السيد حسن (الفجيرة)
تخطو إمارة الفجيرة خطوات سريعة نحو التطور الاقتصادي الشامل، وباتت محط أنظار العالم في المجالات الاقتصادية كافة، لاسيما قطاع تخزين النفط ومشتقاته.
وكان الاتفاق الأخير الذي وقع في كوريا الجنوبية، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفخامة مون جاي، رئيس كوريا الجنوبية في فبراير الماضي، له دور كبير في لفت أنظار العالم لأكبر مشروع لتخزين النفط الخام تحت الأرض في إمارة الفجيرة بطاقة إجمالية تصل إلى 42 مليون برميل، ما سيكون سبباً مباشراً في انتعاش اقتصاد الإمارة، ورفده بالكثير من المقومات الاقتصادية الجديدة التي توفر مئات الوظائف، وتشييد الكثير من البنايات، وتفتح أسواق تجارية جديدة، وزيادة الطاقة التشغيلية لميناء الفجيرة البحري فيما يتصل بالأرصفة البترولية، وما سيقوم به من عمليات تصدير لجزء من هذا النفط الخام.
وتعكس الحقائق والأرقام الاقتصادية مدى التطور الكبير الذي تعيشه الفجيرة في مختلف مناحي الحياة، وما تشهده البنية التحتية من نهضة كبيرة تواكب هذا التطور الاقتصادي الهائل، وقد تبوأت الفجيرة منذ سنوات عديدة المركز الثاني على مستوى الشرق الأوسط في تزويد السفن بالوقود، حيث جاءت بعد ميناء سنغافورة، وسجل ميناء الفجيرة خلال عام 2018 ما يزيد على 14 ألف سفينة وشاحنة نفط استفاد من الخدمات اللوجستية التي يقدمها الميناء، ومن ضمنها التزود بالوقود.
مشروع «أدنوك»
ويمثل مشروع شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» بتخزين نفطها في خزانات تحت الأرض بالفجيرة علامة فارقة في اقتصاد الإمارة، وتبلغ السعة التخزينية للمشروع 42 مليون برميل من النفط الخام، وتبلغ القيمة الإجمالية للمشروع 4.4 مليار درهم.
وتقوم شركة «إس كي إنجنيرنج آند كونستركشن» الكورية المتخصصة في تخزين النفط ومشتقاته، بتشييد المشروع الذي بدأت بتنفيذ أولى مراحله خلال عام 2018، وتم إنشاء النفق الخاص بدخول المشروع ومن المقرر الانتهاء تماماً من المشروع بمراحله كافة خلال العام 2022.
وبمقتضى التعاقد بين الشركتين، ستقوم الشركة الكورية بتشييد 3 مستودعات كبيرة تحت الأرض في إمارة الفجيرة، وتبلغ السعة التخزينية لكل مستودع على حدة 14 مليون برميل، وبطاقة إجمالية 42 مليون برميل من النفط الخام.
وتعزز منشأة الفجيرة لتخزين النفط تحت الأرض مكانة الإمارات مورداً موثوقاً للنفط الخام وستوفر لأدنوك مرونة أكثر تمكنها من إدارة وتحسين الجدول الزمني لتسليم الشحنات وتدعم حضورها ومساهمتها الفاعلة في مجال التجارة والتداول، كما أنها ترسخ دور «أدنوك» ضمن أهم الشركاء بمجال التجارة والتوريد المساهمين في جهود التنمية والتطوير الهادفة إلى تعزيز مكانة إمارة الفجيرة مركزاً عالمياً لتخزين وتجارة النفط ومنتجاته.
244 مصنعاً
قال المهندس محمد بن ماجد، مدير دائرة الصناعة والاقتصاد في الفجيرة: «يشكل مشروع تخزين النفط الجديد والخاص بشركة «أدنوك»، إضافة نوعية غير مسبوقة للفجيرة، وبذلك ستتكامل جميع القطاعات النفطية والصناعية والتطويرية الأخرى، لتبرز الفجيرة، وتتبوأ مكانها الجديد بما تملكه من إمكانات هائلة».
