حوار ـ خديجة الكثيري:
إعلامية تجيد استخدام أدوات العمل الإعلامي بشكل متميز، الأمر الذي جعلها تنجح في كل مطبوعة إعلامية ومحطة تلفزيونية عملت بهما، وفي كل مؤتمر إعلامي أدارته أو أشرفت عليه، وفضلا عن كونها إعلامية تمارس العمل الصحافي ومديرة العلاقات الإعلامية، فهي أيضا شاعرة وكاتبة، تجيد العزف على حروف الشعر والكتابة القصصية والروائية·
إنسانة رقيقة المشاعر بالرغم من ملامحها الحادة، طيبة القلب ومشاكسة بالرغم من جدية تفكيرها، تجذب من يتعرف إليها بعفويتها وتلقائيتها وثقافتها وسعة أفقها· ولدت عائشة بوهادي عام ،1976 في ولاية مستغانم في الجزائر، لم تكمل دراستها الجامعية، على الرغم من حبها لتخصص الأدب واللغات، لأن أحد الأساتذة قال لها وقتها: 'إن مستواك في الأدب العربي أفضل من الخريجين أنفسهم'، لذلك بحثت عن العمل، ودخلت إلى بلاط صاحبة الجلالة، فعملت في جرائد محلية ثم وطنية، بالإضافة إلى كونها عضو في اتحاد الكتاب الجزائريين، وأصغر رئيسة فرع للاتحاد، صدرت لها مجموعة شعرية بعنوان 'التحليق بأجنحة الكبرياء'، وهي بصدد إصدار المجموعة القصصية الجديدة بعنوان 'حب خارج الوقت'، كما أنها شغلت العديد من الوظائف الإعلامية·
جاءت إلى الإمارات لتغطية مهرجان دبي للتسوق فسحرتها، وقررت البقاء فيها، حيث عملت في إحدى المجلات الفنية في أبوظبي ثم انتقلت إلى دبي، وتحمل - كما تقول - ولاء لهاتين الإمارتين اللتين ضاعفتا نشاطها لأنهما تسابقان الزمن في تطورهما·
في هذا الحوار تغير الدور، وبعد أن كانت عائشة بوهادي تحاور الضيوف، تحل علينا اليوم ضيفة لنحاورها·
؟ يلاحظ أنك أديبة وشاعرة وإعلامية وصحفية في نفس الوقت، فكيف كانت بدايتك الأولى؟
؟؟ لقد بدأت شاعرة حيث كنت أنشر أعمالي في الجرائد إلى أن بدأت أغطي بعض الفعاليات والأنشطة لها، ومن ثم واصلت في الصحافة المكتوبة، ومن جريدة إلى أخرى وكان آخرها جريدة الخبر الأسبوعي بالجزائر وكنت أراسل مجلة النهضة الكويتية ومجلات أخرى في فرنسا وغيرها، حتى أصبحت الكتابة تشكل العامل الأساسي في تركيبتي الشخصية وهذا ما جعلني اليوم مطلعة جيدة على مجالات عديدة في الحياة والاهتمامات الإنسانية، و تخصصي في الصحافة المكتوبة بعد ذلك لم يلغ اهتماماتي بالحركة الأدبية فقد كنت أصغر رئيسة فرع لولايتي بالغرب الجزائري لاتحاد الكتاب الجزائريين وأسست جمعية ثقافية وأنا عمري لا يتجاوز التاسعة عشرة ربيعا، وكنت أسافر كثيرا للمشاركة في الملتقيات الشعرية حتى سجلت حضورا مميزا فيها ولكن هذا لم يؤثر أبدا على عملي الصحفي لأن الحالتين عندي كتابة وإبداع ولا فاصل بينهما، فمن الطبيعي أن أوفق بينهما لأن الكتابة عندي هي الحياة، ولا يمكن أن يشعر الواحد منا بالوقت وهو يمارس عملا يحبه ويشعر أنه يجيده، وسيبرع فيه بالتأكيد، وبالفعل أحببت تنظيم المؤتمرات الصحفية ونجحت فيها أيضا لأن تعاملي الطيب مع الصحفيين جعلهم يثقون في ويساندونني ولهذا أتشجع وأمضي قدما، وقد تعودت على الإصرار ولا رجعة للوراء مهما يكن·
سبع صنايع!
