمن الجميل» موالاً لناظم الغزالي، ومن الصعب أداء مثل هذا الموال، واتفق أعضاء لجنة التحكيم على أن معيدي سيكون له مستقبل فني كبير في الساحة الفنية السعودية.
-نال «الزمن الجميل» إشادات الجمهور والمتابعين للبرنامج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً «تويتر» معتبرين أن «الزمن الجميل» من أهم وأبرز برامج اكتشاف المواهب الغنائية، الذي يسعى لإعادة إحياء الفن الراقي، وتذكيرهم بأغنيات العصر الذهبي، وفي الحلقة الخامسة من البرنامج، حصد «الزمن الجميل» ترند «تويتر» في التفاعل عبر الهاشتاق الخاص به، وكذلك هاشتاق الفنان ماجد المهندس في الزمن الجميل بأبوظبي، وشهدت الحلقة أيضاً إطلاق مسابقة خاصة بمتابعي البرنامج على منصة «تويتر»، والتي يمكن المشاركة فيها من خلال زيارة صفحة البرنامج.
-تعاطف أعضاء لجنة التحكيم مع المتسابق المغربي علي المديدي، الذي بكى على خشبة المسرح نظراً لوفاة صديقه، وتوجه كل من مروان وأنغام وأسما بالعزاء للمديدي، ووصفوه بالمغني الرائع والمتمكن، خصوصاً أنه في ظل معاناته من ظرف شخصي مؤثر، إلا أنه تميز في أدائه على خشبة المسرح.
- استقبل الفنان ماجد المهندس خلف الكواليس مجموعة من الإعلاميين والجمهور والمعجبين، الذين حرصوا على إلقاء التحية عليه، والتقاط الصور التذكارية معه، وبكل رحابة صدر التقى بهم في الغرفة المخصصة له، رغم ضيق الوقت وتقديمه لأكثر من أغنية في الحلقة، وكانت الكلمة الأبرز من كل محبيه أن المهندس «الفنان الخلوق».
-كانت مفاجأة الحلقة الخامسة من العروض المباشرة، ظهور الطفلة نجمة على خشبة المسرح الوطني، لتؤدي أغنية أمام لجنة التحكيم والحضور، لتبدع بصوتها الملائكي وإحساسها الرائع، لتنال تصفيقاً حاراً من الحضور، وإشادة وإعجاب كبيرين من لجنة التحكيم، خصوصاً أنهم على معرفة بها لأنها تقدمت في مرحلة الاختبارات، ولم تنل مشاركتها الحظ في البرنامج نظراً لمراعاة السن، وفي الوقت نفسه كشفت اللجنة أن والدة نجمة، هي عازفة العود ضمن الفرقة الموسيقية للبرنامج بقيادة المايسترو أحمد طه، وأثنت لجنة التحكيم على صوتها وموهبتها، لاسيما أنها تنتمي لبيت فني، ومع مرور الوقت واكتسابها الخبرات الفنية والموسيقية والصوتية، ستصبح نجمة في سماء الأغنية العربية.
حكايات عن عمالقة الفن
يستوقف برنامج «الزمن الجمهور» الجمهور عند زمنين في كل حلقة من حلقاته المباشرة كانت تعيش فيهما الأغنية العربية والخليجية عصرها الذهبي، حيث تغنى المشاركون بأعذب الألحان وأرق الكلمات التي أداها نخبة من العمالقة، وفي حلقة أمس الأول تم الاحتفاء بالفنانين فيروز وناظم الغزالي، وقدمت خلال الحلقة قصص وحكايات لهذين العملاقين أسفل شاشة قناة «أبوظبي»، حيث ذكَّر «الزمن الجميل» المشاهدَ بمسيرة ناظم الغزالي الذي لقب بـ «سفير الأغنية العراقية»، إذ يعتبر أول سفير للأغنية العراقية بعد أن رُدّدت أغنياته في أرجاء العراق ووجدت صداها في جميع أرجاء العالم العربي، وبات من المألوف وقتها أن تَعزف الفِرق الأجنبية التي تزور البلاد العربية أغنياته مثل «فوق النخل فوق» و«طالعة من بيت أبوها».