وذكر ابن ماجد أن عدد المصانع العاملة في الصناعات التحويلية في الفجيرة بلغ 244 مصنعاً تتركز في منطقة الحيل الصناعية وأماكن أخرى داخل المدينة وفي صناعية دبا الفجيرة، ويعمل بهذه المصانع 16650 مواطناً ومقيماً، وتشمل مصانع المحاجر والأغذية والمشروبات والتبغ والنسيج والجلود والورق والطباعة وصناعة الخشب والأثاث، والصناعات الكيماوية والأدوية والبلاستيكية والمعدنية والآليات والمعدات.
صوامع الفجيرة
ومن المشاريع الرائدة في الفجيرة والتابعة لحكومة أبوظبي، مشاريع صوامع الغلال المقامة على يمين الميناء البحري، وتعد من أهم المشاريع الاستراتيجية في الأمن الغذائي.
وقال ابن ماجد «تبلغ قيمة مشروع صوامع الغلال 480 مليون درهم، ويتكون من 20 مستودعاً منها 16 لتخزين القمح، و4 لتخزين الأرز، وتم إنشاء خط مزدوج بطول 1.2 كيلو متر بهدف تحميل وتفريغ الحبوب من الصوامع إلى الميناء والعكس، ويبلغ حجم المناولة 1.2 مليون طن في العام، بينما يبلغ حجم الطاقة الإجمالية للصوامع 275 ألف طن متري.
الأرصفة البترولية
وحرصت حكومة الفجيرة ومنذ البداية على أن يقوم ميناء الفجيرة بتلبية كافة احتياجات السفن العابرة من الخدمات اللوجستية والتزود بالوقود، وشهد الميناء تطورات كبيرة على مدى سنوات للقيام بالدور المأمول في تلبية الطلب المتزايد عليه.
وقال كابتن موسى مراد، مدير ميناء الفجيرة البحري: «جرى تشييد 12 رصيفاً بترولياً بنهاية العام الماضي، منها الرصيف الأكبر والعملاق، والذي افتتحه صاحب السمو حاكم الفجيرة خلال العام 2015 ويمكن هذا الرصيف الميناء من استقبال السفن العملاقة سعة 330 ألف طن متري، أي ما يوازي 2 مليون برميل للسفينة الواحدة».
وذكر مراد أن حكومة الفجيرة تضع في خطتها أي توسعات مستقبلية قد يحتاجها قطاع النفط وعمليات التخزين والمداولة، لذا فمن الممكن إنشاء أرصفة أخرى إضافية حتى يصل العدد الإجمالي إلى 23 رصيفاً بترولياً، بما يفي بالمتطلبات المستقبلية حتى عام 2050، وتصل سعة الكميات التي تمت مناولتها عبر ميناء الفجيرة ومن خلال أرصفته الـ 12 حالياً 100 مليون طن في السنة من النفط ومشتقاته.
ولفت مدير ميناء الفجيرة البحري، إلى أن الميناء وبالاتفاق والتنسيق مع شركة «أدنوك» ستقوم الأخيرة بمد خط مباشر من الخزانات النفطية الجديدة بالميناء مباشرة، وسيقوم الخط الجديد بضخ أي كميات من النفط تقرر الشركة تصدير للخارج وفق سياستها.
وأكد أن الميناء لا يتوانى في استقطاب المزيد من الشركات العالمية العاملة في صناعة النفط ومشتقاته للعمل في الفجيرة بالتعاون مع الفجيرة للصناعات البترولية «فوز»، وتم خلال العام الماضي افتتاح أكبر شركة لصناعة وقود السفن الخالي من الرصاص، وهي شركة ألمانية تنتج ما يزيد عن 70 ألف برميل في اليوم، فضلاً عن 80 ألف برميل يتم إنتاجها يومياً من قبل شركات أخرى، وبذلك تكون كمية الإنتاج الإجمالية قد بلغت 150 ألف برميل يومياً.
10 مليارات درهم
وذكرت الإحصاءات الصادرة عن منطقة الصناعات البترولية بالفجيرة «فوز»، ارتفاع حجم الاستثمارات في منطقة الصناعات البترولية إلى 10 مليارات درهم لـ 12 شركة عالمية تعمل في صناعة النفط ومشتقاته، وتبلغ السعة الإجمالية لـ «فوز» حالياً 10 ملايين طن متري، وتخطط حكومة الفجيرة لجذب المزيد من الاستثمارات البترولية الجديدة لتبلغ خلال الأعوام القليلة المقبلة 14 مليون طن متري.