؟ عملت في أكثر من مجال أدبي وإعلامي، هل تجدين نفسك محظوظة، وأنك حققت هدفك العملي في الحياة، أم أنه كما يقال (سبع صنايع والبخت ضايع)؟
؟؟ جميلة عبارة (سبع صنايع والبخت ضايع) لكنها محبطة، وأنا لا أحب الإحباط ثم إنني غرقت بعروض العمل التي تأتيني باستمرار وهذا معناه أنني محظوظة والحمد لله، ولو أتيح لي الوقت وناسبتني الظروف الحياتية لكنت قبلت كل عروض العمل هذه، ليس بسبب المكسب المادي وإنما بهدف أن أنجز كل جميل ما دمت قادرة على إنجازه إن شاء الله· أما هدفي الحقيقي فلم أحققه حتى الآن، حيث كنت أحلم بأن أصبح شاعرة ومذيعة برنامج ثقافي جاد، وأن أكون مشهورة جدا ولي إطلالة محتشمة ولي اجتهادات ثقافية يشهد لها الوسط الأدبي والإعلامي ولكن هذا كله تبدد على صخرة الواقع، فلا التلفزيونات تساعد المذيعة الجادة ولا عاد للشعر الفصيح حضوره السابق، ويكفي أن تكون مذيعة اليوم متحررة و بلهاء لتقبلها كل التلفزيونات، فهل يعقل أن أبقى محتفظة بحلم كان لا بد أن تنهيه جديتي وثقافتي! لقد تبددت أحلامي البريئة لهذا أغرق نفسي في شتى ألوان العمل·
معاناة من نوع خاص
؟ هل تتساوى المرأة العاملة في أي مجال آخر، مع المرأة الإعلامية بشكل خاص، وبرأيك ما الهموم والمشاكل التي تعاني منها المرأة الإعلامية والصحفية بالتحديد؟
؟؟ أعتقد أن كل امرأة أياً كان مجال عملها تكافح لإثبات وجودها أو من أجل رسالة تؤمن بها، لكن تبقى معاناة الإعلامية أكثر ، ويجب أن لا تقارن بالمرأة العاملة في أي مجال مختلف، لأن الإعلامية وخاصة الصحفية، تبذل جهدا مضاعفاً أو تحارب على جبهتين كما يقال، في عملها وفي محاربة من يصعب عليهم استيعاب ما تقوم به، من هنا تبدو معاناتها مزدوجة، ويكفي أنه لا فرق لديها بين الليل والنهار وأنها تمارس المهنة عن حب وليس من أجل المكسب المادي فقط - وخليها على الله -، المرأة الإعلامية تعيش بمبدأ من أراد الورد فليصبر على الأشواك وهذه المهنة الساحرة لا تترك صاحبها بسهولة أبدا حتى لو حاول هو تركها، لذلك أرى أن واقع العرف والعادات والتقاليد المجتمعية البالية، والنظرة التي تميز بين المرأة والرجل هي العائق الجوهري الذي تعاني منه المرأة الإعلامية والصحفية بشكل خاص·
تمييز
؟ ولكن ألا تتفقين مع الرأي القائل أن المرأة الإعلامية أقل حظا في تولي المناصب القيادية والحصول على فرص التميز في مجالها، وأنها دائما خلف الرجل الإعلامي؟
؟؟ (تقاطعني مؤيدة)··· بالفعل هذا ما يحدث في كثير من المؤسسات الإعلامية، وليس على مستوى الخليج فقط، وإنما يسري ذلك حتى في الوطن العربي، فالمرأة المذيعة مطالبة بالعمل كمذيعة لبرامج المنوعات الخفيفة، والبرامج البسيطة إن لم تكن 'التافهة والسطحية'، ويتم تقييمها حسب الشكل وكم الغنج والميوعة التي تظهره عبر الشاشة، أما المرأة الصحفية فتطالب بالركض وراء الأخبار العادية التي لا إثارة فيها ولا تميز، ويكفي عليها أن تتابع الفنانين وغير ذلك من المواضيع البسيطة، في حين يترك للرجل الإعلامي الذي يعمل في الإعلام المرئي تقديم وإعداد البرامج في المجالات السياسية والاقتصادية، والكتابة في القضايا الحساسة والفاصلة، والأخير هو من يحصل على الترقيات، وهو من يكلف بالمهمات الصعبة والمهمة، بل أن بعض المؤسسات الإعلامية ترفع شعار أن هذه المهمات للرجال فقط·
؟ وما العمل لتصحيح هذه النظرة، ولتأخذ المرأة الإعلامية حقها في التميز؟