بداية الغزالي في عالم الفن كانت مسرحية وليست غنائية، فبعد أن قُبِل كطالب في معهد الفنون الجميلة انضم إلى فرقة مسرحية وقدّم معها عدة أعمال لعل أشهرها مسرحية «مجنون ليلى» لأمير الشعراء أحمد شوقي عام 1942 وكان دوره فيها مزدوجاً يغني ويمثل، انفصل بعدها غزالي نهائياً عن الفرقة حين اعتُمد مُطرباً مُحترفاً في الإذاعة والتلفزيون العراقي عام 1947. كان الغزالي تلميذ الموسيقار محمد القبانجي النجيب والذي اعتبره أنه الامتداد الطبيعي له، وكان هو السبب في أن يكون ناظم ذلك المطرب الذي عشقه كل العرب، فقد استمع القبانجي إلى ناظم واكتشف فيه عبقرية الأداء والصوت الجميل بنبراته المعبرة، وقام بتعليمه بنفسه ثم قدمه للإذاعة ليكون هو فنان المقام العراقي الأول بعد أستاذه، ومن أعاجيب القدر أن القبانجي كان يقول استمعوا من بعدي إلى هذا الشاب الذي سيكون عبد الوهاب العراق، لكنه مات قبل أستاذه بسنوات طويلة.
كان ناظم الغزالي أول مطرب عراقي يُغني برفقة فرقة موسيقية خاصة به، وكانت فرقة موسيقية حديثة حيث أدخل إليها وبفضل الموسيقار جميل بشير الآلات الغربية مثل: الساكسفون والكلارينت والتشيللو أو الكونترباص والآلات الإيقاعية، وكانت فرقته تضم أفضل موسيقيي العراق.
مثل: جميل بشير ومنير بشير وغانم حداد وسالم حسين وخضر إلياس وروحي الخماش فضلاً عن عازف الكمان والملحن ناظم نعيم.
أما إرث فيروز الموسيقي يمتد من خلال أكثر من 1000 أغنية، وتبقى إطلالاتها الأهم في مهرجان بعلبك الدولي ومهرجان دمشق الدولي علامة فارقة في مسيرتها ومسيرة هذه المهرجانات، وأبدعت فيروز أيضاً على مسارح سان فرانسيسكو وباريس ولندن ومونتريال، وكانت بصمتها في التاريخ الموسيقي والمجتمعات العربية أكسبها لقبها الشهير «السفيرة إلى النجوم».
مسرحيات فيروز وأغانيها وتسجيلاتها باللغتين العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى سيرة حياتها، وفي عام 1994 أحيت فيروز حفلاً في لندن استقطب أكثر من 6000 معجب، وأداؤها جعل النقاد الغربيين يقارنونها مع Billie Holiday ولقبوها بـ Callas of Arabia.
في أحد الأيام كان يجلس عاصي الرحباني مع ابنته ليال أمام الشباك المطل على كورنيش بيروت، وسألها إذا كانت تحبه، فردت عليه الطفلة بكل براءة «شايف البحر شو كبير.. كبر البحر بحبك» ومن شدة إعجاب عاصي بجواب ابنته، أخذه مطلع لقصيدة كتبها بنفسه وغنتها أم ليال بصوتها لتصبح اليوم أيقونة من أيقونات التعبير عن الحب، وفي يوم آخر كان عاصي الرحباني مع زوجته فيروز في زيارة لبيت الشاعر زين شعيب، ولأن البيت كان مليئا بالزوار، سألته فيروز بكل براءة أين تجلس؟ فرد عليها متغزلاً، وقال «سمرا يا أم عيون وساع.. والتنورة النيلية.. مطرح ضيق ما بيساع.. رح حطك بعينيي»، فتبادل الثلاثة الضحك بسبب لطافة تعليق شعيب، ولكن الرحباني رأى في جملته مطلعا جميلا لأغنية قدمها مع فيروز بعدها بشهور قليلة، أما أغنية «سألوني الناس» فلم تكن في الأصل لفيروز بل كان عاصي الرحباني قد لحنها قبل وفاته لمطرب اسمه مروان محفوظ، ولكن بعد وفاته قرر شقيقه «منصور الرحباني» أن يجدد الأغنية ويغير بعض كلماتها، ولكنه طلب من «زياد الرحباني» وقتها أن يعيد صياغة لحن والده، وهنا كان أول تعاون بين فيروز وابنها الذي لم يتجاوز 15 عاماً وقتها. وقد قامت فيروز بإحياء عدد ضخم من الحفلات في الإمارات، بدأت بحفلة الشارقة 1979 ثم حفلة أبوظبي على مسرح وزارة الثقافة في 1985 وحفلات دبي 1990 و1993 و1997 و2001 و2002 و2003 وحفلة قصر الإمارات 2006 وآخرها 2008 مسرحية «صح النوم».