8.1 مليار درهم
من جهته، أفاد خليفة مطر الكعبي، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الفجيرة بأن قيمة البضائع التي تم تصديرها عبر موانئ الفجيرة، والتي صدرت لها شهادة منشأ من قبل الغرفة خلال 2018 بلغت 8.1 مليار درهم عن 6281 شهادة منشأ، كما بلغ عدد الرخص المسجلة 1103 رخص خلال العام 2018 ما يؤكد وجود حركة تجارية وصناعية واقتصادية نشطة في الإمارة.
وأكد الكعبي أن الفجيرة ستخطو خطوات واسعة خلال السنوات المقبلة بما تقدمه من تسهيلات تهدف إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات الكبيرة في كافة القطاعات، وعلى رأسها تخزين النفط ومشتقاته والصناعات التحويلية الأخرى.
من جانبه، قال خالد الجاسم، مدير عام غرفة تجارة وصناعة الفجيرة: «بلغ عدد المنتسبين المسجلين في غرفة التجارة خلال العام الماضي 22938 منتسباً، مرتفعاً عن العام الذي سبقه بواقع 4.6 % وهذا دليل على حركة وارتفاع عدد المستثمرين والشركات القادمة للفجيرة»، كما تم استقبال 20 وفداً اقتصادياً من مختلف دول العالم، حيث يتم الترويج للإمارة اقتصادياً وصناعياً وسياحياً، ويتم التنسيق والتعاون وخلق مجالات تفاهم وعمل بين الفعاليات الاقتصادية والمستثمرين.
التزود بالوقود
وقال الدكتور محمد سعيد الكندي، رئيس ملتقى الفجيرة الدولي للتزود بالوقود «فوجكون»: «إن الفجيرة تسابق الزمن في محاولة تلبية الطلب الكبير على وقود السفن، وأصبح ميناؤها الثاني على مستوى الشرق الأوسط في التزود بالوقود، مضيفاً «نجحنا في جذب الشركات العالمية إلى الفجيرة للاستثمار بها وللتعرف على الحركة النشطة في مجال التزود بالوقود وتكرير النفط ومناولته عبر 12 رصيفاً بحرياً».وأصبح للفجيرة من خلال المؤتمرات التي تعقدها حضور قوي في منتديات النفط العالمية، وانتعش السوق بجهود وتوجيهات الحكومة المحلية والميناء والمنطقة البترولية، وتضافر جميع الجهود من أجل خلق هذه المكانة الكبيرة، بحسب الكندي.
عدد سكان الإمارة
يبلغ عدد سكان الفجيرة، وفقاً لإحصاء العام 2017، نحو 236811 نسمة بينهم 87.629 مواطناً، و149.182 نسمة من المقيمين في الإمارة، ويبلغ عدد الذكور المواطنين 43224، وعدد الإناث المواطنات 44405 مواطنات، وعدد الذكور المقيمين 151952 مقيماً، و84859 مقيمة، ويعمل السكان في الوظائف الحكومية المحلية والاتحادية، والقليل منهم يعمل بمهنة الرعي والزراعة والصناعة، بحسب الدكتور إبراهيم سعد، مدير مركز الفجيرة للإحصاء.
7.1 مليار درهم إجمالي الاستثمارات في «حرة الفجيرة»
تسعى هيئة المنطقة الحرة في الفجيرة لاستقطاب الشركات العالمية الصناعية للاستثمار في الفجيرة، ونجحت خلال العام الماضي في الوصول برأس المال المستثمر داخلها إلى 7.1 مليار درهم، كما بلغ حجم الصادرات من المنطقة الحرة 3.25 مليار درهم، وفقاً لما أفاد به شريف العوضي مدير عام الهيئة.
وقال العوضي «تمنح هيئة المنطقة الحرة الكثير من الامتيازات للاستثمارات الأجنبية داخل المنطقة، حيث إن ملكيتها تكون 100% للأجانب، ولرؤوس الأموال الحرية في التنقل والعمل، وكذلك الأمر بالنسبة للعمالة الأجنبية، ومنح المزيد والمزيد من الامتيازات التي تهدف إلى خلق مناخ استثمار فعال في هيئة المنطقة الحرة بالفجيرة».
