أسماء الحسيني (القاهرة)
يبدو أن الوضع الاقتصادي في السودان هو أكبر تحدٍ تواجهه هذه الدولة على كثرة التحديات، التي تواجهها الآن على جميع الأصعدة السياسية والأمنية والاجتماعية، هذا ما يحذر منه الآن الخبراء والاقتصاديون الذين أكدوا جميعا أن الأزمة عميقة جداً، وأن الأمل في إخراج السودان منها في ظل الأوضاع الحالية يبدو عسيراً للغاية. «الأوضاع الاقتصادية التي خلفها الرئيس المعزول عمر البشير ستسقط المجلس الانتقالي الحالي، وربما حكومات قادمة، لقد ترك خزائن السودان خاوية على عروشها» هكذا بدأ الدكتور حامد التيجاني أستاذ العلوم السياسة والاقتصاد بالجامعة الأميركية بالقاهرة حديثه، وأضاف الخبير السوداني: «هناك فجوة كبيرة بين الصادر والوارد، معدلات التضخم غير مسبوقة وصلت إلى 130% ، الثقة في النظام المصرفي السوداني تم تدميرها ، الدولار وصل إلى 80 جنيهاً سودانياً، وسيصل في غضون أيام إلى مائة جنيه، وهناك شح في العملة الصعبة». ويرى التيجاني أن القوى السياسية السودانية الآن منهمكة جميعاً في السياسة، والكل يتسابق على حجز مكانه في الفترة القادمة، ويهملون جميعاً قضايا الاقتصاد التي ربما تغرق البلد، ولن تقوم لها قائمة لسنوات»، ويرى أن معالجة الوضع الحالي تحتاج إلى تسوية مع المجتمع الدولي بكل أشكاله، وإلى قروض خارجية طويلة الأمد، مشيراً إلى أن البطالة في ازدياد، وأن الاستثمارات الأجنبية هربت من السودان، فضلا عن هروب أموال السودانيين إلى دول الجوار.
ويرى التيجانى أنه «في ظل الظروف الحالية لن يكون هناك حل قريب للأزمة الاقتصادية السودانية، التي ستنعكس سلباً على كل أوضاع البلد، حيث لا توجد رؤية واضحة ولا قيادة مستقرة، والسودان كله في رمال متحركة، ولن يرمى أحد أمواله في هذا البحر المتلاطم، الذي تنفق فيه الأموال على آليات الحرب، كما أن السودان في ظل العقوبات الدولية لا يعد مستوفيا لشروط البنك الدولي، ليكون مؤهلا للتعامل معه دولياً، ولابد أن يتم التعاطي مع المحكمة الدولية لإغلاق هذا الملف الذي ينعكس سلباً على أوضاع السودان»، مؤكداً أن «روشتة العلاج مُرة».
ويتفق معه الدكتور هاني رسلان رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن «السودان يعاني أوضاعاً كارثية على كل المستويات، وأن المجلس الانتقالي ربما لا يستطيع أداء مهامه، ما لم يتمكن من تحقيق حد أدنى من التوافق، وتعاون مع الخارج، حتى يتمكن من الخروج من الأزمة الاقتصادية». ويرى الدكتور محمد فايز فرحات، الخبير والمحلل السياسي، أن «العامل الاقتصادي سيكون شديد الأهمية في الوضع السوداني الراهن، وأنه في ظل الانشغال الشديد بالجوانب السياسة إذا لم تنتبه كل القوى السياسية للخطورة، التي يمر بها الوضع الاقتصادي، وأنه سيكون من الصعوبة إدارة أي عملية سياسة، وأنه إذا لم يكن هناك حد أدنى من الاطمئنان على الوضع الاقتصادي، فإن ذلك سيضاعف المخاطر على السودان في المرحلة الحالية وفي المستقبل».
والجدير بالذكر أن سوء الأحوال الاقتصادية في السودان كانت من أبرز العوامل التيى أججت الاحتجاجات في السودان في ديسمبر الماضي. ويعانى السودان صعوبات اقتصادية كبيرة منذ سنوات، تفاقمت منذ انفصال جنوبه عام 2011، الذي حرم السودان من ثلاثة أرباع إنتاجه من البترول. وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 13% من السكان في السودان يعادلون نحو 5،7 مليون سودنى يعانون من شح حاد في الأمن الغذائي . ويتجاوز الدين الخارجي للسودان 50 مليار دولار، كما تضاعف العجز الكلي في ميزان المدفوعات إلى أكثر من 25 مليار دولار، ويقدر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي نسبة البطالة بالسودان في السنوات الأخيرة إلى حوالى 20% في السنوات الأخيرة، وفى صفوف الشباب إلى 27%.