الجزائر(الاتحاد)
عرف عبد القادر بن صالح دائماً في الأوساط السياسية الجزائرية بالرجل الثاني، فهو كان دستوريا يحتل المركز الثاني في هرم السلطة، بعد الرئيس، بوصفه رئيس مجلس الأمة، الغرفة الأولى في البرلمان منذ عام 2002، كما كان الممثل الخاص للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى مختلف المؤتمرات الإقليمية والدولية منذ عام 2013، عقب إصابة بوتفليقة بوعكة صحية.
وأمس أعلن البرلمان الجزائري نقل ابن صالح إلى منصب الرجل الأول ولو لمدة 90 يوما، بتولية الرئاسة المؤقتة للبلاد ليكون هو ثاني من يتولى هذا المنصب في الجزائر، بعد رابح بيطاط الذي شغل منصب الرئيس المؤقت عقب وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين عام 1978. وتنص المادة 102 من الدستور الجزائري على أنه «في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية.
وتبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان الذي يجتمع وجوباً ويتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدّة أقصاها 90 يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية ولا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية». ومن المتوقع أن يثير تعيين ابن صالح رئيسا مؤقتا غضب الشارع الجزائري، وخاصة الحراك الشعبي الذي يراه أحد رموز نظام بوتفليقة ويطالب برحيله.
ولد ابن صالح في ولاية تلمسان (شمال غربي الجزائر) في علم 1941، وفي سنة 1959، التحق بصفوف جيش التحرير الوطني الجزائري انطلاقا من المغرب، وانتقل إلى قاعدة جيش التحرير الوطني (بزغنغن) حيث تم تدريبه للعمل كمحافظ سياسي، وهي المهمة التي كلف بها في الولاية الخامسة حتى الاستقلال. وفي 1962، وبطلب منه، تم تسريحه من جيش التحرير الوطني، حيث التحق بكلية الحقوق بجامعة دمشق التي حصل منها على درجة الليسانس قبل أن يعمل صحفياً بجريدة الشعب عام 1967، ثم في الفترة بين عامي 1968، و1970 عمل مراسلا ومديرا لمكتب الشرق الأوسط لمجلة «المجاهد»(الأسبوعية) وجريدة»الجمهورية»(اليومية)، وقد ساهم بكتاباته وتحاليله في العديد من الجرائد والمجلات العربية.
وبين عامي 1970 و1974، عمل ابن صالح مديرا للمركز الجزائري للإعلام والثقافة ببيروت حيث أشرف على إصدار مجلة «الجزائر: أحداث ووثائق»، قبل أن يعمل مديرا عاما للجريدة اليومية «الشعب»، حتى عام 1977، وهو نفس العام الذي انتخب فيه نائبا بالبرلمان عن ولاية تلمسان (دائرة ندرومة)، لثلات دورات متتالية (15 سنة)، كما تولى مسؤولية رئاسة لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأدنى في البرلمان) لمدة 10 سنوات. وفي عام 1989 عين عبد القادر بن صالح سفيراً للجزائر في السعودية وممثلا دائما لدى منظمة التعاون الإسلامي بجدة، ثم أصبح ناطقا باسم الخارجية الجزائرية عام 1993.
وفي أكتوبر 1993 عين ابن صالح عضوا وناطقا رسميا «للجنة الحوار الوطني» التي قادت الحوار والتشاور بين مختلف القوى السياسية وممثلي المجتمع المدني، وأعدت ندوة الوفاق المدني في فبراير 1994 التي انبثقت عنها أرضية الوفاق الوطني التي قامت بموجبها هيئات المرحلة الانتقالية في مرحلة الأزمة التي واجهت الجزائر في ذلك الوقت وعقب تأسيس المجلس الوطني الانتقالي في مايو 1994 انتخب عبد القادر بن صالح رئيسا له.
وفي فبراير 1997 كان ابن صالح أحد مؤسسي حزب التجمع الديمقراطي وانتخب رئيسا له، ليقود حزبه الجديد في الانتخابات التشريعية التعددية التي جرت في يونيو من نفس العام وانتخب نائباً عن ولاية وهران، ثم انتخب رئيسا للمجلس الشعبي الوطني في أول مجلس تعددي في نفس العام.
وكان لعبد القادر ابن صالح نشاط سياسي برلماني ملحوظ عربيا وأفريقيا ودوليا، أدى لانتخابه رئيسا للاتحاد البرلماني العربي بين عامي 2000 و2002.
وفي عام 2002 أعيد انتخابه نائباً عن ولاية وهران بالمجلس الشعبي الوطني، قبل أن يعينه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في مجلس الأمة (الغرفة الأعلى في البرلمان) ضمن الثلث الرئاسي لينتخب رئيسا للمجلس الأمر الذي جعله الرجل الثاني في الدولة.
وفي يناير 2004 أعيد انتخاب ابن صالح بالإجماع رئيساً لمجلس الأمة، وفي نوفمبر من نفس العام انتخب رئيسا للاتحاد البرلماني الأفريقي. وفي 2007، انتخب ابن صالح للمرة الثالثة بالإجماع رئيساً لمجلس الأمة، وهو ما تكرر في 2010 و2013 و2016 و2019. وفي أبريل 2011 عين بوتفليقة، عبد القادر بن صالح رئيسا لهيئة المشاورات الوطنية، وهي اللجنة التي تولت قيادة المشاورات مع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية وأيضا الشخصيات الوطنية، لتنتهي إلى إصدار تقرير انبثقت منه نصوص إصلاحية مهمة.
وبين عامي 2013 و2015 تولى ابن صالح الأمانة العامة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (الأرندي)، ثاني أكبر الأحزاب الجزائرية. وخلال توليه منصب رئيس مجلس الأمة مثل عبد القادر بن صالح بلاده في العديد من القمم والمؤتمرات الدولية، نيابة عن الرئيس السابق بوتفليقة. وحصل ابن صالح على عدة أوسمة سواء في الجزائر أو خارجها ومنها وسام جيش التحرير الوطني، ووسام الاستحقاق الوطني كما حصل على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة شونغ نام ثاني أكبر جامعة في كوريا الجنوبية.