وذكر العوضي أن «حرة الفجيرة» تضم عشرات المصانع الكبيرة والمتوسطة، وعلى رأسها مصانع الحديد والصلب وسبك الذهب وصناعات النسيج والمعادن وإعادة التدوير والملابس وغيرها. كما نجحت «الهيئة» في استقطاب مشاريع جديدة خلال العام الماضي، حيث بلغت نسبة الارتفاع 2.8 % عن العام 2017، وتشكل أعمال الهيئة ما نسبته 70 % من حجم أعمال جمارك الفجيرة، و75% من حجم أعمال غرفة تجارة وصناعة الفجيرة.
وأشار إلى أن «الهيئة» وقعت مؤخراً اتفاقاً مع إحدى شركات الحديد والصلب لإقامة مصنع لها في المنطقة الحرة باستثمارات تبلغ 40 مليون دولار.
تلعب المنطقة الحرة دوراً أساسياً في رسم المشهد الاقتصادي لإمارة الفجيرة وفي دعم الاقتصاد المحلي من خلال توظيف الآلاف في خدمة المسيرة التنموية الطموحة والمساهمة في بناء اقتصاد تنافسي قوي ومتنوع.
ويساهم ميناء الفجيرة ومنطقة الفجيرة للصناعات البترولية (فوز) بين 30 و40% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، وإن أكثر من 70% من تجارة الإمارة تمر عبر المنطقة الحرة. ونجحت المنطقة الحرة في رفع كفاءة التخزين والمشاريع اللوجستية، والمشاريع الكبرى التي من شأنها المساهمة في تعزيز خطط التنوع الاقتصادي في الدولة وتنشيط حركة التصدير إلى الخارج.
واستفادت هيئة المنطقة الحرة في الفجيرة من المميزات التي منحتها حكومة الفجيرة من ناحية توفير الثقة والشفافية والأمان والاستقرار وارتفاع معدلات النجاح ما حداً بالمستثمرين المحليين والعرب والأجانب للاستثمار فيها.
وتوفر المنطقة بيئة حاضنة مثالية لما يزيد على 3000 شركة من 55 دولة حول العالم وخلال العام الماضي تم استقطاب نحو 100 شركة عاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية، حيث تسعى الشركات للاستفادة من الخدمات والميزات التي نقدمها ومن الموقع الجغرافي للإمارة للتوسع في المنطقة.
وتضم المنطقة الحرة عدداً من المشاريع الحيوية والعملاقة التي تشمل المعادن والنحاس والتنمية والصناعة والنسيج والقطن والطاقة الشمسية والشركات والمؤسسات المساعدة للصناعات البترولية والنفط وإعادة التكرير، بالإضافة إلى الخدمات الخاصة بالطباعة وغيرها.
بيئة تشريعية محفزة
تشهد إمارة الفجيرة نمواً مستمراً يتسم بالحداثة والسرعة في العديد من القطاعات، حيث أصدرت غرفة الفجيرة العام الماضي 6595 شهادة منشأ بلغت قيمة فواتير صادراتها أكثر من 4 مليارات درهم، فيما بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية بالإمارة 14.4 مليار درهم، وتحوز 244 منشأة صناعية تعمل برأسمال يقدر بأكثر من 10 مليارات درهم طبقاً لمركز الفجيرة للإحصاء.
وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للإمارة في نهاية العام الماضي 15.4 مليار درهم.
ويتمتع المشهد الاستثماري بالفجيرة بالمرونة من حيث التشريعات وسهولة وتبسيط الإجراءات، حيث باتت مقصداً للاستثمار في الصناعات البتروكيميائية والصناعات التحويلية فضلاً عن الاستثمار في القطاع السياحي، وتحوز الفجيرة على مكونات وموارد سياحية متميزة.
ويعيش قطاع التجارة والصناعة في إمارة الفجيرة مرحلةً مستقرة في عملية النمو، حيث إن الإمارة تمتاز ببنية تحتية حديثة تدعم المشاريع الصناعية والاقتصادية، وساعد موقعها الاستراتيجي المهم في أن تكون رائدة في العديد من الصناعات، خاصة النفطية إلى جانب العديد من المشاريع الاستثمارية في ميادين الصناعة التحويلية والخدمات والسياحة والترويج التجاري.
وإذا نظرنا إلى قيمة شهادات المنشأ للبضائع المصدرة من الفجيرة، نجد أنها بلغت أكثر من 4 مليارات درهم خلال عام 2017، ما يعكس واقع قطاع التجارة في إمارة الفجيرة، ومرونة تجار الإمارة في إيجاد وجهات جديدة وواعدة لبضائعهم وصادراتهم.