6 مارس 2011 21:03
ما أروع أن يكون المرء أباً أو أماً، وما أجمل أن يجربا متعة الأبوة والأمومة. لكن هذه المتعة والروعة هي رهان لا يتحقق للجميع، بل فقط للآباء الذين يفقهون أولويات التربية ويعرفون كيف يرتبونها. فتحديات تنشئة الأطفال لا تقف عند حد أو تثبت على حال، بل إنها تتجدد باستمرار، وكلما ظن المرء أنه بلغ المرام وحقق المُراد أو توصل إلى وصفة سحرية شبه ثابتة، صادفته عقبات تقلب ما وضعه من أولويات رأساً على عقب وتجعله يبدو حيرانا آسفاً، يضرب أخماساً في أسداس ويتساءل ما الذي يجب عليه فعله!
يقول خبراء التربية إن أول خطأ يقع فيه الآباء هو الميل إلى تعريف النجاح في كل شيء بطريقة بدائية، وليس بمقاييس مختلفة نابعة من دروس حياتنا اليومية. أما الخطأ الثاني، فيتمثل في تركيزهم على بذل جهود أكبر للمذاكرة والمراجعة مع الطفل وتحضيره للمدرسة، وبذل أقل القليل لتحضير الطفل لولوج غمار الحياة. ويوصي الخبراء التربويون كل أم أن تأخذ نفساً عميقاً كلما راودتها مشاعر الاستياءً أو اليأس أو الحيرة حُيال تربية ابنها، ثم إعادة ترتيب أولوياتها التربوية ومراجعة مقارباتها التربوية. وهناك خمسة أهداف أساسية تساعد الأمهات إلى حد ما على تنشئة أطفالهن تنشئة سليمة وهي:
? علاقتك بطفلك
أنت الأكثر تأثيراً في حياة طفلك. وبدون وجود علاقة متينة وقوية بينك وبين طفلك، لن تجدي أياً من أولوياتك النظرية قابلةً للتطبيق. فالأطفال الأسوياء لديهم علاقات قوية قائمة على الاحترام المتبادل مع آبائهم. والأم التي تنجح عادةً في ترسيخ هذا النوع من العلاقات تنأى بنفسها عن لعب دور الضابط الذي يحسب أنفاس الطفل أو الرقيب الذي يرقب عدد حركاته وسكناته، أو مصادقته لدرجة التصابي وما يُلازمه من رسائل خاطئة للطفل. ويمكنك عوضاً عن ذلك أن تضعي حدوداً معقولة لتصرفات الطفل، مع الاستمرار في إغداق دفقات الحنان والحب عليه. وهذه الفئة من الأمهات تنظر إلى الحدود والقيود بهدوء، وتُلقن الأطفال ما يحتاجون إلى التزود به من قيم بالحب، وليس من منطلق الخوف مما إذا كان الطفل سيحسن التصرف في كل ما يقوم به أو يتخذ دوماً القرار الصائب.
? قلب طفلك
الشعور بالأمان والحنان والشجاعة هي مظاهر تدفع طفلك إلى ترجمة القيم الراسخة في ذهنه إلى أفعال وممارسات. وأي قيم بدون عاطفة هي قيم عديمة الجدوى. فاحرصي على تشجيع ابنك على التفاعل والتجاوب مع مختلف ما يصادفه من مواقف حياتية بإقبال، وتابعي ما يقوم به بهدوء وخططي لمستقبله على المدى البعيد، وتعاملي معه انطلاقاً مما تريدينه أن يكون عند بلوغ الأربعين من العمر وليس العشرين. فدورك هو تكوين رجل مسؤول وامرأة مثالية ومن ثم تعبيد الطريق لمستقبل أحفادك ورسم ملامح الأجيال القادمة.
? هوية ابنك
بدل محاولة السيطرة على ابنك، علميه كيفية السيطرة على نفسه. وهذا يحتاج من الطفل تطوير قيم خاصة به. فإذا عُرض مشروب كحولي على الطفل الذي تلقى تنشئةً غير صحية، فإنه يجيبك «لا، شكراً، لا يمكنني شرابه، فأبي قد يقتلني إذا علم بالأمر». أما الطفل قوي الشخصية والذي تلقى تربيةً سليمةً سويةً فإن رده على العرض ذاته يكون مختلفاً، إذ سيجيب إجابةً مثل «لا شكراً، أنا لا أتناول هذه المشروبات». ولذلك فإن زرع قيم إيجابية في نفوس الأطفال يتم عبر السماح لهم باستكشاف أنفسهم والتعبير عن ذواتهم بالطريقة التي يريدونها. فحاولي تشجيع طفلك على اتخاذ القرارات بنفسه بما يعكس إرادته الحقيقية دون أن تعكس تأثراً بهذا الطرف أو ذاك، سواءً تعلق الأمر بمظهره أو اهتماماته أو رغباته- طبعاً بما يتناسب مع سنه.
? نجاح طفلك الأكاديمي
ابذلي ما في وسعك لتحفيز ابنك على تحصيل أعلى العلامات والدرجات، لكن اعلمي أن معاملة ابنك بطريقة فيها تعذيب نفسي أو إيذاء للتميز في تحصيله الدراسي تكون لها عواقب مدمرة على شخصيته. ركزي على النجاحات الأكاديمية التي تناسب ميول ابنك أو ابنتك. وتذكري أن مظاهر التميز لا تقتصر على نيل أعلى العلامات، بل تشمل مناحي أخرى قد تفوق في أهميتها حتى التميز الدراسي. وعوضاً أن تعاقبي ابنك على عدم نيله المرتبة الأولى في صفه بحرمانه من ممارسة هواياته، شجعيه على أن يبذل المزيد وأن يكون نفسه في كل ما يفعله، ويمارس ما يهواه بإتقان وجودة.
? أنشطة طفلك
الرياضة والموسيقى وبرامج الترفيه الهادفة هي أشياء رائعة ومفيدة للنمو الصحي السليم لطفلك، لكن شرط أن تكون جرعات هذه الأنشطة معقولة وأن تبقى في إطار المعقول ولا تصل لدرجة الإدمان. فكل طفل هو مميز وله شخصية فريدة من نوعها. ولذلك فإنه من الطبيعي أن يميل إلى نشاط دون آخر وإبداء حماسة أكثر فيه. ويبقى دورك هو مساعدته على توزيع طاقاته لممارسة ما يروقه من أنشطة وأداء واجباته بالشكل المطلوب حتى ينشأ شخصاً مسؤولاً يعطي لكل شيء حقه.
عن موقع «lifestyle.msn.com”
ترجمة: هشام أحناش
المصدر: أبوظبي