السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصة يوكا وغوانتانامو

19 مايو 2008 03:54
ما هي القواسم المشتركة بين جبل يوكا وخليج غوانتانامو؟ بداية، وهذه بديهية، كليهما اسم إسباني· ثم إنهما ليسا مكاناً رائعاً لقضاء العطلة، وهما معاً خاضعان لسيطرة الحكومة الأميركية· أضف إلى ذلك أنهما موضع صراعات تريد أطرافها الفوز بها· فجبل يوكا مكان تقول الحكومة الأميركية إنها تريد الاحتفاظ فيه بالنفايات النووية، إلى أن توجد طريقة أفضل للتعاطي معها ومعالجتها· وخليج غوانتانامو هو المكان الذي تعتقل فيه الحكومة نفسها أشخاصاً ''خطيرين'' (المقاتلين الأعداء) إلى أن توجد كذلك طريقة أفضل للتعامل معهم· والواقع أن الانتصار في الحرب ضد تغير المناخ يكاد يكون مستحيلاً بدون الطاقة النووية، ذلك أنه حتى إذا حوَّلنا أهم المناطق المنتجة للحبوب في أميركا إلى حقول للذرة بهدف استعمالها في إنتاج الإيثانول، فسنظل مع ذلك بعيدين عن هدف تقليص انبعاثات غاز الكربون الأميركية بنسبة 80%· وهو أمر يصبح مفهوماً حين نعلم أن دراسة حديثة لـ''معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا'' وجدت أنه حتى المشرد في أميركا ينتج من الغازات المسببة للاحتباس الحراري ضعف المعدل العالمي للفرد· بالمقابل، يمكن للطاقة النووية النظيفة والفعالة والآمنة أن تساهم كثيراً في تقليص انبعاثات الكربون حين تحل محل محطات الطاقة العاملة بالفحم أو الغاز· كما أن من شأنها أن تعزز ''الاستقلال الطاقي'' لأميركا، وهي عبارة يلجأ إليها نشطاء البيئة لحشد دعم الأميركيين الذين لا يتأثرون بتكتيكات التخويف بشأن المناخ· هل يمثل ذلك حلاً مناسباً؟ كلاّ، غير أن توسيع البنى التحتية الخاصة بالطاقة النووية في بلادنا يقع بكل تأكيد في مقدمة قائمة الخيارات بالنسبة لأي شخص يقصد ما يقوله حين يعتبر أن علينا فعل ''كل ما بوسعنا'' لوقف ارتفاع حرارة الأرض· بيد أن إنتاج الطاقة النووية يخلف نفايات مشعة؛ وبالتالي علينا إيجاد مكان آمن لتخزينها· والواقع أن جبل يوكا في صحراء نيفادا واحد من هذه الأمكنة، غير أن نشطاء البيئة المناوئين لـ''النووي'' يناضلون ضد فتحه، وذلك لأسباب أهمها أن التوفر على مستودع آمن للنفايات سيجعل الطاقة النووية أكثر جاذبية· وعلى غرار خليج غوانتانامو، تقال أشياء كثيرة عن جبل يوكا تجانب الحقيقة، حيث يُوصف الأخير بأنه غير آمن، والحال أن أكبر عيب فيه هو أن مصممي مستودعاته لا يمكنهم الجزم بأنه في حال نبش أحد المارة هناك بعد 10000 سنة، لن يتعرض لإشعاعات ضارة· وعلى نفس المنوال، يتم الربط بين غوانتانامو والغضب المشروع حول سوء معاملة المعتقلين في أبوغريب، ومواضيع أخرى مثل رحلات التعذيب ومواقع الـ''سي آي إي'' السوداء· غير أن آندرو ماكرثي، المدعي العام المساعد الذي تابع قضائياً منفذي الهجوم الأول على مركز التجارة العالمي، يجادل في مقالة له في العدد الأخير من مجلة ''ناشيونال ريفيو''، بأن غوانتانامو ''ربما يكون السجن الأكثر خضوعاً للمراقبة والتمحيص في العصر الحديث''، ويضيف قائلاً ''إنه أيضاً من بين أكثر المعتقلات إنسانية حيث تقدَّم الوجبات الحلال، وتوجد مكتبة ثرية، ومرافق للترفيه والتسلية، وأوقات للصلاة، وجنود يرتدون قفازات بيضاء يقدمون لكل معتقل نسخة من القرآن الكريم''· ومهما يكن، فإن غوانتانامو سيُغلق قريباً، وهو أمر يريده الرئيس بوش نفسه· لكن اللافت أن الأصوات ترتفع في أروقة الكونجرس للتنديد بفظاعات غوانتانامو المزعومة، بينما يطبق الصمت حين يتعلق الأمر بإيجاد بدائل جدية· وعلى نفس المنوال، يتم الاستخفاف بجبل يوكا ويوصف بالمشروع المكلف والفاشل من قبل الساسة أنفسهم الذين يريدون استثمار المليارات في الإيثانول والطاقة الشمسية· إن يوكا وغوانتانامو نسختان لقصة واحدة؛ فالنخب السياسية تعلن عن التزامها الكامل بنهاية مرغوبة، لكنها عاجزة ومتخاذلة عن توفير الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك الهدف· جونا جولدبرج محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©