؟؟ أعتقد أن على الإدارات العليا في هذه المؤسسات الإعلامية إعادة النظر في تعاملها مع الإعلامية، وإعطائها الثقة في العمل، والحق في الحصول على التميز، كما أن على بعض الإعلاميات الدخيلات على المهنة إعادة النظر في البقاء في هذا الحقل السامي، وعلى بعض الإعلاميات المتكاسلات الوقوف بشدة وبحزم ومواجهة كل الصعاب، وعدم تقديم التنازلات في مجال العمل، مهما كان الثمن، هذا فضلا عن أهمية ممارسة العمل الإعلامي ليس من دافع السعي وراء المادة أو الشهرة، بقدر أهمية الإحساس بأهمية الرسالة الإعلامية، ومتعة العمل الإعلامي بشكل عام·
موسيقى ورفاهية
؟ تعملين حاليا في قناة سيتروس، وهي قناة تعنى بتعريف المشاهد بكماليات الحياة المختلفة فنياً وتقنياً، فما هي الفائدة الحقيقية التي تعود على المشاهد من مثل هكذا قناة؟
؟؟ قناة (سيتروس) تعنى بالرفاهية، وهي موجهة للمشاهد الذي تعنيه الحياة العصرية بما وصلت إليه من تطورات، ومن خلال القناة يمكن للمهتمين شراء كل ما يرونه ويعجبون به، سواء خيول أو يخوت أو عقارات حول العالم، ثم هناك السيارات الفخمة والماركات العالمية من المواد التجميلية التي تهم المرأة، وكل جديد على منطقة الخليج، والجديد والجميل في الأمر، هو أن اقتناء تلك المنتجات حصريا على قناة (سيتروس)· وقد رأيت أن المجتمع الخليجي من أكثر المجتمعات عناية بالرفاهية، لذلك آمنت بأفكار أصحاب القناة الأجانب وروجت للقناة إعلاميا حتى أصبحت الأشهر في مدينة دبي للإعلام، وحققت مساحة مشاهدة معقولة جدا خلال شهرين من انطلاقها، أما جدوى وجود هذه القناة، فأعتقد أنه مهم، لأن هناك قنوات تجارية تعنى بالترويج عن منتجات وأدوات كثيرة للجسم والمستحضرات، وتنوه عند وجودها لدى محال بيع خاصة، أما نحن فمنتجاتنا حصرية وتباع عن طريق القناة عبر إدارة بيع متميزة ومضمونة وتخضع لترتيب خاص، وهذا ما يلبي احتياجات المشاهد، ويجلب له العالم العصري إلى بيته، أما التجارة الإلكترونية فيجمع الجميع على أنها غير مضمونة بشكل كبير·
؟ وماذا عن قناة (الميوزك بلاس) التي عملت بها قبل ذلك؟
؟؟ عملي في المحطات والقنوات التلفزيونية، كان خطوة أقبلت عليها بكل شجاعة ووفقت بها، ولأجلها تركت إلى حد ما تخصصي في الصحافة الفنية والموسيقية، وأعترف أنني في فترة عملي لقناة (ميوزك بلاس) الموسيقية شعرت بولاء لها، وما زلت أحبها وأتابع أخبارها، وربما لهذا السبب نجحت في الترويج للقناة في وقت قياسي، كما شاركت في العمل بها ميدانيا، عندما قمت بتغطية مهرجان الدوحة الغنائي في دورته السادسة، بعد أن كنت أغطيه للصحافة المكتوبة فقط، كما أنني قمت بتنظيم وترتيب فعاليات ومؤتمرات فنية كثيرة، شهد لها الجميع بالنجاح·
شهادة أعتز بها
؟ حسنٌ، جميع من عملوا معك يقولون أنك نشيطة في العمل، وأنك تديرين مجال العلاقات العامة والمؤتمرات الإعلامية بشكل ناجح ومميز، فما هو سر ذلك؟
؟؟ هذه شهادة أعتز بها، فأنا أحب إتقان كل عمل أقوم به، وهذا سر نجاحي والحمد لله، وأتصور أن علاقاتي الطيبة أيضا تشجعني على نجاح مؤتمراتي التي أنظمها حتى أنه قيل لي أن المؤتمر الصحافي الذي نظمته للفنان عيضه المنهالي بمناسبة إطلاق ألبومه الأخير 'مالك عذر' كان أنجح من مؤتمرات شركة روتانا لمطربيها، وأيضا نجاح مؤتمر إطلاق قناة سيتروس شجعني على تنظيم المؤتمرات الصحفية بشكل محترف، وأظن أن الصدق ضروري لنجاح أي عمل نقوم به·
؟ لك علاقة جيدة مع شعراء وشاعرات الإمارات الشعبيين، فمن يعجبك منهم؟
؟؟ يسحرني الشعر الشعبي الخليجي، وهناك أسماء كثيرة تأسرني قصائدها، وتعجبني كتابات الشاعر الإماراتي معالي علي بن سالم الكعبي والشاعرة الإماراتية مطلع الشمس، والشاعر الشاب المتميز الشيخ هزاع بن سلطان آل نهيان لتجربته الشعرية المتفردة، ، ولن أنسى الشاعر الأمير السعودي سعود بن عبد الله الذي حضرت إحدى أمسياته لأعجب أكثر بكتاباته، وكثيرين آخرين لا يتسع المقام لذكرهم جميعا·