4 يوليو 2009 01:46
تألق على خشبة المسرح، شدّ انتباه الأطفال لمتابعة ما يقوله وما ينصح به، يقدم نتاجه الفني والمعرفي والتوعوي في قالب مرح ومحبب لهم، فمن يتابعه لا يكل ولا يمل، تغص جنبات المسرح المفتوح المثبت في عمق أحد المراكز التجارية بالأطفال وأولياء الأمور للاستمتاع والاستماع لنصائح قد يصعب على الآباء تقديمها للأطفال ويصعب على الأبناء استساغتها في بعض الأحيان، لكن على لسان الفنان جاسم عبيد، بطل شخصية «الدبدوب» يستمعون إليها بطريقة لبقة يستوعبها الأولاد وبشكل جيد.
منذ أكثر من ثلاثين سنة اشتهر بشخصية الدبدوب التي لا تفارقه أينما حل وارتحل، عشقها ومرّر من خلالها رسائل في الحياة، تتذكرها أجيال تخرجت على أيدي جاسم عبيد.. ومؤخرا كان يصول على الخشبة خلال الأيام التوعوية بمضار المخدرات التي ينظمها «مركز الدعم الاجتماعي» في شرطة أبوظبي، تحت شعار «نعم للرياضة لا للمخدرات».
بدايات أولى
يقول عبيد: ترجع بداياتي الأولى التلفزيون أبوظبي في عام 1975 حيث بدأت كممثل، ثم بعد ذلك تقمصت شخصية «الدبدوب» وبدأت بتمثيل أدوار خفيفة وثانوية بحيث كانت الحاجة ماسة آنذاك لشاب يؤدي هذه الأدوار، فعرضت علي شخصية «الدبدوب» فيما بعد، وكان ذلك سنة 1976 ومن ثم بدأت برامج الأطفال، بعدها تعينت في تلفزيون أبوظبي فأصبحت موظفا، واقتربت أكثر من مجال عملي، حينها بدأت موهبتي تتفتق بحيث عملت معد برامج ومساعد مخرج ومخرجا، وأحببت عملي وعشقته كثيرا وأعطيته من جهدي الكثير فتميزت والحمد لله، ومنذ عام 1983 وإلى عام 1993 أصبحت مسؤولا عن برامج الأطفال». يستعيد ذكرياته ويضيف: «كنت أعدّ وأقدم هذه البرامج وأستعين بأشخاص آخرين في ميدان إعداد برامج الأطفال، وبطلاب المدارس المتميزين الذين أصبحوا يقدمون فقرات في البرنامج الذي أشرف عليه (تخرج على يديه كثير من الطلبة كان البرنامج يصقل مهاراتهم) وأذكر من بينهم موهبة فذة وهي دكتورة قلب وسكري بمستشفى خليفة اسمها أمنيات الهاجري، حيث كبرت في أحضان هذا البرنامج الذي علمها الجرأة وحب التميز والخلق والإبداع، وأثر ذلك بشكل ملحوظ على دراستها بحيث كانت من الأوائل على مستوى الدولة، وبهذا فالأنشطة الموازية تصقل المهارات، وهناك آخرون منهم من كمل مشوار الدراسة وتألق ومنهم من انسحب في بداية الطريق». ثمة برامج كثيرة أدارها جاسم عبيد وأشرف عليها، يقول في ذلك: «أدرت عدة برامج مثل عالم الطفولة ودنيا الطفولة، وكثير هي البرامج الموسمية التي كانت تقام احتفاليا ببعض المناسبات كأسبوع المرور تحت شعار «غلطة الشاطر» وبرامج كثيرة بمناسبة الأعياد الدينية والوطنية، كما شاركت في مناسبات تخص الأطفال كاحتفالات المدارس، وأيام الشارقة للطفولة وأيام الطفولة في المجمع الثقافي، كما نقوم بأنشطة في ختام العام الدراسي، وخاصة في «منطقة أبوظبي التعليمية» بحيث نساهم في إحياء الحفل ثم نأخذ بعض الفقرات ونذيعها». ويعتبر عبيد مخرجا مسرحيا وإذاعيا وتلفزيونيا كما غنى للأطفال، وكلها أعمال لا تخلوا من رسائل توجيهية للأطفال، لكن كان أبرزها شخصية «الدبدوب» التي مثلها لمدة تفوق 30 سنة، يقول عن ذلك: «لم أعرف كيف كانت البداية، توحدت مع هذه الشخصية إلى درجة لم أعد أعرف من اختار الثاني، أنا من اخترتها عن طواعية أم هي من اختارتني ولبستني قبل أن ألبسها، وما أعرفه هو أنني أعشق هذه الشخصية، فهي من حببت في الأطفال، بل هي من أحبها الأطفال، وساعدتني كثيرا هذه الشخصية في توصيل كثير من الرسائل التوعوية للأطفال، بحيث نمرر ما يصعب علينا توجيهه بشكل مباشر للأطفال، فمثلا عندما نتحدث عن عدم جلوس الأطفال في الأماكن الأمامية للسيارة، فالطفل لا يستوعب ذلك مهما حذرته، أما عندما يتحدث عن ذلك الدبدوب فإن الطفل يتجاوب بسرعة فائقة، وهنا أقول بأنه مهما وصلت من تقنيات في التلفزيون وبرامج فتبقى للمسرح نكهة خاصة، وفي كثير من الأحيان يطلب منا الآباء تمرير بعض الرسائل التي تكون عصية على إيصالها للأطفال، وهكذا تكون شخصية الدبدوب مساعدة للأهل على التربية، كما أنصح هنا الآباء بمحاورة الأطفال عن طريق الدمى عند أي موقف شجار بين الإخوة ويستدعي الموقف تدخل الأم مثلا فإنها تتدخل عن طريق التمثيل بالدمى يسهل عليها الأمر بحيث يستمتع الأطفال وتوصل معنى التسامح وقيمة الاعتذار، وهكذا يستوعب الطفل بسرعة فائقة». ويروي قصة مفادها: «يثق الصغار في دبدوب، فذات مرة كنا نتحدث عن أهمية الفطور ويصعب على الآباء إقناع أبنائهم بذلك لكن عندما قام الدبدوب داخل إحدى المدارس بدور الطفل الذي لم يتناول فطوره فسقط من فرط التعب والجوع في ساحة المدرسة فتساءل الأطفال عن السبب فكان الجواب أنه لم يتناول فطوره قبل الذهاب إلى المدرسة، من خلال هذا المشهد اتصل فينا كثير من الآباء ينوهون بما قمنا به لإقناع الأطفال بتناول وجبة الفطور».
أطفال الأمس واليوم
تتاح لأطفال اليوم المعلومة بطريقة سهلة وبسيطة -بحسب عبيد- وبالتالي فأطفال اليوم هم المحظوظون من جهة سهولة الوصول للمعلومة، لكن خوفا عليهم من هذه التكنولوجيا التي قد تضرهم كثيرا يجب المراقبة من طرف الآباء لتحصين أبنائهم من الاستعمالات الخاطئة لبعض الألعاب والمواقع التي تخرب الأخلاق، والأفكار على حد سواء، ولا نستثني بعض المواد عن الأخرى ونقول أن هذا جيد والآخر رديء فما يجب فقط المراقبة وتبقى كل الفنون مكملة لبعضها من مسرح وتلفزيون، ونعلم الطفل كيف يستفيد من التلفزيون مثلا ككتابة تقرير عن برنامج ما أو كتابة ملخص لقصة ما وهكذا ننمي في الطفل حب الكتابة.
المصدر: أبوظبي